فقد ترددت كثيراً عند كتابتي لهذا الموضوع …… وطرحي لـه …. كيف سأبدأ فيه ؟ …. وكيف سيتم العرض ؟…… ليس تقليلا من شأنه … وإنما في كيفية انتقاء الكلمات المناسبة …. التي تناسب عظمة أؤلئك السبعة العظام ….. وعظمة تلك الأعمال التي أوصلتهم لتلك المنزلة العالية الشريفة …..
فكل واحد من أولئك السبعة يحتاج منا أن نقف على عملة طويلا لنسبر طريقته ….. وسعيه الحثيث للحصول على تلك المرتبة العالية …. كيف تم له ذلك ؟ وكيف اصطفاه الله وميزه لهذا العمل الإلهي ؟ سنقف أيها الأخوة والأخوات بعض الوقفات مع كل واحد من أولئك السبعة ومع تلك الأعمال السبعة واحداً واحدا …. لنأخذ منها إشارات ودلالات سريعة علها تكون حافزاً لي وللجميع على شحذ الهمم وبلوغ الغاية وصعود القمة في نيل رضى الله تعالى …. فنقول وبالله التوفيق وعليه التكلان وهو حسبنا ونعم الوكيل :
روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (( سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله …. الإمام العادل …. وشاب نشأ في عبادة الله ….. ورجل قلبه معلق بالمساجد ….. ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه ….. ورجل طلبته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله …… ورجل تصدق بصدقه فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه …… ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه ))
ما أعظم كرم الله ….. وفضله العظيم …. والآخرة (( للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين ))
إنها بشارة سباقة …. يأتي بها رسول البشرية وهادي الإنسانية محمد صلى الله عليه وسلم …. لنفر محدود من تلك البشرية الهائلة …… إنهم سبعة فقط …… وبشارتهم أعظم من بشارة الرجل العقيم الذي رزق بمولود ….. وأعظم من بشارة الرجل الغريق الذي قذف على بر الأمان …. وأعظم من بشارة الرجل الذي سيق لساحة القصاص فأتاه العفو والعتق ….. إنها بشارة الاستظلال ….. ليس تحت ظل شجرة يتقي بها من حر المصيف …. ولا في ظل كوخ يتقي به من برد الشتاء ….. إنه الاستظلال في ظل عرش رب العالمين يوم القيامة …..
ما أعظمه من موقف …. يوم يناديك الرب في ظل عرشه ….. ويبقى خلق لا يعلم عددهم إلا الله في عرقهم يتصببون ويغرقون ….. والشمس تلفح جلودهم …. ولا يدرون ما الله صانع بهم عند الحساب ….. ولا أين يساقون بعد ذلك … إلى الجنة أم إلى النار ؟
تعال معي أخي الكريم وأختي الكريمة إلى أولئك السبعة العظام واختر لنفسك مع أي منهم سيكون مكانك غذا ؟!!
الأول / الإمــام العــادل : الذي لا يحكم إلا بالحق …. ولا يظلم أحداً لأحد …. ولو كان من أعز الخلق عليه … وأحبهم إليه … يرى القوي ضعيفا حتى يأخذ الحق منه لغيره …. ويرى الضعيف قويا حتى يأخذ حقه من ظالمه كائنا من كان ….. لا يفرق بين قريب وبعيد ….. وسيد ومسود ….. قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه في إحدى خطبه لما تولى الخلافه : ( أيها الناس لقد وليت عليكم ولست بخيركم ….. فإن أحسنت فأعينوني …. وإن أسأت فقوموني ….. الصدق أمانه والكذب خيانه … والضعيف فيكم قوي عندي حتى آخذ له حقه …. والقوي ضعيف عندي حتى آخذ منه الحق إن شاء الله تعالى ….. أطيعوني ما أطعت الله ورسوله …. فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم ….. قوموا إلى صلاتكم رحمكم الله )
والإمام العادل يعتبر رعيته كأبنائه فيما لهم من العطف والحنان ….. والتربية الصالحة …. فيوجه ويعلم جاهلهم …. ويواسي فقيرهم ….. ويربي صغيرهم … ويعالج مريضهم ….. متمثلا قول الله تعالى : (( إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به إن الله كان سميعا بصيرا ))
هذه هي الولاية العامة …. وهناك الولاية والرعاية الخاصة والتي تكون في مسؤلية رب الأسرة على أهل بيته ومن هم تحت يده …. ففي الحديث الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم : (( كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته … الإمام راع ومسؤول عن رعيته … والرجل راع في بيت أهله ومسؤول عن رعيته …. والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها ……. )) الحديث وقبل ذلك يأمر الله الناس كافة بوقاية النفس والأهل من النار في قوله تعالى : (( يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا )) ….. وكل ذلك داخل في الإمامة العادلة الذي ذكرها رسول الله في الحديث السابق ….. فمن فشل في قيادة دولته الصغيرة في بيته …. فكيف له أن يقود الأمة كلها ؟!!
إذا عرفنا ذلك جيدا ….. علمنا حق اليقين كيف اصطفى الله الإمام العادل وشرفة بتلك المنزلة العظيمة ليكون في ظل الله يوم لاظل إلا ظله …..
هذا هو الصنف الأول من أولئك السبعة العظام ولنا وقفة أخرى مع الصنف الثاني وهو الشاب الذي نشأ في عبادة الله
نسأل الله أن يشملنا بلطفه وكرمه وواسع فضله ومنته وأن يجود علينا بهذه الكرامة والمنزلة الرفيعه إنه سميع مجيب
و بارك الله فيك
و جعل كل ما كتبتيه فى ميزان حسناتك
اسال الله ان يظلنا فى ظله يوم لا ظل الا ظله
نسأل الله أن يجعلنا منهم..