لقد سمعت من أحد المشايخ في الإذاعة يقول : إن كثيراً من المسلمين يخطئون في مسألة الاستخارة . وأن الاستخارة لا تكون عند الحيرة في الأمر وإنما بعد العزم على الأمر ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " إذا هم أحكم…. " أي إذا عزم على فعل أمر وأراد أن يفعله فهنا يستخير وليست الاستخارة إذا كان الشخص متحير من أمره. وإن كان متحير من أمرة فيلزمه استشارة أهل الذكر والصالحين…
فالسؤال هل هذا كلام صحيح ؟
و متى أستخير إذا أشكل علي أمر ؟ نرجو منكم الجواب الشافي . وجزاكم الله خيراً .
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
روى البخاري عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُعلمنا الاستخارة في الأمور كما يُعلمنا السورة من القرآن . يقول : إذا همّ أحدكم بالأمر ، فليركع ركعتين من غير الفريضة ، ثم ليقل :
اللهم إني أستخيرك بعلمك ، وأستقدرك بقدرتك ، وأسألك من فضلك العظيم ، فإنك تقدر ولا أقدر ، وتعلم ولا أعلم ، وأنت علاّم الغيوب . اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري – أو قال عاجل أمري وآجله – فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه ، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري – أو قال في عاجل أمري وآجله – فاصرفه عني واصرفني عنه ، واقدر لي الخير حيث كان ، ثم أرضني به . قال : ويسمي حاجته .
ويُسمي حاجته بعد قوله : اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر ( يذكر حاجته )
ويقول هذا الدعاء قبل السلام ، وإن قاله بعد السلام فلا حرج ، إذ الأمر موسّع .
ولا يُشترط أن ينام الإنسان بعد ذلك ، ولا أنه يُخالف ما كان يُريد ويهوى .
بل يمضي لما ترتاح له نفسه ، فإن كان فيه خير يسّره الله له ، وإلا صرفه عنه .
وما يجد الإنسان انشراح صدره تجاهه ، ويشعر براحة نفسه له يمضي إليه ، فإن وُفّق له وإلا فليعلم أنه صُرِف عن شر .
وفي هذا الدعاء تسليم الأمر لله وتفويضه إليه .
والاستخارة تكون إذا همّ الإنسان بأمر من الأمور ، مع أن الهـمّ دون العزم على الفعل .
وقد روى الإمام مسلم من حديث أنس رضي الله عنه قال : لما انقضت عدة زينب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لزيد : فاذكرها عليّ . قال : فانطلق زيد حتى أتاها وهي تخمر عجينها . قال : فلما رأيتها عظُمت في صدري حتى ما أستطيع أن أنظر إليها .. فوليتها ظهري ونكصت على عقبي فقلت : يا زينب أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكرك . قالت : ما أنا بصانعة شيئا حتى أوامر ربي ، فقامت إلى مسجدها .. الحديث .
مع أنها لم تسمع هذا الخبر إلا تلك اللحظة ، ومع ذلك قامت إلى مسجدها لتؤامر ربها وتستخيره .
وعندما يتردد الإنسان في أمر ما أو يتحيّر فيه فإنه يؤامر ربه ويستخيره ، فهو يقول في دعائه :
اللهم إني أستخيرك بعلمك ، وأستقدرك بقدرتك ، وأسألك من فضلك العظيم ، فإنك تقدر ولا أقدر ، وتعلم ولا أعلم ، وأنت علاّم الغيوب . اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري – أو قال عاجل أمري وآجله – فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه ، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري – أو قال في عاجل أمري وآجله – فاصرفه عني واصرفني عنه ، واقدر لي الخير حيث كان ، ثم أرضني به .
أي أنه يطلب الخِيَرة في أمره من ربِّـه تبارك وتعالى .
ولا يمنع ذلك من استشارة أهل العِلم والخير والصلاح
ولكن قد لا يجد الإنسان من يستشيره في بعض الأحيان فليس أمامه سوى الاستخارة .
والله تعالى أعلى وأعلم .