ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بـســم الله الـــرحـمــن الرحيـــــم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
السؤال : ما حكم ظهور المرأة عــلى القنوات
الفضائية لإعطاء الدروس ، كمـا يحـدث الآن
في إحدى القنوات الفضائية الإسلامية ، علماً
بأنها تكون بكامل حجابها – أي : منقبة – ؟
الجواب : الحمد لله
أولاً : القنوات الفضائية الإسـلاميــة الجـــادة
لا شـك أنها وسيلة نافعة مــن وسائل الدعوة
إلـى الله تعالى , وليست كل قناة تدعي أنهـــا
إسلامية فهي كذلك ؛ لأن منها ما تجاوز الحد
في كثرة المخالفات الشرعية ،كظهور النساء
فـي برامج مع الرجال ، والصدح بالمعازف ،
وبعــضــهـا أدخــل التمثيليات و المسلسلات
العربية ، وغير ذلك من المنكرات .
ثانياً :لا بأس أن تقوم المرأة بالدعوة إلى الله
تعالى ، والتعليم ،وتدريس القرآن ، لكن على
أن يتم ذلك في بنات جنسها ، وهناك ضوابط
ينبغي توفرها ، فلينظــر – للوقوف عليهـا –
جواب السؤال رقم : ( 117074 ) .
ثالثاً : الأصل في التصدي لتعليم أحكام الشرع
أن يكون الرجل هو المعلِّم ،لما جعل الله تعالى
له من القيام بمنصب إمامة الناس ، والقضاء
وغيـر ذلك ، ولهذا لم يرسل الله تعالى رسولاً
إلا رجلاً ، قال الله تعالى(وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ
إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِـمْ ) يوسـف /109 ، لأن
الرجـل أقدر عـلى القيام بالــدعــوة إلــى الله
وتحمل المشاق في سبيل ذلك .
وخروج المرأة على القنوات الفضائية لدعوة
عمــوم النــاس : مخـالــف للأدلة الشرعية ،
ومخالف لهدي أمهات المؤمنين وهــن خيــر
نساء الأمة ، رضي الله عنهن .
أما مخالفة ذلك للأدلة الشرعية ؛ فقد أمر الله
تعالى النساء بالبقاء في البيوت ، فقال تعالى
( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ ) الأحزاب /33، وجعـــل
النبي صلى الله عليه وسلم صلاة المرأة فــي
بيتها خيراً لها من صلاتها في مسجد الكعبة
ومسجد رسول الله صلى الله علــيه وسلــم ،
فبروزها للدعوة ليراها الملايين مخالف لذلك
فعن ابن عمر رضــي الله عنهمــا عــن النبي
صلى الله عليه وسلم قال ( لا تَمْنَعُوا نِسَاءَكُمْ
الْمَسَاجِدَ ، وَبُيُوتُهُنَّ خَيْرٌ لَهُنَّ)رواه أبو داود
(567) ، وصححه الألباني في "صحيح أبي
داود" .
قال شمس الحق العظيم آبادي رحمه الله :
( وبيوتهن خير لهـن ) : أي : صلاتهن فـــي
بيوتهن خير لهن من صلاتهن فـــي المساجد
لـو علمن ذلك , لكنهــن لــم يعلمن ، فيسألن
الخروج إلـــى المساجد ، ويعتقدن أن أجرهن
فـي المساجد أكثر ، ووجه كون صلاتهن فـي
البيوت أفضل : الأمــن مــن الفتنة , ويتـأكـد
ذلك بعد وجود ما أحدث النساء من التبرج ،
والزينة . "عون المعبود" (2/193) .
ولتطبق المــرأة ذلك عــلى تعليمها للنسـاء ،
فيكون ذلك في بيتها ،فإن لم يمكن :ففي بيت
غيرها من النساء ،ولا يكون ذلك في المسجد
لأنه مكان تجمع الرجال في الغالب ،فمن باب
أولى وأحرى ألا يكون ذلك على قناة فضائية
يراها الرجال كما تراها النساء .
ولهذا لما طلبت النساء مــن النبـي صـلى الله
عـليه وسلم يوماً يعلمهن فيه ، فواعدهن فـي
بيتٍ يأتيهن فيه ، ولم يواعدهن في المسجد !
ولهذا أنكر الشيخ الألباني رحمه الله ما تفعله
بعــض الداعيات مــن تجمـيـع النـســاء فــي
المساجد ، فكيف يكون الأمر لو كــان خروج
تلك الداعية في"مقر فضائية"يعج بالرجال؟!
فعَـنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضــي الله عنــه جَاءَ نِسْوَةٌ
إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقُلْنَ:
يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَا نَقْدِرُ عَلَيْكَ فِي مَجْلِسِكَ مِنْ
الرِّجَالِ ، فَوَاعِدْنَا مِنْكَ يَوْمًا نَأْتِيكَ فِيهِ . قَالَ :
مَوْعِدُكُنَّ بَيْتُ فُلَانٍ ، وَأَتَاهُنَّ فِــي ذَلِكَ الْيَــوْمِ
وَلِـذَلِكَ الْمَوْعِدِ . رواه أحمـد ( 12/ 313 )
وصححه الألباني في" السلسلة الصحيحة"
(2680) .
قال الشيخ الألباني رحمه الله :
" وأمَّا مـا شـاع هـنـا فـي دمشق فــي الآونة
الأخيرة من ارتياد النساء للمساجد في أوقات
معيـنـة ليسمَعْن درســاً مــن إحداهن ، ممــن
يتسمَّون بـ " الداعيات " زعمن ! : فذلك من
الأمور المحدثة ، التـي لم تكن في عهد النبي
صـلى الله عليه وسلم ، ولا في عهد السلــف
الصالح ، وإنما المعهود أن يتولــى تعليمهن
العلماء الصالحون ،في مكان خاص ،كما في
هــذا الحـديــث ، أو فـي درس الرجال حجزة
عنــهـم فـي المسجد إذا أمكــن ، وإلا غلبهن
الرجال ،ولم يتمكنَّ من العلم ،والسؤال عنه،
فـإن وجد في النساء اليــوم مـن أوتيت شيئاً
من العلم ،والفقه السليم المستقى من الكتاب
والسنَّة : فــلا بأس مـن أن تعقد لهن مجلساً
خاصّاً ،في بيتها ، أو بيت إحداهن ،ذلك خير
لهن ، كيف لا ، والنبي صلى الله عليه وسلم
قال في صلاة الجماعة في المسجد( وبيوتهن
خير لهن ) ؟! فإذا كان الأمر هكذا في الصلاة
التـي تضطر المرأة المسلمة أن تلتزم فيـهـــا
من الأدب والحشمة ما لا تكثر منه خارجها ،
فكـيف لا يكون العلم في البيوت أولى لهن ؟!
لا سيما وبعضهن ترفع صوتها ، وقد يشترك
معـها غيرهــا ، فيكون لهن دوي في المسجد
قبيح ذميم ، وهـذا ممـا سمعناه ، وشاهدناه ،
مـع الأسف . ثــم رأيت هذه المحدَثة قد تعدت
إلى بعض البلاد الأخرى ،كعمَّان ،مثلا ،نسأل
الله السلامة مـن كل بدعة محدثة " انتهى .
"السلسلة الصحيحة" (6/179) .
و يمـكـنـنــا هــنـا أن نـذكــر بعــض المحاذير
والمخالفات الشرعية التـي تؤدي إليها خروج
المرأة في الفضائيات ولو كانت ترتدي النقاب:
1 – أنــه يلزم مــن ظهورها في الفضائيات :
خروجها من بيتها ، وتعرضها للاختلاط مــع
الرجـال , مــن مصور ، ومخــرج للبرنامج ،
وغيرهم , ممن لهــم دور فــي إخراج حلقات
برنامجها , وهــذا بحــد ذاتــه اختلاط قبيح ؛
إذ فيه محادثة ، واقتراب أجساد ،وهو مناف
للأصل الشرعي وهو قرار المرأة في بيتها ،
وبعدها عن أماكن وجود الرجال .
2- أن فـي خروجها في الفضائيات أو أجهزة
الإعلام سمــاع مئات الآلاف أو الملايين مــن
الرجال صوتها من غير حاجة ،وهذا لا يمكن
أن يقول بجوازه عالم ، فإن العلماء اختلفــوا
في صوت المرأة هل هو عورة أم لا ؟ ولكنهم
لا يختلفون أنها لا ترفع صوتها حتى يسمعها
الرجال الأجانب عنها بلا حاجة ، وقــد منعها
الرسول صلى الله عليه وسلم من تنبيه الإمام
فـي الصلاة إذا أخطأ بالقول ، وإنما تصفق ،
فقال صلى الله عليه وسلم (التَّسْبِيحُ لِلرِّجَالِ،
وَالتَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ) رواه البخاري (1204)
ومسلم (421) .
وقـــد منــع العلمـاء المرأة أن ترفــع صوتها
بالتلبية في الحج أو العمرة ،حتى لا يسمعها
الرجال الأجانب عنها .
قــال ابــن عـقـيــل رحمـه الله : يكـره سماع
صوتها بلا حاجة .
وقال ابن الجوزي رحمـه الله : سماع صوت
المرأة مكروه .
وقـــال الإمام أحمد رحمه الله : ينبغي للمرأة
أن تخفض صوتها إذا كانــت فــي قراءتـهــا
إذا قرأت بالليل .انظر "الإنصاف" (8/31).
3 – في ظهورها على الفضائيات : تعريضها
للسخرية ، والاستهزاء بها خاصة ، وبعموم
المنتقبات عــامــة ، وسيكون برنامجها وقتاً
للتسلية للمستهزئين بالشرع .
4 – عدم تناسب بعض البرامج مــع النقاب ،
كمــن تــدرس التجويد وهي بنقابها ، وهــي
محـتاجــة فــي تدريسها لإظـهــار الشفتين ،
واللسان ، حتى يتعلم النساء طـــريقة النطق
الصحيحة ، فصار تدريسها لذلك العلم غيــر
مؤدٍ لمقصوده .
5 – هناك ضعف واضح في أولئك النسوة في
التعليم ، كمـــا هو مشاهَد ، والرجال بلا شك
أقدر على القيام بالتعليم منهن .
6 – يُخشى أن يكون هذا مقدمةً للتنازل عــن
النقاب ،والمسلم مأمور بالابتعاد عن مواطن
الفتنة .
7 – الزعم بأن المرأة أعلم بمشكلاتها ،وأقدر
على طرح قضاياها : غير صحيح ، فقـد ثبت
أن الرجل هــو الأقدر عــلى ذلك ، والأعلـم ؛
لمخالطته لصنوف من الناس ، ووقوفه على
ما لم تقف عليه المرأة ، ثم لو فرض أنهــــا
الأعـلم بمشكلاتهــا ، والأقــدر عــلى طــرح
قضاياها : فليست هـي الأقدر عــلى حلهـا ،
وهذا مشاهد ، ومعلوم .
8 – ليس هنـــاك داعٍ لتقديم رسالة للغرب أن
المــرأة عنـدنا لهــا مكانتها ، وأنهــا تشارك
الرجال فــي أعمالهم ، فالغرب لــن يـرضــى
بمتحجبة ، فضلاً عن منتقبة ، وإنمـا نـقــدم
رسالة الإسلام للغرب بمــا علــيه المسلمات
من العفاف ، والحشمة .
فلما سبق : نرى عدم جواز خروج المرأة في
قناة فضائية ،ولو كانت بحجابها الكامل ،ولو
لم يكن في عملهن إلا الاختلاط بالرجال لكــان
كافياً في منعه ، فكيف وقد انضاف إلــى ذلك
أشياء أُخَر ؟! .
والله أعلم
موقع الإسلام سؤال وجواب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ