فبعدما قدم لكتابه كتب هذه الفقرة ، التى أدعها لك أيها القارىء اللبيب لتستنبط منها أصولا ودروسا وعبرا ، كل بحسب فهمه واللبيب بالإشارة يفهم .
قال رحمه الله :
والمرغوب إلى من يقف على هذا الكتاب أن يعذر صاحبه ، فإنه علقه في حال بعده عن وطنه ، وغيبته عن كتبه ، فما عسى أن يبلغ خاطرُه المكدود ، وسعيه المجهود ، مع بضاعته المزجاة ، التي حقيق بحاملها أن يقال فيه " تسمع بالمعيدي خير من أن تراه " ، وها هو قد نصب نفسه هدفا لسهام الراشقين وغرضا لأسنة الطاعنين ، فلقاريه غنمه وعلى مؤلفه غرمه ، وهذه بضاعته تعرض عليك ، وموليته تهدى إليك ،
فإن صادفت كفؤا كريما لها لن تعدم منه إمساكا بمعروف أو تسريحا بإحسان
وإن صادفت غيره فالله تعالى المستعان وعليه التكلان
وقد رضي من مهرها بدعوة خالصة إن وافقت قبولا واستحسانا وبرد جميل إن كان حظها احتقارا واستهجانا .
والمنصف يهب خطأ المخطىء لإصابته ، وسيئاته لحسناته
فهذه سنة الله في عباده جزاء وثوابا ومن ذا الذي يكون قوله كله سديدا وعمله كله صوابا وهل ذلك إلا المعصوم الذي لا ينطق عن الهوى ونطقه وحي يوحى ، فما صح عنه فهو نقل مصدق عن قائل معصوم ، وما جاء عن غيره فثبوت الأمرين فيه معدوم ، فإن صح النقل لم يكن القائل معصوما وإن لم يصح لم يكن وصوله إليه معلوما .
جزاكم الله خيراً..