للكاتب : الشيخ/ نبيلالعوضي
ها قد وصلنا إلىالليالي الأخيرة من هذا الشهر المبارك، وستنتهي هذه الليالي أسرع مما قبلها،فالمؤمنون المخلصون ينتظرونها من عام إلى عام، فيها ليلة خير من ألف شهر من حرمهافقد حرم الخير كله، من عظم قدر هذه الليلة أنها سميت ليلة (القدر) فقد أنزل اللهفيها كتابا عظيم (القدر)، وأمر ملكاً عظيم (القدر) أن ينزله على نبي عظيم (القدر)،وتتنزل فيها ملائكة عظيمة (القدر)، فاستحقت أن تكون بلا منافس ليلة (القدر).
العباد الصادقون يتلفهون لإدراكها، فقدأنزل الله في فضلها سورة كاملة، وجزءا من سورة أخرى، وسماها الله أيضا بالليلة (المباركة) التي (يفرق فيها كل أمر حكيم) ويقدر فيها مقادير السنة مرة أخرى كماقدرت من قبل، فالليلة عظيمة الشأن (سلام) من بدايتها إلىنهايتها.
الأمم السابقة كان الناس فيها يعمرونسنين طويلة منهم من يبلغ الألف عام أو يزيد، ومنهم العباد والقانتون، أما أمتنافقليل من يتجاوز السبعين عاما، ولهذا أكرم الله هذه الأمة بليلة خير من ألف شهر، أيتزيد على الثمانين عاما، فأي كرم هذا وأي فضل من رب العالمينعلينا.
ليلة القدر هي ليلة تنتقل بين هذه الليالي العشر، قد تكون السابعةوالعشرين كما قال بعض الأولين، وقد تكون في ليلة أخرى، هي في الغالب إحدى اللياليالوتر إن أصبنا في أيامنا ومواقيتنا، لكن الذي يضمن قيامه لهذه الليلة هو من قامبالعشر كلها، وهذا هو الهدي النبوي، بل كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقومالعشر كلها، ويعتكف في مسجد لا يخرج منه إلا ليلة العيد، ليله ونهاره عبادة، وكانيأمر أهله بالعبادة في هذا الشهر، وكان إذا دخل العشر«شدمئزره وأحيا ليله وأيقظ أهله» [رواه البخاري]،وكان يعلم زوجتهالصديقة عائشة رضي الله عنها أن تقول في دعائها«اللهم إنك عفوتحب العفو فاعف عني» [صححهالألباني].
ينبغي على من أدرك هذهالعشر أن يغير حاله، فمن كان مجتهدا في العبادة فليزد إجتهادا، ومن كان مقصرافليتوقف عن تقصيره وليبدأ صفحة جديدة بينه وبين الله، فمن قام ليلة القدر إيماناوإحتسابا غفر الله ما تقدم من ذنبه، وعباد الرحمن يبيتون هذه الليالي سجدا وقياما،ودعاء وقنوتا، وبكاء وخشوعا، وذكرا واستغفارا.
مساكين والله من ضيعوا هذه الليالي في لهوهم وتسكعهم، محرومون منانشغلوا بالمسلسلات والمشي في الأسواق والجلوس في المقاهي عن الإعتكاف والجلوس فيالمساجد والإخلاص في العبادة، مهملون من تركوا أهاليهم في هذه الليالي فلم يشجعوهمعلى الصلاة والقيام وترك الذنوب والمنكرات، هذه العشر الغالية قد بدأت، والسباقالآن في آخره، والصالحون قد بلغوا المنازل العالية، فماذا نحن فاعلون؟! {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ} [المطففين: 26].
الشيخ نبيل العوضي
جزاكما ربي الجنة
اللهم آمين حبيبتي
وكل عام وانت بخير