إليكن أسوق أخواتي بعض المحفزات التي تدعوكِ إلى الإسراع إلى التوبة والطمع في عفو الله وغفرانه
كيلا يصيبك اليأس.. ولا يخذلنك الإحباط والقنوط.
1- أن الخطأ صفة في الإنسان
أختي الكريمة.. إنك لو تأملت في حقيقة الإنسان لوجدت خُلُقَه ناقصًا..
ولوجدته ضعيًفا قاصرًا عن الكمال في عقله وجسمه ونفسه..
ولقد أخبر الله جل وعلا عن الإنسان في آيات كثيرة في
كتابه العزيز.. وظهر من تلك الآيات أن صفات النقص التي خلق
عليها الإنسان لابد وأن تولد فيه من الأخطاء والزلات ما يناسب تكوينه قال تعالى (( وَخُلِقَ اْلِإنْسَانُ ضَعِيفًا))
2- أن كل ابن آدم خطاء
فلست وحدك من يذنب.. بل خلق الله الناس جميعًا مخطئين..
لا كمال لأحدهم ولا عصمة إلا من عصمه الله من أنبيائه ورسله..
ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون )) رواه الترمذي.
3- أن التوبة من الذنب واجبة على الفور
أختي.. وإن مما يدعوك إلى التوبة.. أن الله جل وعلا قد أوجبها على كل مذنب..
بل أوجبها على كل مؤمن مهما كان صلاحه وإيمانه..
وأوجبها على أنبيائه ورسله..
ولذلك تاب آدم عليه السلام وهو يقول :
((رَبَّنَا َ ظَلمْنَا َأنْفسَنَا وَإنْ َلمْ تَغْفِرْ َلنَا وَتَرْحمنَا َلنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ )) الأعراف:23.
وهذا موسى يقول :
(( قَالَ رَبِّ ِإنِّي َ ظَلمْتُ نَفسِي َفاغفِرْ لِي َفغَفرَ َلهُ ِإنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ )) القصص:16.
4- أن الله سبقت رحمته غضبه
تأمل أختي هذه الآية :- (( كتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَة َأنَّهُ مَنْ عَمِل مِنْكمْ سُوءًا ِبجَهَاَلةٍ
ثَمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأصْلحَ َفَأنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ )) الأنعام 54.
وانظر كيف جمع الله جل وعلا بين ما كتبه على نفسه من الرحمة وبين توبته على عباده..
ولذلك ختم الآية بالجمع بين صفتي الرحمة والغفران.
5- أن الله واسع المغفرة
أخي.. ألم تر أن الخلق كلهم يخطئون.. ألم تر أنهم على ما هم
عليه من الخطأ فريقان: فريق في الجنة.. وفريق في السعير!
قيل للحسن البصري رحمه الله: إن الرجل ليذنب ثم يتوب ثم
يذنب ثم يتوب ثم يذنب ثم يتوب إلى متى هذا؟
فقال الحسن: لا أعرف هذا إلا من أخلاق المؤمنين.
أختي.. فتعبُّد الله بالطمع في سعة غفرانه..
6- أن اليأس من رحمة الله حرام
وكيف تيأسِ أختي من قبول الله لتوبتكِ وقد علمت أن الله جل
وعلا واسع المغفرة، وأن رحمته وسعت كل شيء وأن له صفات
الجلال والجمال.. إن يأسك من التوبة وقبولها كما فيه جهل بالله
جل وعلا وتقصير في حقه.. ففيه أيضًا إسعاد للشيطان الذي يصد
المؤمن عن ربه ويقطع طريقه عن الرجوع إليه.. ولذلك فإن الله
جل وعلا لا يرضى لعباده اليأس من رحمته، قال تعالى : (( وَلا تَيْئسُوا
مِنْ رَوْح اللَّهِ ِإنَّهُ َلا يَيْئسُ مِنْ رَوْح اللَّهِ ِإلَّا اْلَقوْمُ الْكافِرُون)) يوسف 87.
7- أن الله يحب العبد التواب
أخي الكريم.. تذكر أن ما من مؤمن إلا وقد ابتلي بشيء من الذنوب
كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( ما من عبد مؤمن إلا وله ذنب
يعتاده الفينة بعد الفينة، أو ذنب هو مقيم عليه لا يفارقه حتى
يفارق الدنيا، إن المؤمن خلق مفتنًا، توابًا، نساء، إذا ذكر ذكر )).
[السلسلة الصحية برقم ( 2276 )].
وما قضى الله جل وعلا على عباده المؤمنين بالذنب إلا ليستخرج منهم التضرع إليه والوقوف
على رحمته وعطفه وغفرانه فمن سبق له عناية من الله سبحانه قضى
الله بالتوفيق إلى التوبة.. ثم أحبه عليها (( ِإنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّاِبينَ وَيُحِبُّ اْلمُتَطهِّرينَ )) البقرة:222.
8- أن التوبة في ذاتها عبادة نفيسة
فالتوبة – أخي- دليل على معرفة المؤمن بربه ومعرفته
بحقوقه.. فهو كما يتعبده بطاعته واتباع أمره يتعبده أيضًا بسؤاله
المغفرة على التقصير في الطاعة. وهذا الطريق لم يتخلف عنه نبي
مرسل ولا صالح من المؤمنين . وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعبد الله بالتوبة
ويرشد أمته الى ذلك ويقول (( يا أيها الناس توبوا الى الله فإني أتوب الى الله مائة مرة )) رواه مسلم .
9- أن التوبة دواء الكبر
فالتوبة إلى الله جل وعلا خير كبير.. لا يعرض عنه إلا متكبر جبار..
يعانه الله في أمره.. ويعرض – عمدًا – في طاعته.. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :-
((إن من أحبكم علي، وأقربكم مني مجلسًا يوم القيامة أحسانكم أخلاًقا، وإن أبغضكم إلي وأبعدكم
مني مجلسًا يوم القيامة: الثرثارون والمتشدقون، والمتفيهقون. قالوا: قد علمنا الثرثارون والمتشدقون،
فما المتفيهقون؟ قال: المتكبرون )) [السلسلة الصحيحة رقم ( 791) ]
10- أن التوبة دليل الإيمان ومعرفة الله
فالمؤمن التائب.. الملازم لعتبة الاستغفار والعودة إلى الله هو أفقه
الناس بنفسه وحقيقتها وأعرب الناس بالله.. لأنه لما اطلع على حال
نفسه وعلم نقصها وضعفها.. ثم اطلع على صفات العفو والمغفرة
والرحمة عند الله.. أوجب له اطلاعه وعلمه ملازمته للتوبة.. فلا
تراه متعمدًا في ارتكاب المعاصي أبدًا.. لكنه إذا غفلته نفسه.. أو
غلبه طبعه.. قام واستغفر وتاب إلى الله لما يعلمه من حب الله للتوبة
وبغضه للإصرار على الذنب.
11 – أن الإصرار على الذنب يوجب العقوبة
فعامة البلايا والمصائب إنما تنزل بسبب الذنوب كما قال تعالى:
((وَمَا َأصَابَكمْ مِنْ مُصِيبَةٍ َفِبمَا َ كسَبَتْ َأيْدِيكمْ وَيَعْفو عَنْ َ كثِير ))
12 – أن التائب من الذنب كمن لا ذنب له
فهذا أعرابي جاء إلى الرسول عليه الصلاة والسلام فقال: أرأيت من عمل
الذنوب كلها ولم يترك منها شيًئا وهو في ذلك لم يترك حاجة ولا
داجة إلا أتاها: فهل لذلك من توبة؟ قال: (( فهل أسلمت ؟ )) قال :
أما أنا فأشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله. قال: (( تفعل الخيرات
وتترك السيئات فيجعلهن الله لك خيرات كلهن )).
وقال : (( وغدراتي وفجراتي ؟ )) قال : (( نعم )) .
قال : الله أكبر . فما زال يكبر حتى توارى . .[ صحيح الترغيب برقم ( 3164 ]
قال بعض الحكماء حرفة العارف ستة أشياء : إذا ذكر الله افتخر..وإذا ذكر نفسه احتقر..
وإذا نظر في آيات الله اعتبر.. وإذا هم بمعصية أو شهوة انزجر ..
وإذا ذكر عفو الله استبشر .. وإذا ذكر ذنوبه استغفر ..
ودي و احترامي ..
بارك الله فيك
وبارك الله فيك اختي