إن الغضب إذا لزم كظمه لعجز عن التشفي في الحال رجع إلى الباطن ، واحتقن فيه فصار حقداً ، ومعنى الحقد أن يلزم قلبه استثقاله والبغض له والنفار عنه ، وأن يدوم ذلك ويبقى ، فالحقد ثمرة الغضب .
والحقد يثمر ثمانية أمور :
الاول : الحسد هو أن يحملك الحقد على أن تتمنى زوال النعمة عنه ، فتغتم بنعمة إن أصابها ، وتسر بمصيبة إن نزلت به ، وهذا من فعل المنافقين .
الثاني : أن تزيد على إضمار الحسد في الباطن ، فتشمت بما أصابه من البلاء .
الثالث : أن تهجره وتصارمه وتنقطع عنه وإن طلبك وأقبل عليك .
الرابع : وهو أن تعرض عنه استصغاراً له .
ولذلك ترى العالم يحسد العالم دون العابد ، والعابد يحسد العابد دون العالم ، والتاجر يحسد التاجر ، والإسكافي يحسد الإسكافي ، ولا يحسد البزار إلا أن يكون لسبب آخر ، لأن مقصد كل واحد من هؤلاء غير مقصد الآخر .
فأصل العداوة التزاحم على غرض واحد ، والغرض الواحد لا يجمع متباعدين ، إذ لا رابطة بين شخصين في بلدين ، ولا يكون بينهما محاسدة إلا من اشتد حرصه على الجاه فإنه يحسد كل من في العالم ممن يساهمه في الخصلة التي يفاخر بها .
ومنشأ جميع ذلك حب الدنيا ، فإن الدنيا هي التي تضيق على المتزاحمين ، وأما الآخرة ، فلا ضيق فيها ، ولو لم يكن في ذم الحسد إلا أنه خلق دنيء يتوجه نحو الأكفاء والأقارب ، ويختص بالمخالط والمصاحب ، لكانت النزاهة عنه كرماً ، والسلامة منه مغنماً ، فكيف وهو بالنفس مضر ، وعلى السهم مصر ، حتى ربما أفضى بصاحبه إلى التلف من غير نكاية في عدو ، ولا إضرار بمحسود .
وأعلم أنه بحسب فضل الإنسان ، وظهور النعمة عليه ، يكون حسد الناس له ، فإن كثر فضله كثر حساده ، وإن قل قلو ، لأن ظهور الفضل يثير الحسد ، وحدوث النعمة يضاعف الكمد .
الخامس : أن تتكلم فيه بما لا يحل من كذب وغيبة وإفشاء سر وهتك ستر وغيره .
السادس : أن تحاكيه استهزاء به وسخرية منه .
السابع : إيذاؤه بالضرب وما يؤلم بدنه .
الثامن : أن تمنعه حقه من قضاء دين أو صلة رحم أو رد مظلمة وكل ذلك حرام .
وأقل درجات الحقد أن تحترز من الأفات الثمانية المذكورة ، ولا تخرج بسبب الحقد إلى ما تعصي الله به ، ولكن تستثقله في الباطن ، ولا تنهى قلبك عن بغضه ، حتى تمتنع عما كنت تطوع به من البشاشة والرفق والعناية والقيام بحاجته والمجالسة معه على ذكر الله تعالى والمعاونة على المنفعة له ، أو بترك الدعاء له والثناء عليه أو التحريض على بره ومواساته . فهذا كله مما ينتقص درجتك في الدين ، ويحول بينك وبين فضل عظيم وثواب جزيل ، وإن كان لا يعرّضك لعقاب الله .
مايصيب الحاسد في الجزء التالي …أنشاء الله
ونفع بعلمك وجهدك ……
——————
إذا أردتم العلم فانثروا القران فإنه علم الأولين والآخرين .
اللهم إنا نعوذ بك من شر الحسد والحاسدين
===
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
جزاك الله خيرا يأخى عندما ذكرتنا بهذا الحديث الشريف فى احدى مواضيعك السابقه
اللهم ادم علينا نعمة الاسلام و نعوذ بالله من شر انفسنا ,اللهم باعد عن قلوبنا الحسد والحقد وحبب فينا خلقك
——————
الحمد لله رب العالمين