أستاذ مساعد بقسم التفسير كلية التربية بجدة
هناك من يقول بأن آيات الحجاب في القرآن الكريم لم تأت بوصف الحجاب الصحيح ولذلك هم لا يعترفون بغطاء الوجه ويرون بأنه لم يرد له نص في الكتاب.. حول هذا الإشكال أقول: على افتراض صحتها وأنه ليس في القرآن ما يدل صراحة على وجوب تغطية الوجه وكأنهم يريدون اللفظ بذاته كما ذكر نحو ذلك ممن أجازوا كثيرا من الأمور المحرمة لعدم وجود اللفظ الصريح على تحريمها في القرآن كالغناء والعازف والمخدرات.. فيريدون اللفظ وغطاء الوجه بذاته.
فالجواب أن السنة جاءت مبينة للقرآن الكريم وفيها بيان وتوضيح وتفصيل للأركان والأحكام والحدود ونحن ملزمون بإتباع السنة وإلا لأغفلنا الكثير والعياذ بالله قال تعالى (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ).
وكذا كان عمل نساء المؤمنين من عصر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم إلى هذا القرن قال ابن جحر رحمه الله "استمراء العمل على جواز خروج النساء إلى المساجد والأسواق والأسفار منتقبات لئلا يراهن الرجال"،وكذا قال الإمام النووي وأبو حيان وابن رسلان وغيرهم.
وما يحدث في يومنا هذا من هزل عجيب بالحجاب يغيظ القلوب الحية وتأسى له النفوس الطيبة وهو تدرج مشين نحو السفور والرذيلة بل هو افتراء عظيم حتى على من قال بجواز كشف الوجه والكفين من العلماء. فالعلماء الذين قالوا بجواز كشف الوجه والكفين قيدوه بشروط وجعلوا له ضوابط وهم كذلك ألزموا زوجاتهم وبناتهم بغطاء الوجه والكفين فكان أمن الفتنة شرط وقيد، واجتناب التبرج والزينة شرط وقيد فأين المدعون بجواز الكشف من هذه القيود والشروط!
هذا على افتراض أن دلالة الآيات على وجوب تغطية الوجه غير مكية ولكن الحق أن دلالة آيات الحجاب على تغطية الوجه مكية فقوله تعالى: (وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ…).
فهذه الآية تدل دلالة محكمة على التغطية، وهذا لا خلاف فيه عند جميع العلماء، حيث اجتمع قولهم على هذه الدلالة، وخلافهم إنما جاء من جهة تعلق حكمها: فالموجبون التغطية على سائر النساء مذهبهم في حكم الآية انه عام. وأما المستحبون التغطية فان مذهبهم في الآية أنها خاصة بأزواج النبي صلى الله عليه وسلم والمقصود هنا: بيان أن دلالة الآية محكمة في الجهتين.. في دلالتها على التغطية وفي كونها تعم جميع النساء، ليست خاصة بأزواج النبي صلى الله عليه وسلم رضي الله عنهن وذلك يتبين من الأوجه التالية:
1- الأمر بالحجاب في الآية معلل، والعلة هي تحصيل طهارة القلب وهذه العلة موجودة في سائر النساء وليست قاصرة على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم.
2- أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم إذا كن أُمرن بالاحتجاب لأجل تحصيل طهارة القلب مع اصطفائهن وانقطاع طمع الرجال منهن فسائر النساء من باب أولى لأنهن أحوج إلى الطهارة.
3- ان خطاب الواحد يعم الجميع إلا إذا جاء استثناء هنا فالأصل في الحكم هنا العموم.
فهذه الأوجه صريحة المعنى محكمة الدلالة بوجوب تغطية الوجه لجميع النساء.
– الدليل الثاني: قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ ….).
قال السيوطي: (هذه آية الحجاب في حق سائر النساء ففيها وجوب ستر الرأس والوجه عليها).
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: "يرحم الله نساء المهاجرات الأول لما أنزل الله (وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ) شققن مروطهن فاختمرن بها"؛ والاختمار هو تغطية الوجه، والجلباب: معناه -كما في لسان العرب- هو اللباس الواسع الذي يغطي جميع البدن، وهو بمعنى الملاءة والعباءة فتلبسه المرأة فوق ثيابها من أعلى رأسها مدنية ومرخية له على وجهها وسائر جسدها. فالجلباب يشمل ستر الوجه وهو أول معنى مراد للجلباب وقد فسر الإدناء بتغطية الوجه ابن عباس رضي الله عنهما "أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب ويبدين عيناً واحدة" أخرجه البخاري.
——-
وجعل ما كتبتيه في ميزان حسناتك ..
قد نزلت آيات كثيرة في الحجاب ومنها :قوله تعالى :
ياأيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين
عليهن من جلا بيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما ]
ففي هذه الآية أمر لجميع أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وبناته
ونساء المؤمنين والإدناء ضمن معنى الإرخاء والسدل وقد جاءت هذه الآية
متأخرة عن آيتي الإستذان والقرار في البيوت لتبطل دعوى الخصوصية في الحجاب
حيث أشركت في الحكم نساء المؤمنين ….
ولننظر معا لهذه الآية ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين ..
فالله أمرنا بالستر حتى لانؤذى من السفهاء وكشف الوجه يعرض المرأة لنظرات السفهاء
ومغازلة الأشقياء لما ينبئ عن جمالها ومحاسنها فيكون بريدا لمحادثتها واللقاء بها
وقديما قال الشاعرأحمد شوقي ..
نظرة فابتسامة فســــــــلام …………………….فكلام فموعـــد فلقــــــــــاء
منقول ..