الجزء الأول :
أحكام ليلة النصف من شعبان ( 1 )
تابع : أحكام ليلة النصف من شعبان :
وروي عن عطاء و مكحول و الفضل من فضالة و قال المنذري : مرسل جيد . و قال عطاء ما من ليلة بعد ليلة القدر أفضل من ليلة النصف من شعبان و عليه فما تساهل فيه بعض العلماء كالإمام القرطبي و ابن العربي و الإمام أبي شامة و ابن دحية الكلبي و القاسمي في محاسن التأويل بقولهم . ليس في هذه الليلة حديث يصح عن رسول الله صلى الله عليه و سلم هذا ليس بصحيح و هذا تساهل فقد قال ابن تيمية في كتابه اقتضاء الصراط المستقيم : وروي فيها الأحاديث المرفوعة و الآثار بما يقتضي أن لها مزية و فضيلة يدل عليه نص الإمام أحمد و ما صدق في ذلك من الآثار السلفية و ما روي في فضائلها في المسانيد و السنن و أما صوم يوم النصف مفردا فلا أصل فيه و صيامه مكروه . و لعله يشير إلى حديث ثابت في سنن ابن ماجة عن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( إذا كان ليلة النصف من شعبان نزل الله إلى السماء الدنيا فقال : ألا من مستغفر فأغفر له ألا من مسترزق فأرزقه ألا من مبتلى فأعافيه ) ثم قال صلى الله عليه و سلم : ( فصوموا نهارها و قوموا ليلها ) فهذا الحديث ضعيف جدا فيه أبو بكر بن عبد الله ابن أبي سبرة رموه بالوضع .
فهذه ليلة مباركة يغفر الله لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن و لكن هذه الليلة لي فيها الملحوظات التالية :
1- يفعل فيها ما يسمى بالصلاة الألفية فهناك بعض الناس يصلي في ليلة النصف من شعبان مائة ركعة يقرؤون في كل ركعة عشر مرات ( قل هو الله أحد ) أو يصلون عشر ركعات و يقرؤون في كل ركعة مائة مرة ( قل هو الله أحد ) و هذه الصلاة موضوعة باطلة لا تصح عن رسول الله صلى الله عليه و سلم و لهذا يقولون فيها أحاديث مرفوعة إلى النبي صلى الله عليه و سلم و هي باطلة يقولون : ( من صلى في شهر شعبان بنظر الله له سبعين نظرة و يقضي له الله تعالى في كل نظرة سبعين حاجة أدناها المغفرة ) و هذا باطل و روي في الحديث من طريق آخر أنه يعطي سبعين ألف حوراء و لكل حوراء سبعين ألف ولدان و يشفع ووالداه في سبعين ألف و كل حاجة طلبها في تلك الليلة أعطيها و هذا باطل أيضا . ووضع أيضا بأن من يصلي هذه الليلة يبعث الله له مائة ملك يبشرونه بالجنة و هذا حديث موضوع .
2- زعم بعضهم أن ليلة النصف من شعبان هي أفضل من ليلة القدر و هذا باطل .
3- زعم بعضهم ثبوت الفضيلة لها حيث يفسرون قول الله تعالى في سورة الدخان : ( إنا أنزلناه في ليلة مباركة ) و هذه الليلة في شهر رمضان و لها عند الله تعالى قدر و منزلة و ليست ليلة النصف من شعبان . قال ابن العربي : من قال بأنها ليلة النصف من شعبان فقد أعظم الفرية على الله .
4- ما يزعمه كثير من المشائخ بأنها ليلة القسمة و التقدير أو الحياة لأنه لا يموت فيها أحد فقيل : لو مات شخص قالوا : لعله خطأ التقدير أي أخطأ الناس في تقدير هذه الليلة . و قالوا : تسمى ليلة الرحمة و ليلة الغفران و قالوا هي ليلة الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم لأن الله أنزل فيها إن الله و ملائكته يصلون علىّ و هذا ليس بصحيح . و قالوا هي ليلة الغفران و عيد الملائكة و الشفاعة التامة و قيل هي ليلة البراءة و هذا باطل ما ورد عن الشرع سوى الغفران فيها .
5- يجتمعون بعد المغرب و العشاء يقرؤون سورة ياسين ثلاث مرات بصوت جماعي و يقول الإمام : اقرؤوا الدعاء بعد ذلك حيث يقال بعد قراءة ياسين دعاء منقول عن الشيخ عبد الله أسعد اليافعي و ليس فيه نص .
و على هذا فليلة النصف من شعبان ليلة مباركة و لكن بعض الإحداث في العبادات كالصيام فلم يرد عن الرسول صلى الله عليه و سلم و ما فعله السلف و لو فعلوه لنقل و لهذا نقول : الوقوف عند السنة خير من الاجتهاد في البدعة .
نسأل الله العلم النافع و العمل الصالح اللهم بارك لنا في شعبان و بلغنا رمضان و صلى الله و سلم على رسولنا و نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين .
من كتاب ( أحكام رجب و شعبان )
لفضيلة الشيخ : عبود بن علي بن ردع . المحاضر بكلية الشريعة و أصول الدين بالجنوب
وبارك الله فيكي