– التفوق استعداد فطرى تقويه الأسرة أو تقتله!.
– تعليم الأبناء فن استثمار الوقت مسؤولية تربوية وضرورة لتكوين الشخصية السوية.
تفوق الأبناء ونجاحهم في الحياة هو أمل كل أسرة؛ فالأمهات والآباء يأملون بأن يحقق أبناؤهم ما لم يستطيعوا هم تحقيقه في حياتهم العملية، لذا فهم يتفانون في دعم هؤلاء الأبناء وحثهم على التحصيل والتفوق؛ فتكون الأسرة هي المحطة الأولى في مشوار النجاح في الحياة العملية؛ فيستعدون هم أنفسهم للعام الدراسي، فكيف تهيئ الأسرة المناخ المناسب لعام دراسي ناجح؟ وكيف تقوم بدورها في هذه المرحلة المهمة في حياة الأبناء، وتأخذ بأيديهم إلى بر الأمان (التفوق والنجاح)؛ لتكون بيوتناً بوابات إلى عالم النجاح والتفوق.
(نظام للجميع)
هالة محمود – ربة بيت-: مع بداية العام الدراسي – أو قبله بقليل – يتم وضع برنامج لنظام البيت، يطبق على الجميع بمن فيهم أنا وزوجي؛ من حيث النوم المبكر والاستيقاظ المبكر، مشاهدة التلفاز يومي الخميس والجمعة فقط.
ولهذا النظام فائدة كبيرة في إتاحة مساحة كبيرة من الوقت للمذاكرة والمراجعة وحل الامتحانات، وكذلك الراحة، وقد جعلت فترات الاستراحة من المذاكرة لقراءة الأذكار وبعض الأدعية مع الأولاد، أو لقراءة أو تسميع الورد القرآني اليومي، أو لبعض الحكايات المفيدة من القرآن والسنة، أو من القصص التي تستعيرها ابنتي من مكتبة المدرسة أو المسجد.
أما يوم الخميس؛ فهو آخر الأسبوع بالنسبة لنا، ونستغله في زيارة الأهل أو بعض النزهات، ولكن على فترات متباعدة، ثم نبدأ الاستعداد للأسبوع الدراسي التالي يوم الجمعة بمذاكرة ومراجعة ما فات، وتحضير الدروس التالية.
وقد أعانني الله على التفرغ لمتابعة الأبناء ليس فقط في البيت، لكني أيضًا كنت على اتصال دائم بالمدرسة من خلال الزيارات المتكررة، سواء للاطمئنان على مستواهم الدراسي، أو الاستفسار من المدرسين عن الأمور التي تقف أمامنا أثناء المذاكرة.
دعاء وحيد رجب -ابتدائية 99.3%-: الفضل في نجاحي وتفوقي يرجع إلى الله سبحانه وتعالى أولاً، والمواظبة على الصلاة، وقراءة وحفظ القرآن في المسجد، سواء في الإجازة أو أثناء الدراسة.
ثم يأتي فضل أمي ورعايتها لي، ووقوفها بجانبي أثناء المذاكرة، فكانت تذاكر معي كل الدروس، وتساعدني في المراجعة.
سامي عبد الله عبد العليم -ثاني ثانوي 97.5%-: برغم أن أمي موظفة وتعود من العمل مرهقة، فإنها كان تحرص على أن أتفرغ للمذاكرة فلا تكلفني بأي عمل في البيت، بل كانت تستيقظ مبكرة لترتيب البيت وإعداد الطعام قبل ذهابها للعمل بحيث يكون البيت هادئًا ومنظمًا ومناسبًا للمذاكرة والتركيز لي ولأخي في المرحلة المتوسطة، وفي الوقت نفسه كانت تساعدنا في المذاكرة بالشرح والمراجعة إلا أنني بدأت أعتمد على نفسي في المرحلة الإعدادية، وألجأ إليها فقط في المسائل أو الموضوعات التي لا أفهمها.
كما كانت تزور المدرسة باستمرار، وكانت تصحبني في الدروس الخصوصية وتنتظرني حتى انتهاء الدرس لتعود معي إلى البيت، وتتعرف على زملائي في الدروس، وتتصل بأسرهم وتناقشهم في أية مشكلة تتعلق بنا كانت تستفيد برصيد أجازاتها في فترة المراجعة النهائية لتكون بجانبي، وكانت تحثني على المواظبة على الصلاة والتقرب إلى الله، فهذا هو السبيل إلى النجاح في الدنيا والآخرة أيضًا.
أمل شوقي (مدرسة ثانوي) أتصور أن اهتمام الأسرة بدراسة أبنائها يبدأ بالاهتمام بهم شخصيًا من حيث النظافة والتغذية والإشباع النفسي، سواء كانت الأم ربة بيت أو عاملة، وهذا يتحقق عندما يكون للأبناء أولوية في برنامجها بحيث لا يأتي الاهتمام بالبيت أو المطبخ أو التليفون أو الكلام مع الجارات على حساب الوقت والاهتمام المخصص لهم، فهي تتفرغ لهم ذهنيًا ومعنويًا وتأخذ بالأسباب، وتثق فيما عند الله من رزق؛ فمثلاً تراعى الأم إشراك الأب معها في رعاية الأبناء صحيًا وغذائيًا ودراسيًا، بحيث يساعدها في إعدادهم للذهاب للمدرسة أو تحضير الشطائر مثلاً في الوقت الذي تقوم هي فيه بترتيب البيت وإعداد الطعام إذا كانت امرأة عاملة، بحيث يكون عندها وقت لمتابعتهم والجلوس معهم للمذاكرة عند عودتهم من المدرسة.
وإذا كانت أيام الأسبوع كلها عمل بالنسبة لجميع أفراد الأسرة؛ فلا مانع من الترفيه لتجديد نشاطهم يوم الخميس أو الجمعة، سواء بالزيارات أو ممارسة الرياضة في النادي.
(التغذية والتفوق)
وحول أهمية تخطيط حياة الأسرة أثناء الدراسة تقول د. زينب حقي – أستاذة إدارة المنزل بجامعة حلوان-: ينبغي على الأم أن تضع نصب عينيها عدة أمور، سواء أثناء الدراسة أو الإجازة:
1 – فتهتم بتغذية أبنائها، وتوفير احتياجاتهم تبع السن والجنس والجهد المبذول؛ لأن هناك علاقة قوية بين استيفاء العناصر الغذائية والتحصيل الدراسي والتذكر، وهذا يتطلب أن يكون لدى الأسرة ثقافة غذائية لتخطيط الوجبات حسب (الاحتياجات – الرغبات – مراعاة ميزانية الأسرة).
2 – من ناحية أخرى عليها تعليم الأبناء كيفية الاستفادة بوقتهم منذ الصغر، وهذا يتحقق بالقدوة الحسنة من جانب الأم في تنظيم الوقت بين الغذاء والراحة والمذاكرة والترفيه، فمن شأن هذا التنظيم أن يحقق للأسرة أكبر قدر من الإنجازات بسبب الموازنة بين الأعمال المطلوب إنجازها والوقت المتاح لها حسب الأولويات.
فيمكن للأم أن تضع جدولاً زمنيًا لأنشطة اليوم وتحديد وقتاً للانتهاء منها وإعادة جدولة الأعمال وفق الوقت الذي تحتاجه.
(لا لمضيعات الوقت)
تجنب مضيعات الوقت التي تسبب ارتباكًا وفوضى في إدارة وتخطيط الوقت، تقوم الأم برقابة ومتابعة يومية لكل المواد، وبخاصة للصغار، ثم يتخلل المذاكرة القيام بالأعمال الخفيفة في المطبخ، مع الحرص على تنظيم المطبخ بما يسمح بالحركة وسهولة الحصول على الأدوات.
– الاهتمام بفترات النوم والراحة والترفيه؛ فهي جزء مهم من تنظيم الوقت بالنزهات والرياضة والزيارات الأسبوعية أو الشهرية.
– المشاركة والتعاون الأسرى في القيام بالأعباء.
– الاستعانة بالتقنيات الحديثة لإنجاز الأعمال في أقل وقت، وبأقل جهد وتكلفة بما يتيح مساحة أكبر للأولاد، ويختصر خطوات إنجاز الأعمال.
(استعداد فطرى مدعوم)
وتؤكد د. سوزان محمد المهدى – أستاذة أصول التربية بجامعة عين شمس – أن التفوق استعداد فطرى لدى الأبناء وتقوم الأسرة بدعمه وتفعيله باعتبارها المحطة الأولى في تربية الأبناء وتنشئتهم على التفوق، إلا أن تفوق الأبناء لا يرتبط بالمستوى المادي أو الاجتماعي للأسرة، فهناك أسر بسيطة يتفوق أبناؤها لوجود حافز ذاتي لديهم للتفوق، سواء لتحسين أوضاع الأسرة بعد تخرجهم أو تعويضهم لوالديهم عن معاناتهم من أجلهم.
كذلك فإن الأبناء في الأسر البسيطة يتفرغون للمذاكرة، ولا توجد عوامل قد تعطلهم كالدش والإنترنت والسيارة والنادي، مع الاعتراف بالفروق الفردية التي تؤدى إلى اختلاف نتائج مستويات التحصيل والتفوق، حتى مع تشابه مستويات الأسر وظروفها.
غير أن توتر الأسرة وتسلطها على الأبناء وتضييقها عليهم قد يفرز نتائج سلبية قد تدفعهم للعناد، وتؤثر على تركيزهم وتحصيلهم؛ لأنهم يشعرون بأنهم محاصرون.
أما الأسرة الواعية المتوازنة المعتدلة؛ فتقيم علاقة صداقة مع أبنائها وتحقق لهم مناخ الاستقرار النفسي الذي يدفعهم إلى بذل أقصى الجهد لإسعاد الأسرة بالنجاح والتفوق.
ويرتبط بوعي الأسرة الحرص على عدم مقارنة الطالب بغيره ممن هم أكثر تفوقًا في العائلة أو بين الجيران والأقارب؛ لأن ذلك قد يحبطه، بل عليها أن تشجعه وتحفزه بالمكافآت، وترفع معنوياته وتبث فيه الأمل في النجاح والتفوق؛ فيصبح أكثر استجابة للمذاكرة والتحصيل دون ضغط أو قيد أو إكراه.
(المشاركة الوالدية للمدرسة)
وتنبه د. سوزان إلى أن من عوامل تفوق الأبناء المشاركة الوالدية بالمدرسة للوقوف على مدى التزام الطالب سلوكيًا وأخلاقيًا ودراسيًا، وقدراته التحصيلية؛ فالمدرسة والأسرة هما جناحا العملية التعليمية، وهما أساس التفوق والإبداع إذا توافر الاستعداد الذاتي.
جزاك الله خيرا
نسايم الحجاز
القلب الكبير
ايمان علي
الله يسلمكم ويعافيكم ويسعد ايامكم