لم يترك المرجفون أعداء النجاح والإصلاح قاطنو غرف التآمر المظلمة في ديارنا الإسلامية والعربية . . لم يتركوا عظيماً إلا حاولوا تشويه صورته وطمس تاريخه المشرف والعظيم بالأكاذيب والمؤلفات والمسلسلات الهابطة المليئة بالمغالطات والأكاذيب التاريخية التي لا تصمد أمام النقد والتحقيق العلمي طويلاً .
ومن أمثلة ذلك الشيخ عليش العالم الأزهري الواعي والجليل الذي تصدى للمتآمرين على الأزهر الشريف ومركزه العلمي المشرف والمميز ، فألفوا حلقات ضاحكة عليه في مسلسل يومي رمضاني تتصدره أغنية هزلية ، وكنا بجهلنا نستمع إليها يومياً ولا نعلم المغزى منها .
وكذلك السلطان عبد الحميد الثاني الرجل العظيم الذي أبى أن يبيع فلسطين للصهاينة ، وبذل جهوده لإنقاذ الخلافة الإسلامية ، وأخر سقوطها لمدة ثلاثين عاماً في ظروف عالمية قاسية ، فوصفوه بالسلطان الدموي الأحمر الدكتاتوري القاتل .
والعالم المجاهد الفقيه المجدد ابن تيمية الذي ملأ الدنيا علماً وفقهاً ووعياً في وقت ساد فيه الظلام والانتحار الاجتماعي البلاد الإسلامية بالهروب إلى مراكز الدروشة والتصوف المنحرف عن منهاج الزهد الإسلامي الأصيل ، فاتهموه بالتجسيد والفساد العقائدي .
والفاتح العظيم أرطبون العرب عمرو بن العاص الذي حاول كاتب الحانات والراقصات تشويه صورته بجهل استناداً إلى بعض كتب الأدب الحاقدة والمشبوهة .
وهارون الرشيد الحاكم العادل الذي أرسل إليه ملك إنجلترا ببناته ليتعلمن الأخلاق الفاضلة من بناته المسلمات العفيفات الطاهرات ، ويكتب إليه ملك إنجلترا رسالة يذيليها بقوله "خادمكم المطيع" .
وصلاح الدين الأيوبي البطل المغوار الذي غسل العار عن المسلمين ، وحرر القدس من الصليبيين ، مازال هناك من يطعن في سيرة هذا البطل ويحقد عليه .
وقراقوش وزير صلاح الدين العظيم الذي بنى قلعة الجبل ( قلعة صلاح الدين ) في القاهرة أعظم أثر إسلامي في القاهرة ، وبنى سور القاهرة العظيم ، وسور مجرى العيون لإمداد القلعة بالمياه من النيل . . هذا الوزير العظيم "قراقوش" الذي مهد القاهرة والشام لقتال الصليبيين ، ألّف الحاقدون عليه كتاب ( الفاشوش في أحكام قراقوش ) ودسوا فيه حقدهم على هذا المجاهد العظيم ، وأصبح في التاريخ والأدب شخصيتان : شخصية قراقوش المجاهد العظيم والقائد العسكري المميز والوزير والمربي المخلص ، وقراقوش المضحك الظالم المتسلط المشهور ( بحكم قراقوش ) تعبيراً عن الظلم والقهر .
قراقوش المجاهد هو الأمير بهاء الدين قراقوش العالم الفقيه الذي كرس نفسه للخدمة الإدارية والعسكرية ، وكان والي صلاح الدين على عكا ، وكان من أروع القادة وأشجعهم ، وقد كتب إلى صلاح الدين يخبره أنه لم يبق عنده من الأقوات ما يكفيه فلما وصل الكتاب إلى صلاح الدين أخفاه لئلا يعلم الفرنجة بالأمر فيهاجموا المدينة ويحاصروها ، ثم جهز صلاح الدين ثلاثة مراكب من بيروت بزي الإفرنج بعدما حلقوا مثلهم وشدوا الزنانير واصطحبوا شيئاً من الخنازير ، فلما مروا على مراكب الإفرنج اعتقدوهم منهم ولم يعترضوا سبيلهم ( كما قال ابن كثير في البداية والنهاية ) ، وعندما وقع قراقوش في الأسر افتداه صلاح الدين بعشرة آلاف دينار وفرح بفك أسره فرحاً عظيماً . وقراقوش كلمة تركية معناها : النسر الأسود ( قوش : نسر ، قرا : أسود ) .
ومازال هذا الحقد مستمراً على عظماء الأمة ، ومازالت المؤامرة عليهم مستمرة ، وطالت هذه المؤامرة التاريخ الإسلامي كله من عهد المصطفى صلى الله عليه وسلم إلى الآن ، وطالت أهل بيته الأطهار وصحبه الكرام ، فهذه الحضارة الإسلامية العلمية الزاهرة والقلاع الحصينة والمدارس المتميزة والبيمارستانات ( المستشفيات ) المتخصصة والأوقاف المتعددة والمؤلفات النادرة والاكتشافات العلمية المؤثرة التي غيرت مجرى الحياة في أوروبا ، والفتوحات التي امتدت إلى الصين والهند والبلقان والمجر وإسبانيا وإفريقيا وأوروبا ، والتضحيات العظيمة ، كل هذه الحضارات العلمية الزاهرة في أدبيات هؤلاء المرجفين والحاقدين ظلم وظلام دامس وعهر وقهر وانهزام وفتن وقتل ودمار!
ملك إنجلترا يرسل إلى هارون الرشيد ببناته لتتعلم الأخلاق الحميدة ويخاطبه بقوله "خادمك المطيع" ، وهؤلاء يسمون فنادق الدعارة وقاعات الرقص والخمر باسم الخليفة العادل الطاهر هارون الرشيد!
وقد امتلأت كتب الأدب المغرض بالروايات والحكايات الكاذبة عن المجاهدين في سبيل رفعة هذه الأمة ، ولكن هيهات أن يطفئ هؤلاء نور الشمس في وضح النهار ، وهيهات أن تظل أكاذيبهم بعد أن انتشر العلم ووضح الأمر وسخر الله لهؤلاء من يظهر تاريخهم المشرف للأمة . . وفي مكتبي عشرات الرسائل العلمية المحكمة والموثقة والمنشورة عن أمجاد وعظماء الأمة ، فلقد سخر الله لهؤلاء من يحبهم وينشر كتبهم ويذبّ الكذب عن سيرهم . . قال تعالى : { فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ } [الرعد : 17].
وأنا أسأل هؤلاء : من أحق بالبغض والمقاومة . . أعداء الله والأمة من غير المسلمين الذين يكيدون للأمة ويخططون للقضاء عليها وتحويلها عن دينها ونهب ثرواتها البشرية والطبيعية ، أم أهل القبلة الملتزمون بشرع الله ، الذين تحزنهم جراح الأمة ويدافعون عنها؟! . . هذا يذكرنا بالفتن التي كان يقتل فيها المسلم ويترك غير المسلم ويكلف من يبلغه مأمنه من المسلمين! . .
ألم تعلموا أن كل المسلم على المسلم حرام : عرضه وماله ودمه؟! ألم تعلموا أن المسلمين كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالحمى والسهر؟! ألم تعلموا أننا سنقف في يوم أمام الله ويسألنا عما فعلناه ببعضنا البعض؟! أم أنكم تعتبرون هؤلاء المجاهدين خطراً على الأمة وخونة يجب الوقوف ضدهم وتشويه صورتهم أمام الجماهير؟! . . هل أنكروا معلوماً من الدين بالضرورة؟! هل استباحوا الحرمات ونشروا المنكرات؟! هل وقفوا يوماً مع أعداء الأمة وتعاونوا معهم ضد الأمة؟!
لو أجبتم عن هذه الأسئلة بعدل وموضوعية لعلمتم مدى الخطر الذي يقع فيه من يحقد على عظماء الأمة والمجاهدين ، ومدى الخطر الذي يقع فيه من يخطط لتشويه صورة هؤلاء العظام الذين حموا الأمة في أحلك الأوقات وأشدها خطراً على التوحيد وأهل التوحيد . . قال تعالى : { وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ } [البقرة : 281] .
د . نظمي خليل أبو العطا
أخبار الخليج منتدى الجمعة العدد ( 9835 ) 16 محرم 1445 هـ – 25 فبراير 2024م
نقلا عن موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة
هذا الموضوع لفت نظري بشدة
لأنه هذا التشويه يحصل كثيرا جدا حتى أن الاستهزاء بالعلماء والصالحين وغيرهم ممن عملوا على تقدم الإسلام وحضارتنا أصبح شيئا عاديا جدا حتى أن النكات تقال عليهم من غير أي اكتراث حتى والعياذ بالله
والله إنه لحال مرير
وأنا أسأل هؤلاء : من أحق بالبغض والمقاومة . . أعداء الله والأمة من غير المسلمين الذين يكيدون للأمة ويخططون للقضاء عليها وتحويلها عن دينها ونهب ثرواتها البشرية والطبيعية ، أم أهل القبلة الملتزمون بشرع الله ، الذين تحزنهم جراح الأمة ويدافعون عنها؟! . . هذا يذكرنا بالفتن التي كان يقتل فيها المسلم ويترك غير المسلم ويكلف من يبلغه مأمنه من المسلمين! .
نسأل الله عز وجل أن يحفظ علماء الأمة وعظماءها من عبث أعدائها..
شيء يندى له الجبين أن تؤلف " نكت " من قِبل شباب المسلمين عن مثل هؤلاء العلماء..
بارك الله فيكِ ..
آمين يا رب العالمين
اللهم اهدي شبابنا يا الله
بالفعل و أنا لدي كتاب اسمه ظرفاء العرب وبه نكت عن قراقوش للأسف ولم أكن أعلم أنه هو من هو عندما فرأت عنه
هذا ما يسعون إليه أعداء الإسلام ويجب على الكل أن يتنبه ولا يبيع أمثال هذه الكتب التي تدني من شأن عظماء الإسلام
شكرا على مرورك الطيب
قراقوش المجاهد هو الأمير بهاء الدين قراقوش العالم الفقيه الذي كرس نفسه للخدمة الإدارية والعسكرية ، وكان والي صلاح الدين على عكا ، وكان من أروع القادة وأشجعهم
وقراقوش كلمة تركية معناها : النسر الأسود ( قوش : نسر ، قرا : أسود )
جميل أن نعرف هذه المعلومات كبينة عندما نصحح لمن حولنا ( طبعا العبارات المسيئة تتردد كثيراً، و من واجبنا أن نصحح المفاهيم للناس)
جزاكِ الله خيرا، و أعاننا و إياكِ على نصرة هذا الدين بكل طريقة متاحة..
بالتأكيد
جزاك الله خيرا
آمين
شكرا على مرورك الطيب
ليس لأنه موضوعي صدقا
إنما هو موضوع جدي ومهم وخطير
أرجو أن أرى إقبالا أكثر