جرت مجادلة بيني وبين أحد علماء بريطانيا: البروفسور كروستوفر بالس ، وهو طبيب من مشاهير علماء بريطانيا في الطب ، فأردت أن أثبت له أنه في نظر حضارته الكافرة أحقر من حذائه !
فقلت له : هل وُجِدَت عينك لحكمة ؟
قال : نعم .
قلت : وهل وُجِدَ أنفك لحكمة ؟
قال : نعم.
وأخذت أعدد أعضاء الجسم .
فقال لي : هذه مواضيع أبحاث علمٍ يسمى علم وظائف الأعضاء لا يتخرج الطبيب من أي كلية في الطب إلا إذا درسه .
فقلت له : هل الحكمة من هذا العضو خاصة بالعضو نفسه ، أم أنها من أجل الكل؟
(أردت أن يعترف أن الحكمة من الأجزاء ليست من أجل الأجزاء نفسها وإنما من أجل الكل).
فقال: أرأيت لو جئت بالجهاز الهضمي وحده من دون الجسم أله قيمة؟
قلت: لا .
قال: كيف تقول: إن الأعضاء والأجهزة أحكمت من أجل نفسها ولم تحكم من أجل الكل؟
قلت له: أنا كنت أسأل وأنت قد أجبتني . فما الحكمة من هذا الكل؟
فبهت وأطرق برهةً وأدرك أنه وقع في الفخ!!
وقال: هذه فلسفة !
قلت له:قبل قليل كان علماً (علم وظائف الأعضاء)!! لقد هربت ، وكنت أعلم أنك ستهرب ، وأنا أعلم لماذا ستهرب. ولكن قبل ذلك عندي سؤال .. أفي استعمال حذائك حكمة ؟
قال: نعم لها فائدة: فهي تقيني الأذى، فهي تحمي قدمي من الاصطدام بالأجسام الثقيلة ومن الخدش بالأجسام الحادة ، ومن التضرر بالسوائل الضارة ، ومن تقلبات الجو ، ومن اختراق بعض الكائنات وغير ذلك .
فقلت له: ألوجودك حكمة ؟
فبهت مرة ثانية !
فقلت له: والله أني لأعجب يا برفسور من حضارتكم التي تقول لكم: إن الإنسان أحقر من نعله !! فلاستعمال الحذاء حكمة، ولابسها لا حكمة من وجوده!!
أما لماذا لم تعرفوا الحكمة ولماذا هربت فذلك لأن الحكمة من خلقك لا تعرف إلا بتعليم من الخالق ، وأنتم لا تعرفون الخالق ، فكيف ستعرفون حكمة وجودكم؟! لذلك سيبقى الإنسان في نظركم أقل شأناً من الحذاء. ولا طريق للتخلص من هذا إلا أن تعرف ربك لكي تعرف لماذا خلقك. وقلت له: يا دكتور سأضرب لك مثالاً: لو أن لدينا جهازا إلكترونيا معقدا غاليا ونريد أن نعرف الحكمة منه فليس هناك إلا طريق واحد وهو أن نتصل بالذي صنعه ؛ لأن الحكمة من هذا الجهاز مختفية في نفس الصانع .
فأضاف قائلاً: أو نتصل بمندوبه .
قلت : صدقت. فإذا أردت أن تعرف الحكمة من خلقك فليس لك إلا أن تتصل بمندوبي الذي خلقك، وهم رسل الله عليهم الصلاة والسلام .
وسيبقى الإنسان أحقر من حذائه ما لم يؤمن بالله ورسوله! لا يعرف الحكمة من وجوده، ولا يعرف ربه ، ولا يعرف لماذا دخل إلى هذه الدنيا ولماذا يخرج منها!
وهذا التخبط والحيرة والتيه الذي يعيشه هؤلاء عبر عنه أحد الشعراء2في قصيدة سماها "الطلاسم" والتي تدل على عمق حيرتهم، بقوله:
جئت لا أعلـم مـن أيــن ولكنـي أتيت
ولقد أبصرت قدامــي طريقـا فمشيــت
كيف جئت ؟ كيـف أبصــرت طريقي ؟!
وسأبقـــى سائـراً إن شئت هذا أم أبيت
لســـت أدري !!
أجديد أم قديم أنا في هذا الوجــــود ؟
هل أنا حر طليق أم أسير في قيـــود ؟
هل أنا قائد نفسي في حياتي أم مقــود؟
أتمنـى أننـــي أدري ولكـــــن
لست أدري !
وطريقي ما طريقي؟ أطويل أم قصــير؟
هل أنا أصعد أم أهبط فيه وأغـــور؟
أأنا السائر في الدرب أم الدرب يسـير؟
أم كلانا واقف والدهر يجـــــري؟!
لست أدري !
ليت شعري وأنا في عالم الغيب الأمـين
أتراني كنت أدري أنني فيه دفــــين
وبأني سوف أبدو وبأني سأكــــون
أم ترانـــــي كنت لا أدرك شيئـاً؟
لست أدري !
أتراني قبلما أصبحت إنساناً سويـــاً
كنت محواً أو محالاً أم تراني كنت شيئاً
ألهذا اللغز حل؟ أم سيبقــى أبديــاً
لست أدري … ولماذا لســت أدري ؟
لست أدري !
ثم يقول :
أَوراء القبر بعد الموت بعث ونشــور؟
فحياة ، فخلود ، أم فناء فدثــــور؟
أكلام الناس صدق أم كلام الناس زور؟
أصحيح أن بعض الناس يــــدري؟
لست أدري !
إن أكن أبعث بعد الموت جثمانا وعقـلاً
أترى أبعث بعضاً أم ترى أبعث كـــلاً
أترى أبعث طفلاً أم ترى أبعث كهــلاً؟
ثم هل أعـرف بعد البعث ذاتــــي؟
لست أدري !
هذه خلاصة التيه والضلال عندما يغيب الإيمان، وهذه صورة للتخبط والجهالة والغفلة عن حقائق الوجود تظهر الواقع الذي يعيش فيه هؤلاء الكافرون. قال تعالى: ]إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ [(محمد:12) .
=============
2 – هو إيليا أبو ماضي .
:
جزاكم الله خيراً
:
:
الحمد لله على نعمتي العقل والإسلام..
فعلا ما أعظم نعمة الاسلام,,
من اخوكم رسائل النور
بارك الله فيكم ورزقنا الله نعمة تنمية الفطانة حتى نتمكن من الحوار والاقناع في هذا الزمان الصعب الفتان
.نكرر الشكر