————————————————————-
الحديث الضعيف:
الضعيف: وهو ما كان فيه علة قادحة من علل الحديث المعروفة ، مثل ضعف أحد رواته ، أو اضطراب ، أو النكارة ، أو الشذوذ ونحوها.
والحديث الضعيف سنداً قد يكون صحيحاً معنى ؛ لموافقة معناه نصوص الشريعة ، مثل حديث: ((طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس)) ونحوه كثير،ولكن ذلك مما لا يُجيز نسبته إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبهوسلم
لا يجوز ذكر الحديث الضعيف إلا مع بيان ضعفه:
لقد جري كثير من المؤلفين ولا سيما في العصر الحاضر على اختلاف مذاهبهم واختصاصهم على رواية الأحاديث المنسوبة إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم دون أن ينبهوا على الضعيفة منها ، جهلاً منهم بالسنة ، أو رغبة أو كسلاً منهم عن الرجوع إلى كتب المتخصصين فيها ، وبعض هؤلاء – أعني المتخصصين – يتساهلون في ذلك في أحاديث فضائل الأعمال خاصة.
قال أبو شامة: (( وهذا عند المحققين من أهل الحديث وعند علماء الأصول والفقة خطأ ، بل ينبغي أن يبين أمره إن علم ، وإلا دخل تحت الوعيد في قوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (( من حدث عني بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبي )). رواه مسلم.
هذا حكم من سكت عن الأحاديث الضعيفة في الفضائل ! فكيف إذا كانت في الأحكام ونحوها ؟
واعلم أن من يفعل ذلك فهو أحد الرجلين:
1. إما أن يعرف تلك الأحاديث ، ولا ينبه على ضعفها فهو غاشٍ للمسلمين ، وداخل حتماً في الوعيد المذكور.
قال ابن حبان في كتابه (الضعفاء) (( في هذا الخبر دليل على أن المحدث إذا روى ما لم يصح عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم مما تقول عليه وهو يعلم ذلك يكون أحد الكاذبين ، على أن ظاهر الخبر ما هو أشد قال صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (( من روي عني حديثاً وهو يرى أنه كذب .. )) – ولم يقل: إنه تيقن أنه كذب – فكل شاكٍ فيما يروي أنه صحيح أو غير صحيح ؛ داخل في ظاهر خطاب هذا الخبر.
2. وإما أن لا يعرف ضعفها فهو آثم أيضاً لإقدامه على نسبتها إليه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم دون علم ، وقد قال صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (( كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع )) ، فله حظ من إثم الكاذب على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ، لأنه قد أشار صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أن من حدث بكل ما سمعه – ومثله من كتبه – أنه واقع في الكذب عليه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم لا محالة ، فكان بسبب ذلك أحد الكاذبين؛ الأول: الذي افتراه. والآخر: هذا الذي نشره!
إذا كان من المسَّلم به شرعاً أنه ينبغي مخاطبة الناس بما يفهمون ما أمكن ، وكان الاصطلاح المذكور عن المحققين لا يعرفه أكثر الناس فهم لا يفرقون بين قول القائل: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ، وقوله: رُوي عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم؛ لقلة المشتغلين بعلم السنة ، فإني أرى أنه لابد من التصريح بصحة الحديث أو ضعفه دفعاً للإيهام كما يشير إلى ذلك رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم بقوله: (( دع ما يريبك إلى ما لا يريبك )). رواه النسائي والترمذي.
لا يجوز العمل بالحديث الضعيف مطلقاً ، لا في فضائل الأعمال ولا غيرها:
قال الحافظ ابن رجب الحنبلي في ( شرح الترمذي ): (( وظاهر ما ذكره مسلم في مقدمة كتابه؛ – يعني الصحيح – يقتضي أنه لا تروى أحاديث الترغيب والترهيب ، إلا عمن تروى عنه الأحكام )).
قلت: وهذا الذي أدين الله به ، وأدعو الناس إليه ، أن الحديث الضعيف لا يعمل به مطلقاً ، لا في الفضائل والمستحبات ، ولا في غيرهما ، ذلك:
1. لأن الحديث الضعيف ، إنما يفيد الظن المرجوح بلا خلاف أعرفه بين العلماء ، وإذا كان كذلك ، فكيف يقال: يجوز العمل به ، والله عزَّ وجلَّ قد ذمه في غير آية من كتابه ، فقال تعالى: (( إن الظن لا يغني من الحق شيئاً )) ، وقال: (( إن يتبعون إلا الظن )) ، وقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (( إياكم والظن ، فإن الظن أكذب الحديث )). أخرجه البخاري ومسلم.
2. أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أمرنا باجتناب الرواية عنه إلا ما علمنا صحته عنه؛ فقال: (( أتقوا الحديث عني إلا ما علمتم )) ، ومن المعلوم أن رواية الحديث إنما هي وسيلة للعمل بما ثبت فيه؛ فإذا كان الرسول صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ينهانا عن رواية ما لم يثبت عنه؛ فمن باب أولى أن ينهى عن العمل به. وهذا بيِّن واضح.
3. أن فيما ثبت عنه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم غنية عما لم يثبت.
عاقبة التساهل برواية الأحاديث الضعيفة ، وكتم بيانها:
والحقيقة أن تساهل العلماء برواية الأحاديث الضعيفة ساكتين عنها قد كان من أكبر الأسباب القوية التي حملت الناس على الابتداع في الدين؛ فإن كثيراً من العبادات التي عليها كثير منهم اليوم إنما أصلها اعتمادهم على الأحاديث الواهية بل والموضوعة؛ كمثل التوسعة يوم عاشوراء ، وإحياء ليلة النصف من شعبان ، وصوم نهارها ، وغيرها كثيرة جداً ، تجدها مبثوثة في كتابي سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ في الأمة.
وساعدهم على ذلك تلك القاعدة المزعومة القائلة بجواز العمل بالحديث الضعيف في الفضائل.
————————————————————-
و رحم الله العلامة الألباني و علماء المسلمين
و هذا علم لا بد ان نأخذ به قدر المستطاع
فهو من المعلوم بالدين بالضرورة
نسال الله لنا و لك القبول
و بانتظار المزيد و المفيد
وارقى تحية