قال تعالى في كتابه العزيز بسورة فصلت الآية رقم 44
بسم الله الرحمن الرحيم
سورة فصلت
هي سورة مكية ، تتناول جوانب العقيدة الإِسلامية والأهداف الأساسية لها وهي "لوحدانية، الرسالة، البعث والجزاء"
وسُميت " فصّلت " لأن الله تعالى فصَّل فيها الآيات ووضَّح فيها الدلائل على قدرته ووحدانيته
وأقام البراهين القاطعة على وجوده وعظمته، وخلقه لهذا الكون البديع الذي ينطق بجلالته وعظيم سلطانه
هدف الآية 44 منها
{ وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ ۖ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ ۗ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ ۖ
وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى ۚ أُولَٰئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ }
من بين الدلائل العدة التي جاءت بها السورة الكريمة هي الآية المعنية بموضوعنا هذا والتي تفسربوضوح
* تعنت الكافرين ومكابرتهم للحق وكلمة الله *
فذكر الله تعالى تعنُّتهم ومكابرتهم للحقِّ بعد سطوعه حتى وأن أنزل عليهم هذا القرآن بلغة العجم
يقالون هلاَّ بُيّنت آياته بلسانٍ نفهمه ؟ وهلاَّ نزل بلغتنا ؟ وذلك باستفهام إنكاري في أن القرآن أعجمي والنبي عربي
فقال سبحانه وتعالى قل لهم يا محمد: إن هذا القرآن هدى للمؤمنين من الضلالة وشفاء لهم من الجهل والشك والريب
والذين لا يصدّقون بهذا القرآن، في آذانهم صممٌ عن سماعه فكما أن للقرآن رحمة للمؤمنين،هو شقاء وتعاسة للكافرين
كقوله تعالى { وننزّل من القرآن ما هو شفاءٌ ورحمة للمؤمنين، ولا يزيد الظالمين إلا خساراً }
أولئك الكافرون بالقرآن، كمن يُنادى من مكان بعيد، فإِنه لا يسمع ولا يفهم ما يُنادى به.
تفاسير العلماء
تفسير ابن كثير
لما ذكر الله تعالي فصاحة القرآن وبلاغته وأحكامة في لفظة ومعناه ، ومع كل ذلك لم يؤمن به المشركون
عندئذ نبه الله تعالى رسوله على أن كفرهم به كفر عناد وتعنت فقال عز وجل
" وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَى بَعْض الْأَعْجَمِينَ فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ مَا كَانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ "
وحتى إن انزل كلة بلغة العجم لما اعجبهم بسبب عنادهم وتعنتهم وقالوا " لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاته أَأَعْجَمِيّ وَعَرَبِيّ "
وقال حسن البصري : بأن هذا المعني روي عن العديد من منهم أمثال
أبن عباس ومجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير والسدي وغيرهم
وهنا رد عليهم عزوجل " قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاء "
أي قل يا محمد أن هذا القرآن هدى لقلب من آمن به وشفاء لصدره من الشكوك والريب
" وَاَلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانهمْ وَقْر " أي لا يفهمون ما فيه
" وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى " أي لا يهتدون الى ما فيه من البيان كقولة تعالى
" وَنُنَزِّل مِنْ الْقُرْآن مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَة لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيد الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا "
وقال مجاهد في : " أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَان بَعِيد " يعني بعيد عن قلوبهم
وأيده أبن جرير فقال : معناه كان يخاطبهم ويناديهم من مكان بعيد ولا يفهمون ما يقول ، وهذا كقول الله تعالى
" وَمَثَل الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَع إِلَّا دُعَاء وَنِدَاء صُمّ بُكْم عُمْي فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ "
أما الضحاك فقال : ينادون يوم القيامة بأشنع أسمائهم
تفسير الطبري
وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ ۖ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ
أي أنهم كانوا يقولون إِنكارًا لَه : أَأَعجمي هذا القرآن ولسان الذي أُنزِل عليْه عربِي ؟
وقالوا لولا فصلت آياته بعضها عربي وبعضها عجمي وهو تأ,يل من قراء بترك الاستفهام فيه
وذكر عن حسن البصري بأنة قراها بهمزة واحدة على غير مذهب الاستفهام.
وقوله{ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاء } يقول تعالى عز وجل
قل يا محمد (عليه الصلاة والسلام) لهم : هو ويعني بقولة القرآن
للذين آمنو بالله وصدقوا بما جاء به رسوله من عند ربهم يعني بيان الحق وشفاء من الجهل
وَقَوْله{ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانهمْ وَقْر وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى }
ولكن بآذانهم وقر وصم عن استماعه ويعرضون عنه
{ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى } وأن هذا القرآن عمي عليهم فلا يبصرون حججه ومواعظه
أما لقوله تعالى { أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَان بَعِيد } فاختلف أهل التأويل في معناه فقال بعضهم
تشبيه من الله جل ثناؤه لعمي قلوبهم عن ما جاء بالقرآن الكريم ببعيد لايسمع من يناديه
وقال بعض أهل العربية بأن هذا القول خبر
أما البعض الآخر منهم نحوي البصرة : فيجوز ذلك ويجوز أن يكون على الأخبار التي في القرآن يستغنى بها
وإن الذكر الذي كفر به هؤلاء المشركون لما جاءهم وانه لكتاب عزيز كريم
تفسير القرطبي
وجاء تفسير العالم الطبري على نحو بسيط متفق مع زملائة من العلماء … فكان بالمعاني التالية
وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا : أَي بلغىة غير العرب
لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ : لو بينت بلغتنا فإ،نا عرب لا نفهم الأعجمية
أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ : بهمزتين مخففتين ، والعجمي الذي ليس من العرب كان فصيحاً أو غير ذلك
والأعجمي الذي لا يفصح كان من العرب او من العجم ، فالأعجم ضد الفصيح وهو الذي لا يبين كلامة.
قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ : علم الله أن القرآن هدى وشفاء لكل من آمن به من الشك والريب والأوجاع.
وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ : أي صم عن سماع القرآن .
وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى : يعني القرآن " عَلَيْهِمْ " دو عمي لأنهم لا يفقهون.
أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ : يقال ذلك لمن لا يفهم من التمثيل ، وحكي أهل اللغة أنه يقال :
أنت تسمع من قريب … ويقال أنت تنادي من بعيد .
الفائدة المأخوذة من الآية
إن القرآن الكريم بوضوح آياته ، وسطوع براهينه ، هادٍ إلى الحق ، ومزيل للريب والشك
وشفاء من داء الجهل والكفر والارتياب ، ومن ارتاب فيه ولم يؤمن به ،
فارتيابه إِنما نشأ عن توغله في اتباع الشهوات ، وتقاعده عن تفقد ما يُسعده وينجيه
من الهلاك والمعصية ، حِب الله يحبك ويهديك ويسعدك في دنياك وآخرتك …
أتمنى من الله أن أكون وفقت فيما عرضت
وأرجوا الدعاء من كل من قراء واستفاد
وجعله الله بميزان حسناتك باذن الله …،،،
تقبلي مروري …،،،
واتمنى ان تكوني استفدتي من الموضوع
انتظر عودتك سريعاً ان شاءالله
اللهم اجعل القرأن ربيع قلوبنا
اللهم أمين
بوركتى أختاه