تخطى إلى المحتوى

من هنابدءالاسلام 2024.

تحدثنا عن الزمان الذي بعث فيه الرسول صلى الله عليه وسلم، والآن نتحدث عن المكان الذي بُعث فيه صلى الله عليه وسلم.

لماذا مكة؟ هذا هو السؤال الذي نبدأ به، لماذا لم يُبْعث الرسول في فارس أو الروم أو في فلسطين ككثير من الأنبياء؟ أو في مصر كسيدنا موسى عليه السلام؟

لماذا ينزل الوحي في مكة، وتجري أحداث قصة الرسول في المدينة والجزيرة والطائف وغيرها؟

ليس هناك نقطة واحدة في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم عشوائية، بل كل نقطة بحساب، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم سيصير قدوة لكل المسلمين، لذا لا بد أن تكون كل خطوة في حياته محسوبة بدقة.

إذن كان الوضع في جزيرة العرب هو الوضع المناسب لقيام الدعوة الإسلامية.

من الواضح أن التجربة الإسلامية الأولى كانت تجربة ناجحة تمامًا، ومن الواضح- أيضًا- أن البيئة التي نشأت فيها الرسالة، وخطت فيها خطواتها الأولى كانت بيئة صالحة؛ لأننا رأينا الإسلام ينتشر بسرعة عجيبة وبثبات أعجب، ففي غضون سنوات قليلة لا تحسب في التاريخ بشيء وصل الإسلام من أقصى الأرض إلى أقصاها.
لاكي
ليس هذا فقط، بل دخل الناس في دين الله أفواجًا، راغبين غير مكرهين، مختارين غير مجبرين.

نريد أن ندرس هذا السؤال لنعلم المقومات التي أنجحت هذه الرسالة. نعم إن الرسالة من الممكن أن تحقق نجاحًا ذاتيًا، لأنها عظيمة في ذاتها، وتصلح لكل زمان ومكان، ولكن من منظور هذه السطور نحن نقول: كيف نبني أمة ؟ وأول البناء وضع الأساس.

نريد أن نعرف لماذا اختار الله عز وجل هذه الرقعة من الأرض لوضع الأساس لهذا المشروع الناجح (الإسلام)؟ ما مواصفات هذا المكان؟ ما ظروفه؟ ما طبيعته؟ فإذا عرفنا ذلك فإننا قد نستطيع أن نستخرج قواعد في غاية الأهمية لإعادة بناء الأمة الإسلامية على أساس صحيح، وسندرك بعدها أي بيئة ستكون أصلح لنشأة هذا الدين وتمكينه.

ونحن ندرك أنّ الحكمة الكاملة وراء اختيار المكان لا يعلمها إلا الله عز وجل، ولكننا نبحث قدر الاستطاعة، ونسأل الله التوفيق
ليس فيها فلسفات، ليس فيها تشريعات مركبة، ليس فيها قوانين مفضًلة، إنما هي حياة بسيطة إلى أبعد درجات البساطة، بينما كانت الحضارات المعاصرة ذات أفكار مرتبة، وفلسفات خاصة، وتاريخ طويل:

1ـ الدولة الرومية الغربية والشرقية: كان لديها قوانين وتشريعات في مختلف المجالات، بالطبع كان فيها ظلم وإجحاف، ولكنها في العموم قوانين تغطي مجالات الحياة.

2ـ اليونان: كانت جزءًا من الدولة الرومانية، كما ظهر فيها فلاسفة كبار لهم فلسفات خاصة كسقراط وأفلاطون وأرسطو.

3ـ الدولة الفارسية: ظهر لديهم فلاسفة كمزدك (صاحب فكرة الشيوعية) وزرادشت.

4ـ الهند: كان لديهم لكثير من حكمائهم طبقًا لأفكارهم.

5ـ مصر الفرعونية: وكان لديهم تاريخ طويل، وقوانين وتشريعات عديدة.

ورغم كل هذا نشأت الرسالة في مكان يعتبر بلا تاريخ ثقافي، اللهم إلا الشِّعر، لكن حتى الشعر لم يكن له دور فعال، أو أهمية خاصة في إنشاء الأمة الإسلامية، بل إن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن يعرف نَظْم الشعر رغم بلاغته وفصاحته صلى الله عليه وسلم، وقد قال الله تعالى:

[وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ] {يس:69} . أي لا يصح له أن يقول الشعر، وليس ذلك لأن الشعر حرام ولكن لكي لا يختلط على الناس الأمر، فيعتقدوا أن القرآن نوع جديد من الشعر ساقه الرسول صلى الله عليه وسلم من عنده.

وكذلك كان المهاجرون- على فصاحتهم- لا يقولون الشعر إلا قليلاً، فأبو بكر وعمر وعثمان وعليّ وطلحة والزبير، كان معظمهم لا يقول الشعر، ولم يظهر للمسلمين شعراء إلا بعد تثبيت أركان الدولة الإسلامية في المدينة، فظهر من الأنصار شعراؤهم: كعب بن مالك، وحسان بن ثابت، وعبد الله بن رواحة وغيرهم.

كان ذلك لشيء هو من الأهمية بمكان ألا وهو: نقاء الرسالة؛ حتى لا تختلط الرسالة بأفكار أخرى سابقة، وهنا قد يتهمها الناس بأنها مجرد تطور لمعتقدات معينة، وقواعد خاصة وضعوها منذ آلاف السنين، قد يحث بعضها على معنى أو فضيلة معينة يحث عليها الإسلام أيضًا، ولكن مع شيء من التحويل والتغيير، فقد يحث بعضهم على الصدق، أو الزهد في الدنيا والأمانة، فإذا جاءت هذه الأفكار في الإسلام فقد يعتقد البعض أنها مجرد تطور لأفكار الفلاسفة.

وقد ادعى بعض أعداء الإسلام هذا الادعاء رغم بُعد الرسول صلى الله عليه وسلم عن هؤلاء الفلاسفة، ورغم كونه صلى الله عليه وسلم أُمّيًا وقت نزول الرسالة، فكيف تكون الحال إذا نزلت الرسالة في بلدٍ مملوءٍ بالفلاسفة والمفكرين؟!

كما أنّ هناك أمرًا آخر مهم أيضًا هو ضمان عدم تسرب بعض هذه الأفكار والفلسفات إلى الإسلام شيئًا فشيئًا دون دراية المسلمين بذلك، فيختلط الصواب بالخطأ، والحق بالباطل.

إن الجزيرة العربية رغم خلوها من الفلسفات والأفكار القديمة، فإن مجتمع المسلمين فيها احتاج جهدًا كبيرًا لإلغاء عادة مثل التبني، فقد استلزم الأمر طلاق الصحابي الجليل زيد بن حارثة رضي الله عنه من زوجه زينب بنت جحش رضي الله عنها، ثم زواج النبي صلى الله عليه وسلم منها، كل ذلك لإحداث هزة في المجتمع لإلغاء هذه العادة، فكيف لو كان البلد حافلا بالفلسفات وأصحابها؟!

إن الله عز وجل يريد أن يحفظ نقاء الرسالة، ولعل هذا هو السر- أيضًا- في عدم نزول الرسالة في فلسطين، وذلك حتى لا تصبح الرسالة مجرد امتداد لليهودية أو النصرانية.

نعم أصول التوحيد واحدة، ولكن الإسلام أتى بتشريع كامل متكامل يحكم الدنيا والدين، كما أن اليهودية والنصرانية قد حُرِّفَتا بدرجة كبيرة جدًا، ولم يعد أحد يدري أين الصحيح من المزور؟

أراد الله سبحانه وتعالى أن تنزل الرسالة في مكة ليس فلسطين، حتى لا يدّعي أحد أنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم قد مزج بين التوراة والإنجيل، وحرّف فيهما قليلا وغيّر، وصنع منهما الإسلام.

إن كفار مكة قد ادعوا ذلك على الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم فادعوا أن الرسول يأخذ القرآن من غلام نصراني، فكيف لو نزلت الرسالة في بلدٍ مملوءٍ بأهل التوراة والإنجيل كفلسطين؟

لذلك نزلت الرسالة في بلد ليس فيه أي نوع من الثقافات السابقة أو القوانين أو التشريعات.

كل هذا ليبقى الدين في النهاية نقيًا خالصًا [أَلَا للهِ الدِّينُ الخَالِصُ] {الزُّمر:3} .

من هنا نفهم موقف رسول الله صلى الله عليه وسلم من عمر بن الخطاب رضي الله عنه عند رؤيته يقرأ صحيفة من التوراة.

روى أحمد عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكِتَابٍ أَصَابَهُ مِنْ بَعْضِ أَهْلِ الْكِتَابِ، فَقَرَأَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَغَضِبَ (وفي رواية أن عمر هو الذي كان يقرأ)، فَقَالَ الرَّسوُلُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَمُتَهَوِّكُونَ فِيهَا يَا ابْنَ الْخَطَّابِ، والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ حَيًّا مَا وَسِعَهُ إِلَّا أَنْ يَتَّبِعَنِي.

هذا الحديث وإن كان فيه أحد الضعفاء (مجالد بن سعيد) إلا أنه ورد من طرقٍ شتى يقتضي مجموعها أنّ لها أصلا كما قال ابن حجر في الفتح.

ومن هنا- أيضًا- نفهم النهي المتكرر الصريح والجازم الذي جاء في القرآن الكريم بخصوص قضية اتباع الآباء.

لا شك أنه ستكون هناك تقاليد معينة في مكة، ومعتقدات خاصة عند السابقين، فلو اختلطت هذه المعتقدات (وإن كانت قليلة) بالإسلام، فإنّ ذلك لا يضمن بعد ذلك وضوح الرؤية ونقاء الرسالة، قال الله عز وجل:

[وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آَبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آَبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ] {البقرة:170} .

والحقّ أننا شاهدنا بأعيننا آثار اختلاط الإسلام بالأفكار الغريبة عنه، ولو كانت من أفكار الفلاسفة، وكبار الحكماء كما يدَّعون، شاهدنا ذلك في التاريخ وفي الواقع، يتميع الحقُّ، ويضطرب الناس فلا يفرقون بين معروف ومنكر، ولا بين حقٍّ وباطل، ولا بين صدقٍ وكذب.

ومن الأمثلة على ذلك:

دخول المناهج الفلسفية اليونانية إلى الإسلام عندما تمَّت ترجمة كتب الفلاسفة اليونان إلى العربية، فظهرت فرق المعتزلة والمعطلة والجهمية وغيرها، وظهرت تفريعات كثيرة في العقيدة صعَّبت فهمها جدًّا حتى على بعض العلماء، كما فتحت أبواب مسائل ما فتحها رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه، وفُتن المسلمون بفتن ضخمة مثل فتنة الادعاء بخلق القرآن أو أين الجنة، أو غير ذلك من المسائل.

هذه الفتن ضيعت على المؤمنين وقتًا طويلا.

ـ وشغلت المؤمنين بأنفسهم، فحدث الصراع والجدال والقتال بين المؤمنين.

ـ كما عطَّلت الجهاد، وأضعفت شوكة المسلمين.

ـ بل أخرجت بعض المتكلمين من الدين بالكلية.

كل هذا نتيجة خلط بعض المسلمين لأصول الرسالة بغيرها من الأصول، فضاع نقاء الرسالة لولا جهود العلماء المخلصين.

نزول الرسالة في مكة كان يوفر عليها كل هذا الخلط، خاصةً وهي ما زالت في مهدها.

والدرس واضح للمسلمين: حافظوا على نقاء رسالتكم، فنحن لا نحتاج أي مصدر آخر للتشريع غير القرآن والسنة: تَرَكْتُ فِيكُمُ مَا إِنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِ لَنْ تَضِلُّوا بَعْدِي أَبَدًا: كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّتِي.

مظاهر الاختلاط بين تقاليد الغرب وتعاليم الإسلام في الواقع المعاصر

أما عن واقعنا المعاصر، فقد حدث اختلاط كبير بين تقاليد الغرب، وتعاليم الإسلام في نفوس الناس، فيتميع الحقُّ، وتضيع الحقائق، ويختفي المقياس الصحيح من حياة المؤمنين.

مثال: حدود الاختلاط:

– ففي الغرب يعتبرون الفتاة التي تبلغ ثم تظل بعد ذلك عذراء يعتبرونها هناك فتاة غير طبيعية؛ لأنها ما زالت عذراء، إذا كان هذا هو المقياس فسيعتبر الاختلاط البشع الذي نراه بين الشباب والشابات فضيلةً من الفضائل ما دامت الفتاة ظلّت عذراء، وقد يتطور الأمر للزواج العُرفي، وهم بمقاييسهم الجديدة المحرفة يعتبرون أنفسهم يراعون حرمة الله عز وجل بكتابة مثل هذه الوريقة التافهة. اختلطت المفاهيم، وضاع نقاء الرسالة.

– انظر إلى قصّات الشعر عند الشباب، تجد الشاب يقص شعره على طريقة الشرق والغرب، وتظهر قصات نهى الشرع عنها، مثل قصة القزع مثلاً، يقُصُّ جزءًا ويترك الباقي، والشاب قد لا يدرك أنه يرتكب محرمًا، لماذا؟ اختلطت المفاهيم، ولم يحافظ على نقاء الرسالة.

– انظر إلى ملابس الفتيات (مجازًا طبعًا، فالمفروض ألا تنظر) لقد أصبح هناك تعريف جديد للاحتشام وضاع المقياس الإسلامي.

ستشاهد ملابس تتعجب من نزول الفتاة بها من بيتها أمام أبيها أو أخيها أو زوجها دون أن ينكروا عليها، بل قد يمدحونها ويبدون إعجابهم، فإذا حدثتهم قالوا: الحمد لله إنها أحسن من كثيرات غيرها.

– من المسلمين من يحتفل بالكريسماس ورأس السنة أكثر من احتفاله بعيد الفطر أو الأضحى.

– من المسلمين من يعتقد أن من الصواب أن يدع ما لقيصر لقيصر، وما لله لله.

– من المسلمين من يعتمد في تفسيره للتاريخ الإسلامي على اليهود والنصارى.

– من المسلمين من ينكر الشفاعة، ويرد المتواتر من الحديث، ويستهين بالبخاري ومسلم.

– من المسلمين من يقول: الحج شيء جميل ولكنه زحام شديد، فلماذا لا نجعل الحج كل عام في مكان محتلف؟ أو في عدة أماكن في نفس الوقت ليقل الزحام؟ أو: لماذا لا نجعل الحج طوال العام؟ إنه يعمل عقله في العبادات كما علموه، وهو قد رأى أساتذته من اليهود والنصارى يغيرون ويحرفون في دينهم كما يريدون ولم يحدث شيء، فلماذا لا يفعل مثلهم؟

إنه اختلاط في المفاهيم، واضطراب في المقاييس.

إن نزول الرسالة في مكة، حيث تعتبر معزولة نسبيًا عن الأفكار الفلسفية، والقوانين المادية، والعقائد النظرية الغربية، حافظ على نقاء الرسالة، وحافظ على تكوين الصحابة تكوينًا إسلاميًا خالصًا، وهذا درس واضح غاية الوضوح: الجيل الذي يستطيع أن يحمل الأمانة الإسلامية هو جيل يوحد مصدر تلقيه، فيجعله القرآن والسنة، ولا يخلطه بأفكار الأرض، شرقية كانت أم غربية.

إذن ما سبق يوضح لماذا نزلت الرسالة في بلد ليس له تاريخ ثقافي معلوم، أو ذكريات فلسفية.

– وأيضًا نزول الرسالة في بلد ليس له تاريخ تشريعي يذكر وَضّح المعجزة الإلهية في التشريع الإسلامي.

من المستحيل أن تفهم كيف خرج هذا التشريع المتكامل الشامل المفصل في هذه البيئة البدوية البسيطة منعدمة التاريخ، إلا إذا كانت هناك قوة فوق قوة البشر هي التي فعلت ذلك، وتلك هي قوة الله عز وجل.

التشريع الإسلامي تشريع عجيب فهو يعالج كل جزئية- مهما صغرت- من جزئيات الحياة، ليس في العقيدة والعبادة فقط، ولكن في كل أمور تسيير الحياة، وعمارة الأرض وسيادة الدنيا.

– قوانين متكاملة في السياسة.

– قوانين متكاملة في القضاء.

– قوانين متكاملة في المعاملات.

– قوانين متكاملة في التجارة والاقتصاد.

– قوانين متكاملة في إدارة البيت وتربية الأولاد.

– كيف تحارب وكيف تسالم، وكيف تتزوج، بل كيف ترفّه عن نفسك؟

بل الدخول في أدقِّ التفاصيل بلا خطأ ولا ثغرة ولا عيب ولا قصور.

صنع من هذا؟ [صُنْعَ اللهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ] {النمل:88} .

إن نزول الرسالة في مكة بهذا التكامل العجيب كان إعجازًا لا ينكر، ودليلا لا يقاوم على إلهية هذا التشريع، وربّانية هذا المنهج.

إذن كان نقاء الرسالة بنزولها في مكانٍ ليس به تشريعات كثيرة معقدة سببًا في نقاء التكوين عند الصحابة، وصحة الطريق بلا ضلال ولا غموض، فقد كان يحمي الإسلام من الانحراف والتخبط، وفي ذات الوقت كان دليلا معجزًا على أن هذا التشريع من عند الله عز وجل.

وهذه هي الحكمة الأولى من نزول التشريع الإسلامي في هذه البيئة البدوية البسيطة، وهي: المحافظة على نقاء الرسالة ووحدة المصدر.

ولو أردنا أن نعيد الأمة الإسلامية إلى سابق عهدها من القوة والتمكين، فعلينا ألا نخلط بالقرآن والسُنَّة أي مصدر آخر، وهذا ليس اجتهادًا منَّا، بل أمر رب العالمين: [وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا] {الأحزاب:36}.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.