محاور البُعد الأخروي في فكر النورسي
أ.د. عبد المجيد النجار
(2)
2- مسلك الآفاق
لعل هذا المسلك في الاستدلال على البعث هو أوسع المسالك التي دخل منها النورسي ليثبت هذه العقيدة، وليوجه المخاطَبين إليها كي تكون مداخل اليقين بالآخرة إليهم. وبالإضافة إلى أدلة كثيرة بناها بصفة أساسية على مشاهد الآفاق، فإن أدلة كثيرة مما أدرجه ضمن مسالك أخرى كانت لها صلة على نحو أو آخر بآفاق الكون. وقد أدرج النورسي ضمن هذا المسار جملة كبيرة من الأدلة نذكر منها على سبيل التمثيل ما يلي:
أ-دليل الانهيار الكوني
إنما يتم البعث بعد انهيار هذا النظام الكوني الذي يحيا فيه الإنسان الحياة الدنيا، فهذا الانهيار هو إذن مقدمة من مقدمات الحياة الأخرى، أو هو جزء من أجزائها؛ ولذلك فإن الاستدلال على عقيدة الآخرة يتوقف بالضرورة على ثبوت أن هذا النظام الكوني آيل إلى الزوال، وإن لم يثبت ذلك أو ثبت عكسه فإن كل الاستدلالات على عقيدة الآخرة سوف لن يكون لها معنى.
وإذا كانت نصوص الوحي تخبر بأن نظام الكون آيل إلى انهيار كما في قوله تعالى: ﴿إِذَا الشَمْسُ كُوِرَتْ * وَإِذَا النُجُومُ انْكَدَرَتْ * وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِرَتْ﴾ (التكوير:1-3)
وإذا كانت نصوص الوحي تخبر بأن نظام الكون آيل إلى انهيار كما في قوله تعالى: ﴿إِذَا الشَمْسُ كُوِرَتْ * وَإِذَا النُجُومُ انْكَدَرَتْ * وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِرَتْ﴾ (التكوير:1-3)
فإن هذه النصوص لا تقنع إلا مؤمنا، أما غير المؤمن فيحتاج إلى أدلة أخرى من العقل الفلسفي أو من القوانين العلمية، وهو ما سعى فيه النورسي ببيان أن الموجودات الكونية إذا نُظر إليها أفرادا، وجد كل فرد منها مفطورا على عمر مقدر ينتهي بعده إلى زوال في نظامه الذي يكون عليه. فالكون في جملته يكون كذلك أيضا، وتلك هي بداية اليوم الآخر.
لقد شرح النورسي هذا المعنى في قوله: "هناك [في الكون] نشوء ونماء، وإن النشوء والنماء هذا يعني أن له عمرا فطريا في كل حالة، وإن العمر الفطري يعني أن له على كل حالة أجلا فطريا، وهذا يعني أن جميع الأشياء لا يمكن أن تنجو من الموت، وهذا ثابت بالاستقراء العام والتتبع الواسع. نعم، فكما أن الإنسان هو عالم مصغر لا خلاص له من الانهيار، كذلك العالم فإنه إنسان كبير لا فكاك له من قبضة الموت".
وإذا كان هذا الانهيار الكوني لم يحدث بعد فإنه بالحساب العلمي قادم لا محالة، وذلك ما شرحه في قوله: "لئن لم تحدث للدنيا قبل أجلها الفطري وبإذن إلهيٍّ حادثةٌ مدمرة أو مرض خارجي، أو لم يخلّ بنظامها خالقُها الحكيم، فلا شك بحساب علمي أن سيأتي يوم يتردد فيه صدَى ﴿إِذَا الشَمْسُ كُوِرَتْ﴾ ، عندئذ تظهر معاني هذه الآيات وأسرارها" .
لقد شرح النورسي هذا المعنى في قوله: "هناك [في الكون] نشوء ونماء، وإن النشوء والنماء هذا يعني أن له عمرا فطريا في كل حالة، وإن العمر الفطري يعني أن له على كل حالة أجلا فطريا، وهذا يعني أن جميع الأشياء لا يمكن أن تنجو من الموت، وهذا ثابت بالاستقراء العام والتتبع الواسع. نعم، فكما أن الإنسان هو عالم مصغر لا خلاص له من الانهيار، كذلك العالم فإنه إنسان كبير لا فكاك له من قبضة الموت".
وإذا كان هذا الانهيار الكوني لم يحدث بعد فإنه بالحساب العلمي قادم لا محالة، وذلك ما شرحه في قوله: "لئن لم تحدث للدنيا قبل أجلها الفطري وبإذن إلهيٍّ حادثةٌ مدمرة أو مرض خارجي، أو لم يخلّ بنظامها خالقُها الحكيم، فلا شك بحساب علمي أن سيأتي يوم يتردد فيه صدَى ﴿إِذَا الشَمْسُ كُوِرَتْ﴾ ، عندئذ تظهر معاني هذه الآيات وأسرارها" .
بـ-دليل الاستمرار
إذا كان البعث تستصعِب تصوّرَه بعضُ العقول، فإن ذلك إنما هو بسبب ما يستصعبه العقل من استمرارية بقاء الإنسان حيا بعد موته المشهود للعيان، وذلك من أجل أن يتم حسابه ثم جزاؤه، فهذه الاستمرارية في حقيقة الإنسان -التي سيتم في مرحلتها الثانية الحساب- بالرغم من زوال مظاهره هي التي كانت مناط الإنكار من قِبل أكثر المنكرين للبعث؛ ولذلك فقد كرس النورسي جهدا كبيرا للاستدلال على أن استمرارية الحقائق مع زوال المظاهر أمر ممكن تشهد به مظاهر كثيرة من مشاهد الكون.
إن موجودات كثيرة من موجودات الكون تقضي مدة من وجودها لتقوم بدورها على كيفية مشهودة، ثم تختفي ليُظن أنها قد انقطعت عن الوجود وعن القيام بأي دور، ولكنها في الحقيقه وإن تكن قد اختفت في الظاهر فما زال لها نوع من البقاء تقوم فيه بدور وإن يكن دورا غير ظاهر للعيان، ولكنه مؤثر في الواقع، دال على استمرارية البقاء في حياة من نوع آخر غير نوع الحياة الأولى، وإذا كان ذلك ممكنا بل واقعا في هذه المشاهد الكونية، فإن استمرارية الإنسان في حياة أخرى بعد هذه الحياة ليقوم بدور آخر غير الدور الذي يقوم به في هذه المرحلة من الحياة الدنيا هو أمر ممكن أيضا.
ولشرح ذلك، ولبيان كيف أن الشيء يفنى من جهة إلا أنه يبقى من جهات كثيرة يقول النورسي: "تأمل في هذه الزهرة وهي كلمة من كلمات القدرة الإلهية، إنها تنظر إلينا مبتسمة لنا في فترة قصيرة، ثم تختفي وراء ستار الفناء، فهي كالكلمة التي نتفوه بها، التي تودع آلافا من مثيلاتها في الآذان، وتبقى معانيها بعدد العقول المنصتة لها، وتمضي بعد أن أدت وظيفتها وهي إفادة المعنى، فالزهرة أيضا ترحل بعد أن تودِع في ذاكرة كلِّ مَن شاهَد صورتها الظاهرة، وبعد أن تودع في بذيراتها ماهيتَها المعنوية، فكأن كل ذاكرة وكل بذرة بمثابة صور فوتوغرافية لحفظ جمالها وصورتها وزينتها ومحل إدامة بقائها"، وإذن فإن الصورة قد تزول، ولكن نوعا من وجودها يكون له بقاء.
إن موجودات كثيرة من موجودات الكون تقضي مدة من وجودها لتقوم بدورها على كيفية مشهودة، ثم تختفي ليُظن أنها قد انقطعت عن الوجود وعن القيام بأي دور، ولكنها في الحقيقه وإن تكن قد اختفت في الظاهر فما زال لها نوع من البقاء تقوم فيه بدور وإن يكن دورا غير ظاهر للعيان، ولكنه مؤثر في الواقع، دال على استمرارية البقاء في حياة من نوع آخر غير نوع الحياة الأولى، وإذا كان ذلك ممكنا بل واقعا في هذه المشاهد الكونية، فإن استمرارية الإنسان في حياة أخرى بعد هذه الحياة ليقوم بدور آخر غير الدور الذي يقوم به في هذه المرحلة من الحياة الدنيا هو أمر ممكن أيضا.
ولشرح ذلك، ولبيان كيف أن الشيء يفنى من جهة إلا أنه يبقى من جهات كثيرة يقول النورسي: "تأمل في هذه الزهرة وهي كلمة من كلمات القدرة الإلهية، إنها تنظر إلينا مبتسمة لنا في فترة قصيرة، ثم تختفي وراء ستار الفناء، فهي كالكلمة التي نتفوه بها، التي تودع آلافا من مثيلاتها في الآذان، وتبقى معانيها بعدد العقول المنصتة لها، وتمضي بعد أن أدت وظيفتها وهي إفادة المعنى، فالزهرة أيضا ترحل بعد أن تودِع في ذاكرة كلِّ مَن شاهَد صورتها الظاهرة، وبعد أن تودع في بذيراتها ماهيتَها المعنوية، فكأن كل ذاكرة وكل بذرة بمثابة صور فوتوغرافية لحفظ جمالها وصورتها وزينتها ومحل إدامة بقائها"، وإذن فإن الصورة قد تزول، ولكن نوعا من وجودها يكون له بقاء.
وليس نشر الأعمال للحساب في يوم آخر غيرِ هذا اليوم الدنيوي بأمر مستغرب، إذ شواهده قائمة في هذه الحياة الدنيا، وهي شواهد دالة على إمكانه، فلو تأملت في هذا الكون فإنك سوف تجد بقانون الوراثة نفسه أنه "لكل ثمر ولكل عشب ولكل شجر أعمال، وله أفعال وله وظائف وله عبودية وتسبيحات بالشكل الذي تظهر به الأسماء الإلهية الحسنى، فجميع هذه الأعمال مندرجة مع تاريخ حياته في بذوره ونواه كلها، وستظهر جميعها في ربيع آخر ومكان آخر، أي إنه كما يذكر بفصاحة بالغة أعمالَ أمهاته وأصوله بالصورة والشكل الظاهر فإنه ينشر كذلك صحائف أعماله بنشر الأغصان وتفتح الأوراق والإثمار". وكذلك الأمر بالنسبة للإنسان، فإنه وإن قد زالت صورته الظاهرة فسيكون له يوم تنشر فيه أعماله كما نشرت أعمال النبتة بفعل بذرة البقاء.
3- مسلك الإيمان بالله
أشرنا سابقا إلى أن النورسي كان منهجه في الاستدلال على العقيدة هو منهج الوصل بين الأدلة على مفرداتها المختلفة؛ ولذلك فإننا نجده في الاستدلال على حقيقة البعث كثيرا ما يستثمر أدلة قد تقررت في مفردات عقدية أخرى، وخاصة منها تلك الأدلة التي انتهت إلى إثبات عقيدة الألوهية، وبالأخص منها ما تعلق بإثبات الصفات الإلهية، فانطلاقا من تلك الأدلة وما انتهت إليه من إثباتات في شأن تلك الصفات ينطلق لبناء أدلة تثبت حقيقة البعث، وقد تكرر ذلك كثيرا في مؤلفاته، وتحصلت منه جملة من الأدلة نذكر منها على سبيل المثال ما يلي:
أ-دليل القدرة الإلهية
ومقتضاه أن كل من يؤمن بإله يتصف بصفة القدرة، فإن إيمانه هذا من شأنه أن يقوم له مقام الدليل على إمكان البعث؛ ذلك لأن هذه القدرة التي تبدت آثارها جلية في المخلوقات الكونية العظيمة فإن بعث الإنسان حيا ليُحاسَب ويجازى ثوابا أو عقابا سيكون داخلا في مجال تلك القدرة، فيثبت إذن إمكان هذا البعث لوقوع ما هو أعظم منه بفعل القدرة الإلهية.
وعلى سبيل المثال فإن قدرة الله تعالى خلقت الإنسان خلقا ابتدائيا، وهو الأمر المسلّم به، وذاتُ هذه القدرة يمكن بها إعادة الإنسان بعد موته، بل ذلك أهون كما جاء في القرآن الكريم: ﴿كَمَا بَدَأْنَا أَوَلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ﴾ (الأنبياء:104)، "وحيث إنه ليست هناك مراتب قط في القدرة الإلهية الأزلية، لذا فالمقدرات هي حتما واحدة بالنسبة إلى تلك القدرة، فيتساوى العظيم جدا مع المتناهي في الصغر، وتتماثل النجوم مع الذرات، وحشر جميع البشر كبعث نفس واحدة، وكذا خلق الربيع كخلق زهرة واحدة سهل هين أمام تلك القدرة".
وإذا كانت هذه القدرة الإلهية في هذا العالم المشهود تَصنع النقيض من نقيضه كما جاء في قوله تعالى: ﴿الَذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَجَرِ الأَخْضَرِ نَارًا﴾(يس:80)، فإنها يمكن أن تصنع من الموت حياة فيكون البعث. وبهذا المعنى يقول النورسي للمخاطَبين لإقناعهم بإمكان البعث: "إنكم ترون إحياءَ واخضرار الأشجار الميتة، فكيف تستبعدون اكتساب العظام الشبيهة بالحطب للحياة ولا تقيسون عليها؟". إن من يؤمن بقدرة الله إذن يترتب عليه أن يؤمن بإمكان بعث الأموات أحياء، كما يرى بشهادة الحواس أن القدرة الإلهية تحيي الإنسان ابتداء، وتخرج الحي من الميت والميت من الحي.
بـ-دليل الحكمة والعدل
لقد خلق الله تعالى هذا الكون على أساس من العدل والحكمة، فكل شيء فيه قائم على حكمة، ومبني على توازن، وهي حكمة لا يشوبها خلل، وتوازن لا يداخله تفاوت، وهذا النظام البديع في الكون شاهد على ذلك، سواء في تركيب الموجودات أو في حركاتها أو في علاقاتها ببعضها، وما زالت العلوم الكونية تكشف عن ذلك يوما بعد يوم، حتى أصبح هذا الأمر أمرا مسلّما من قِبل جميع الناس، بل إن هذه المَظاهر من الحكمة والعدل التي يتقوم بها الوجود الكوني من أصغر الموجودات إلى أعظمها ما زالت يوما بعد يوم تجتذب العلماء المحققين في أسرار الطبيعة إلى دائرة الإيمان بالله تعالى، وذلك من خلال الوقوف على مظاهر حكمته وعدله.
ولكن بالنسبة للإنسان الذي خُلق على حرية في الاختيار وحُمّل أمانةَ التكليف، فإننا نرى حياته بمقتضى هذه الحرية لا يتحقق فيها العدل والحكمة، إذ كثيرا ما نرى ظالمين مجرمين يعيشون في الدنيا عيشة هنيئة ولا يلقون في حياتهم عقابا على ظلمهم وإجرامهم، ونرى آخرين مظلومين ومحسنين ولكنهم يعيشون حياة صعبة ويتعرضون لابتلاءات شديدة، ولا ينالون في مقابل إحسانهم جزاءً ولا مقابلَ مظلوميتهم عدلا، وذلك ما هو مُشاهَد في الحياة الاجتماعية.
ولو انتهى أمر الحياة على هذا النحو، فيذهب الظالم بظلمه دون عقاب ويذهب المحسن بإحسانه دون ثواب، لكان ذلك خرقا لما بُني عليه الكون من الحكمة والعدل، ولمَاَ كان الله تعالى متصفا بهما، والحال أن ألوهيته تقتضي الاتصاف بهذه الصفات، فالإيمان بهذه الصفات يقتضي إذن أن تكون حياة الإنسان ممتدة إلى مدى أبعدَ من هذا المدى الدنيوي، وهو مدى أخروي يتم فيه العقاب للظالم المعتدي والثوابُ للمحسن المظلوم، وحينئذ يتم التوازن والعدل وتتحقق الحكمة.
لقد ردد النورسي هذه المعاني في مواقع متعددة، ومن ذلك قوله: "يظل الإنسان دون جزاء في هذه الدنيا لما يرتكبه من وقائعِ الظلم وما يقترفه من إنكار وكفر وعصيان تجاه مولاه الذي أنعم عليه ورباه برأفة كاملة وشفقة تامة، مما ينافي نظام الكون المنسق ويخالف العدالة والموازنة الكاملة التي فيها ويخالف جماله وحسنه، إذ يقضي الظالم القاسي حياته براحة، بينما المظلوم البائس يقضيها بشظف من العيش، فلا شك أن ماهية تلك العدالة المطلقة التي يُشاهَد آثارُها في الكائنات لا تَقبل أبدا ولا ترضى مطلقا بعدم بعث الظالمين العتاة مع المظلومين البائسين الذين يتساوون معا أمام الموت"، وإذن فإن الإيمان بعدالة الله تعالى وحكمته يمكن أن يُستدل بها على ضرورة البعث في اليوم الآخر.
ولكن بالنسبة للإنسان الذي خُلق على حرية في الاختيار وحُمّل أمانةَ التكليف، فإننا نرى حياته بمقتضى هذه الحرية لا يتحقق فيها العدل والحكمة، إذ كثيرا ما نرى ظالمين مجرمين يعيشون في الدنيا عيشة هنيئة ولا يلقون في حياتهم عقابا على ظلمهم وإجرامهم، ونرى آخرين مظلومين ومحسنين ولكنهم يعيشون حياة صعبة ويتعرضون لابتلاءات شديدة، ولا ينالون في مقابل إحسانهم جزاءً ولا مقابلَ مظلوميتهم عدلا، وذلك ما هو مُشاهَد في الحياة الاجتماعية.
ولو انتهى أمر الحياة على هذا النحو، فيذهب الظالم بظلمه دون عقاب ويذهب المحسن بإحسانه دون ثواب، لكان ذلك خرقا لما بُني عليه الكون من الحكمة والعدل، ولمَاَ كان الله تعالى متصفا بهما، والحال أن ألوهيته تقتضي الاتصاف بهذه الصفات، فالإيمان بهذه الصفات يقتضي إذن أن تكون حياة الإنسان ممتدة إلى مدى أبعدَ من هذا المدى الدنيوي، وهو مدى أخروي يتم فيه العقاب للظالم المعتدي والثوابُ للمحسن المظلوم، وحينئذ يتم التوازن والعدل وتتحقق الحكمة.
لقد ردد النورسي هذه المعاني في مواقع متعددة، ومن ذلك قوله: "يظل الإنسان دون جزاء في هذه الدنيا لما يرتكبه من وقائعِ الظلم وما يقترفه من إنكار وكفر وعصيان تجاه مولاه الذي أنعم عليه ورباه برأفة كاملة وشفقة تامة، مما ينافي نظام الكون المنسق ويخالف العدالة والموازنة الكاملة التي فيها ويخالف جماله وحسنه، إذ يقضي الظالم القاسي حياته براحة، بينما المظلوم البائس يقضيها بشظف من العيش، فلا شك أن ماهية تلك العدالة المطلقة التي يُشاهَد آثارُها في الكائنات لا تَقبل أبدا ولا ترضى مطلقا بعدم بعث الظالمين العتاة مع المظلومين البائسين الذين يتساوون معا أمام الموت"، وإذن فإن الإيمان بعدالة الله تعالى وحكمته يمكن أن يُستدل بها على ضرورة البعث في اليوم الآخر.