تخطى إلى المحتوى

وَفـاءُ الأرضِ والسَّمـاء 2024.

وفـاءُ الأرضِ والسَّمـاء

رجاء محمد الجاهوش
سَأل باستغرابٍ: أَتبكي السَّماءُ والأرضُ؟
فجاءَه الجَواب: "وما للأرضِ لا تبكي على عبدٍ كان يعمرها بالركوعِ والسجودِ ؟"
وما للسَّماءِ لا تبكي على عبدٍ كان دَمعُه يَسبقُ دعاءَه ساعةَ القنوت؟
نَعَم تبكي السَّماءُ كما تَبكي الأرض على الراحلينَ من الصَّالحينَ والصَّالحاتِ..
تبكي على أرواحٍ طَاهرةٍ فاضَت وعَلَتْ..!

قال ابن عباس – رضي الله عنهما – عندما سئل عن قوله تعالى : "فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاء وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنظَرِينَ"…
" إنَّه ليسَ أحد من الخلائقِ إلا ولَه بابٌ في السَّماءِ منه يَنزل رزقه وفيه يَصعد عَمله، فإذا ماتَ المؤمنُ فأغلِقَ بابَه من السَّماءِ الذي يَصعد فيه عمله ويَنزل منه رِزقه فَفَقده بَكى عليه" *

وقيل: إذا مَات المؤمن وفَقَدَه مصلاهُ من الأرضِ التي كانَ يُصلي فيها ويَذكر الله ـ عزّ وجل ـ فيها بَكَت عليهِ !

أيُّ وفاءٍ هذا ؟!َ
تبكي الأرض لموضعِ سَجدةٍ، وتَذرفُ السماء دموعَها لكلمةِ خيرٍ صَعدَت إليها بِنيَّةٍ خَالِصة، في حين قد تَشُح مآقي الخَلقَ لحظةَ الفَقدِ بدمعةٍ !

وأي حبّ هذا ؟!
يَنسكبُ الدمعُ وينسابُ مِن جَمادٍ على قَلبِ عَبدٍ مُؤمن غََمرهُ بنقائِهِ ساعةَ خُلوة !

وأيَّـة روح تلك …؟!
تلكَ التي تسكن الأشياء من حولنا ونحن نظنّها خُلِقَت بلا روح !

حبّ و وفاءٌ.. ونِداء هزّ الأرجاء :
يا أرض ربّي.. عَلمينا كيف تُـرعَى العُهـود ؟!
ويا سماء ربِّي.. خبِّـرينا كيف تصدقُ الدَّمعَةُ ويُنبَذ الجُحود ؟!


ــــــــــــــــــــ

* [ المصباح المنير في تهذيب تفسير ابن كثير ـ للمباركفوري ]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.