فقال :
« ذاك شهر تغفل الناس فيه عنه ، بين رجب ورمضان ، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين ، وأحب أن يرفع عملي وأنا صائم »
يشير إلى أنه لما اكتنفه شهران عظيمان
" إذا أصبحتم صياما فأصبِحوا مدَّهنين " ،
كالتمرين على صيام رمضان لئلا يدخل في صوم
رمضان على مشقة وكلفة ، بل يكون قد تمرن
على الصيام واعتاده فيدخل رمضان بقوة ونشاط .
ولما كان شعبان كالمقدّمة لرمضان
فإنه يكون فيه شيء مما يكون في رمضان
من الصيام وقراءة القرآن والصدقة ،
وقال سلمة بن سهيل كان يقال :شهر شعبان شهر القراء ،
وكان حبيب بن أبي ثابت إذا دخل شعبان قال هذا شهر القراء ، وكان عمرو بن قيس المُلائي إذا دخل شعبان أغلق حانوته وتفرغ لقراءة القرآن .
الصيام في آخر شعبان
ثبت في الصحيحين عن عمران بن حصين رضي الله عنه :
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل : « هل صمت من سرر هذا الشهر شيئا ؟ قال لا ، قال : فإذا أفطرت فصم يومين »
وفي رواية البخاري : أظنه يعني رمضان وفي رواية لمسلم : « هل صمت من سرر شعبان شيئا ؟ » أخرجه البخاري 4/200 ومسلم برقم ( 1161 )
وقد اختلف في تفسير السرار ،
والمشهور أنه آخر الشهر ،
يقال سِرار الشهر بكسر السين وبفتحها وقيل إن الفتح أفصح ،
وسمي آخر الشهر سرار لاستسرار القمر فيه ( أي لاختفائه ) ،
فإن قال قائل قد ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه ،
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « لا تقدموا رمضان بيوم أو يومين ، إلا من كان يصوم صوما فليصمه » أخرجه البخاري رقم ( 1983 ) ومسلم برقم ( 1082 ) ،
فكيف نجمع بين حديث الحثّ وحديث المنع فالجواب :
قال كثير من العلماء وأكثر شراح الحديث :
إن هذا الرجل الذي سأله النبي صلى الله عليه وسلم
كان يعلم أن له عادة بصيامه ، أو كان قد نذره فلذلك أمره بقضائه . وقيل في المسألة أقوال أخرى ،
وخلاصة القول أن صيام آخر شعبان له ثلاثة أحوال :
أحدها : أن يصومه بنية الرمضانية احتياطا لرمضان ، فهذا محرم .
الثاني : أن يصام بنية النذر أو قضاء عن رمضان أو عن كفارة ونحو ذلك ، فجوّزه الجمهور.
الثالث : أن يصام بنية التطوع المطلق ، فكرهه من أمر بالفصل بين شعبان ورمضان بالفطر؛ منهم الحسن
– وإن وافق صوما كان يصومه – ورخص فيه مالك ومن وافقه ،
وفرّق الشافعي والأوزاعي وأحمد وغيرهم بين أن يوافق عادة أو لا ..
يتبع باذن الله
وأنه يكره التقدم قبل رمضان بالتطوع بالصيام
بيوم أو يومين لمن ليس له به عادة ،
ولا سبق منه صيام قبل ذلك في شعبان متصلا بآخره .
كما نهي عن صيام يوم العيد لهذا المعنى ،
حذرا مما وقع فيه أهل الكتاب في صيامهم ،
فزادوا فيه بآرائهم وأهوائهم .
ولهذا نهي عن صيام يوم الشك ،
ويوم الشك : هو اليوم الذي يشك فيه هل هو من رمضان
أم لا ؟ وهو الذي أخبر برؤية هلاله من لم يقبل قوله ،
وأما يوم الغيم : فمن العلماء من جعله يوم شك ونهى
عن صيامه ، وهو قول الأكثرين .
فإن جنس الفصل بين الفرائض والنوافل مشروع ،
ولهذا حرم صيام يوم العيد ، ونهى النبي صلى الله عليه وسلم
أن توصل صلاة مفروضة بصلاة حتى يفصل بينهما بسلام أو كلام ,
وخصوصا سنة الفجر قبلها ، فإنه يشرع الفصل بينها وبين الفريضة ،
ولهذا يشرع صلاتها بالبيت والاضطجاع بعدها .
ولما رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يصلي
ابن رجب الحنبلي ، والإلمام بشيء من أحكام الصيام : عبد العزيز الراجحي
وصلى الله على نبينا محمد وعلى أله وصحبه وسلم ..
اللهم بلغنا رمضان وفرج كرب اهلنا وانصرهم علي عدونا وعدوهم
اللهم امين