تخطى إلى المحتوى

المؤمن الحزيـن و الفاسق السعيـد 2024.



المؤمن الحزيـن .. و الفاسق السعيـد


بسم الله الرحمن الرحيم


( أوَ في شكٍّ أنت يا ابنَ الخطابِ ؟ ! أولئكَ قومٌ عُجِّلَتْ لهم طَيِّبَاتُهم في الحياةِ الدنيا)
الراوي: عمر بن الخطاب المحدث:الألباني – المصدر:صحيح الجامع- الصفحة أو الرقم:2552
خلاصة حكم المحدث:صحيح






أيها المؤمن ,, إنك لو تبصرت في حال كثير من أهل الفسق و الفجور قد تجد أنهم يتقلبون بين نعمٍ كثيرة و مُتعٌ وفيرة


يرتعون على بساط النعماء الأخضر و يجوبون الأرض بطولها فرحاً و مرحاً كما لو أنهم ملكوا الدنيا و ما فيها ..


بينما لو أمعنتَ النظر في حال بعض الصالحين و الأتقياء الزّهاد لرأيتَ أنّهم في نقمٍ و سقم إذ أعيتهم الغموم فلا تفتأ تطل برأسها على صدورهم بين الحين و الآخر


و كأني بنفسي أراك مُسائلاً سرّك عن السرّ وراء ذلك الحال الهانئ و التقلّب البهيج فتبدأ بإطلاق الأعنة للأفكار و إسبال إزار الوساوس الشيطانية


فتتبعثر على قلبك و تستلذ العبث فيه حتى إذا كان بمقدورنا الإطلاع على ما يجول في خلدك و تسنّى لنا قليلاً أن نتبحّر في خلجان قلبك


لوجدنا فيه اعتراضًا شديداً على أمر الله و سأمًا مُستميتًا من حكمه و قضاءهـ و قد يصل الأمر إلى التشكيك بعدالته تعالى الله عمّا يظنون


لكن لو أنّنا نظرنا في محكم آياته و مصداق أحاديث نبيه الذي لم ينطق عن هوى و تدبّرنا في كل معنى و تفكّرنا بكل مغزى


لما أفسحنا المجال للشيطان على هيّنة فنال من عقولنا و قلوبنا شر نيلة .. يقول الله عزّ و جل :




( لايغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد ، متاع قليل ثم مأواهم جهنم و بئس المهاد * لكن الذين اتقوا ربهم لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها نزلاً من عند الله و ما عند الله خير للأبرار ) آل عمران : 196-197


فهذهـ الآية حلت الإشكالية و كشفت عن السر الدفين وراء تقلب الكفار الأبغياء بالنعم و الصالحون الأتقياء بالنقم ,


فالدنيا سجن المؤمن و جنة الكافر , منزل الأحزان و مستودع الهموم و موطن الغموم , فيها ما يقض المضطجع و ما يوغر الصدور


تنزل فيها الخطوب الأجاجة المرّة فتكبّل القلوب و تزج بها في معاقل الأحزان


فحقيقٌ بالمؤمن أن يحسن الظن بربه و يدفع بالهواجس و الأفكار التي من شأنها أن تنعكس سلبًا على نفسه


فتستوطنها و تطعن بخنجر الشياطين كل ثقةٍ و إيمانٍ بالله عز و جل ..


و لهذا فإنني أخاطبك كـ مسلمٌ موحّدٌ تنتسب إلى أشرف العقائد و أنقى التوجّهات , مؤمنٌ بقضاء الله و قدرهـ


تؤمن بأنّ كل نعيمٍ يحل بك فإنّه منٌّ و تفضّلٌ من الله تعالى و أن أي مصيبة تنزل بك ( و هي لك و إن بدت و كأنها عليك ) فـ بعدلٍ من الله عزّ و جل و حكمة و علم ..


فسبحانه ذو العزّة و الجبروت ليست تخفى عليه خافية أو تغيب عن انتباهته صغيرةٌ و دقيقة ..


جديرٌ بنا أن ندرك أيّما إدراك أن ما نلتمسه من نعيمٍ في حق أهل الكفر ما هو إلا باستدراجٍ لهم


كي يتمادوا بفسقهم و طغيانهم فيأتيَهم الموت بغتة و هم في غيّهم سادرون ..


لهذا على المؤمن الكيس أن يٌقابل البلايا بالصبر و أن لا يكون في صدرهـ حرجٌ و ضيق مما قضى الرحمن


فقضاءهـ كله خير و قدرهـ جلّه عدل منطوٍ على حكمةٍ و تدبير يريد ليمتحن بالبلايا صبر المؤمن و قوّة ثقته و تعلق قلبه به


أ فلا يكون لنا دأبٌ كـ دأب المؤمن الذي قال فيه نبينا صلى الله عليه و سلم
(عجبًا لأمرِ المؤمنِ ، إنَّ أمرَه كلَّهُ له خيرٌ ، و ليس ذلك لأحدٍ إلا للمؤمنِ ، إن أصابتْهُ سرَّاءُ شكر وكان خيرًا لهُ ، و إن أصابتْهُ ضرَّاءُ صبرَ فكان خيرًا له)
الراوي: صهيب بن سنان المحدث:الألباني – المصدر:صحيح الجامع- الصفحة أو الرقم:3980

حذف روابط ترحل لمنتدى اخر
رجاء الانتباه المرة القادمة ان شاء الله

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
أسأل الله لك راحة تملأ نفسك
ورضا يغمر قلبك وعملا يرضي ربك
وسعادة تعلو وجهك ونصرا يقهر عدوك
وذكرا يشغل وقتك وعفوا يغسل ذنبك
وفرجا يمحو همك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.