أن القصة في القرآن الكريم
لها من الخصائص والسمات التي تميزها عن غيرها؛ مثل الصدقٍ في الواقعية التاريخية، والجاذبيةٍ في العرض والبيان،
والشموليةٍ في الموضوع، والعلوٍ في الهدف، والتنوعٍ في المقصد والغرض، والوضوحٍ في الإعجاز..
فمدلول القصة في القرآن هو مدلولها اللغوي مضافاً إليه تلك الخصائصُ والسِمَاتُ التي تميز بها القَصص القرآني على غيره.
قصة اليوم .. فكرتها الأساسية هى..!!
الصبر ، ووقوة الإرادة ، والإيمان بقضاء الله وقدرة..
أبطــالها..
* نبي من ذرية سيدنا يوسف عليهِ السلام.. هو نبي الله أيوب عليه السلام ... جاء ذكره فى ..
عرفه الله سبحانه وتعالى في كتابهِ العزيز ،
بأنه مثال: للصبر.. والإيمان
وقد أنعم الله على أيوب عليه السلام ، بنعم كثيرة ، ورزق منرزق الله الكثير…
فرزقه الله الأولاد والبنات .. ورزق والأراضي ، التي يخرج منها أطيب الثمار .. كما رزقه قطعان من المواشي بأنواعها المختلفه..
* زوجته .. سيدة من النساء الخالدات..
الصابرة العفيفة ، التي أخلصت لزوجها، ووقفت إلى جوارهِ فى محنته حين نزل به البلاء، واشتد به المرض الذى طال سنين عديدة،
ولم تُظْهِر تأفُّفًا أو ضجرًا، بل كانت متماسكة طائعة.
* أما المنطقة التي دارت فيها تلك القصة ، هي منطقة حوران.. والله أعلم.
فيا تُرى ما قصةُ أيوب عليه السلام ..!!
فإلى تفاصيلها مختصرة..
قصة النبي أيوب عليه السلام كما جاءت في سورة "الأنبياء" وسورة "ص":
(.. وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ ..)الأنبياء:83-84.
(.. وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِي الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ* ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ* وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرَى لِأُوْلِي الْأَلْبَابِ*..)ص41:43
يخبرنا تعالى عن عبدهِ ورسوله أيوب عليه السلام، وكان أيوب .. مؤمنًا قانتًا ساجدًا عابدًا لله، بسط اللَّه له فى رزقه، ومدّ له فى ماله،
فكانت له ألوف من الغنم والإبل، ومئات من البقر والحمير، وعدد كبير من الثيران،
وأرض عريضة، وحقول خصيبة ، وكان له عدد كبير من العبيد يقومون على خدمته،
ورعاية أملاكه، ولم يبخل أيوب عليه السلام ، بمالهِ، بل، كان ينفقه، ويجود به على الفقراء والمساكين..
أراد اللَّه أن يختبر أيوب فى إيمانه، فأنزل بهِ البلاء، فكان أول مانزل عليه ضياع ماله وجفاف أرضه ؛ حيث احترق الزرع وماتت الأنعام،
ولم يبق لأيوب شيء يلوذ به ويحتمى فيه غير إعانة الله له، فصبر واحتسب،
ولسان حاله يقول فى إيمان ويقين : (.. عارية اللَّه قد استردها،..) ،
(.. ووديعة كانت عندنا فأخذها، نَعِمْنَا بها دهرًا، فالحمد لله على ما أنعم، وَسَلَبنا إياها اليوم، فله الحمد معطيا وسالبًا، راضيا وساخطًا، نافعًا وضارا،
هو مالك الملك يؤتى الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء، ويعز من يشاء ويذل من يشاء . ثم يخرُّ أيوب ساجدًا لله رب العالمين..)
عندما نزل الابتلاء الأخر ، مات أولاده، فحمد اللَّه أيضًا .. وخَرّ ساجدًا لله،
ثم نزل الابتلاء أخر، فاعتلت صحته، وذهبت عافيته، وأنهكه المرض،
لكنه على الرغم من ذلك ما ازداد إلا إيمانًا، وكلما ازداد عليه المرض؛ ازداد شكره لله.
وتمر الأعوام على أيوب عليه السلام ، وهو لا يزال مريضًا، فقد هزل جسمه، ووهن عظمه، وأصبح ضامر الجسم، شاحب اللون، لا يقِرُّ على فراشه من الألم.
وازداد ألمه حينما بَعُدَ وفر عنه الصديق، ولم يقف بجواره إلا زوجته العطوف تلك المرأة الرحيمة الصالحة التى لم تفارق زوجها، أو تطلب طلاقها،
بل كانت نعم الزوجة الصابرة المعينة لزوجها، فأظهرت له من الحنان ما وسع قلبها، واعتنت به ما استطاعت إلى ذلك سبيلا. لم تشتكِ من هموم آلامه،
ولا من مخاوف فراقه وموته. وظلت راضية حامدة صابرةً مؤمنة،ً تعمل بعزم وقوة؛ لتطعمه وتقوم على أمره، وقاست من إيذاء الناس ما قاست .
ومع أن الشيطان كان يوسوس لها دائمًا بقوله : لماذا يفعل اللَّه هذا بأيوب، ولم يرتكب ذنبًا أوخطيئة..!!
فكانت تدفع عنها وساوس الشيطان ، وتطلب من الله أن يعينها،
وظلت فى خدمة زوجها أيام المرض سبع سنين، حتى طلبت منه أن يدعو اللَّه بالشفاء، فقال لها: كم مكثت فى الرخاء..؟
فقالت: ثمانين ... فسألها: كم لبثتُ فى البلاء..؟
فأجابت: سبع سنين ...
قال عليهِ السلام : أستحى أن أطلب من اللَّه رفع بلائي، وما قضيتُ منِه مدة رخائي.
ثم أقسم أيوب ، حينما شعر بوسوسة الشيطان لها ، أن يضربها مائة سوط، إذا شفاه اللَّه، ثم دعا أيوب ربه أن يكفيه بأس الشيطان،
ويرفع ما فيه من نصب وعذاب، قال تعالي: (.. وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّى مَسَّنِى الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ..)ص 41
فلما رأى اللَّه صبره البالغ، رد عليه عافيته ؛حيث أمره أن يضرب برجله، فتفجر له نبع ماء، فشرب منه واغتسل، فصح جسمه وصلح بدنه،
وذهب عنه المرض، قال تعالى :
(.. وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّى مَسَّنِى الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ. وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنَّا وَذِكْرَى لِأُوْلِى الأَلْبَاب..)ص:41-43 .
ومن رحمة اللَّه بهذه الزوجة الصابرة الرحيمة أَن أَمَرَ اللَّهُ أيوبَ أن يأخذ حزمة بها مائة عود من القش، ويضربها بها ضربةً خفيفةً رقيقةً مرة واحدة ؛ ليبرّ قسمه،
جزاء له ولزوجه على صبرهما على ابتلاء اللَّه:
(.. وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِب بِّهِ وَلَا تَحْنَثْ ِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ..)ص: 44.
العبر المستفاد من هذهِ القصة
* الصبر على البلاء، وعلى مفاتن الدنيا،
وعلى كل مما يبتلي الله بها عباده؛ ليعلم من يصبر منهم .. وممن لا يصبر، وليعلم المؤمن الحق من المنافق، وقد قال تعالى:
(.. وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ..)محمد:31.
*اللجوء إلى الله سبحانه ، لأنه هو الكاشف والمعين وخالق الأسباب وهو بيدهِ مقاليد كل شىء..
* جعل الله القصص القرآنية عبرة عن كل شىء ،
لمن أتاه الله عقلاً نيراً .. وقلباً مبصراُ ؛
ليستخرج منها الجواهر والدرر ..!!
موضوع رائع متميز
حماك الرحمن ورعاك
أبدعتِ مرة أخرى *)
لا حرمنا الله عطاءكِ
بُوركتِ
؛،,
يا لجمال وروعة وعظم هذه القصة
وربي لم أشعر بعظمتها وجمال محتواها من قبل إلا الآن
وما تحمل من معاني عظيمة التي تبعث القوة والصبر والثبات في القلب
كم شعرت بأني انسانة ضعيفة الإيمان قليلة الصبر
قصة تعلمنا قوة الصبر واليقين والإيمان
وأن لا بدّ بعد الصبر أن تظهر شمس الأمل وحلاوة الفرج
جزاكِ الله خيراً وجعلكِ مُباركة أينما كنتِ
حفظك الله ورعاكِ وبارك الله فيكِ
هو مالك الملك يؤتى الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء، ويعز من يشاء ويذل من يشاء . ثم يخرُّ أيوب ساجدًا لله رب العالمين
كم هي رائعة هذه الكلمات
سرد موفق غاليتي
استمتعت بالقراءة
قصة فيها العبر والمواعظ الكثيرة
فياله من عبد مؤمن صابر
ويالها من زوجة صالحة راضية