علام كل هذا يا سيدي ؟؟
علام تحمل هذا الكون على كاهلك ؟
ولم هذا الحاجب المقطب و العيون الساخنة و النظرة الحائرة والكلمات الطائشة ؟
لم كل هذا ؟
يدك مضطربة .. اناملك ترتعش .. العرق يتفصد من جبينك .. هل سيكسب الكون شيئا من كل هذا ؟؟
وانت .. هل ستكسب شيئا من هذا الكون ؟؟
يا سيدي الحائر ..
هذه أرضنا .. و تلك بحارنا .. وهذه سماؤنا و تلك نجومنا .. وهذه قناديلنا و تلك شمسنا و هذه سحبنا و تلك أمطارنا ..
لا يقلقنا شيء في هذا الكون سوى ان تمضي دقيقة دون ان نشعر بنبض حياتنا .. بنبض قلوبنا .. بنبض خيولنا تركض و تصهل في ميدان الحياة ..
يا سيدي .. كلما حام القلق حولنا أخرجنا له لساننا .. نذبحه بواقعية .. نقتله بالمنطق ..
هذا يومنا .. نحن له و هو لنا ..
اتركني من امسي .. لقد رحل .. حمل معه ما يريد و رحل ..
أما غدي فهو في رحم الغيب .. لا يقلقني .. و لن اقلقه ..
أتركني اذن أعيش لحظتي .. أعيش يومي .. أعيش عمري المتمثل في هذه اللحظة ..
لا املك شيئا لما فات ..
لا املك شيئا لما هو آت ..
و لكن أملك كل شيء لهذه اللحظة التي بين يدي ..انظر .. سأزرع بذرة .. غدا ستنبت ..
سأكتب قصيدة .. غدا ستترنم بها الطبيعة ..
سأرسم لوحة .. غدا ستصبح واقعا ..
لا املك شيئا للماضي .. لقد أصبح جثة ..
لا املك شيئا للأمس .. انه مجرد ذكرى .. و لن أقتل نفسي لأعيش نفس الأمس و أسير على نفس الدرب و أنبش نفس الحكايات و القصص ..
يا سيدي الحائر ..
تأمل حيرتك .. تأمل وهمك .. تأمل عذابك .. تأمل قلقك .. تأمل إضطرابك ..
كل شيء يريد أن يدفعك الى الخلف ..
هل تريد أن تعيش محنطا ؟
هل تريد أن تعيش صورة مهملة على حائط ؟
هل تريد أن تعيش كورقة تقويم قديمة تائهة بين حاضر و مستقبل ؟؟
اعزم امرك .. وخذ قرارك ..
لا للقلق ..
لا للحيرة ..
لا للكآبة ..
نعم للحياة ..
نعم للنور ..
نعم للحاضر ..