تخطى إلى المحتوى

قراءة في كتاب وطني يحرسك التراب للكاتبة المبدعة لكرامة شعبان 2024.

إصدارات جديدة

قراءة في كتاب وطني يحرسك التراب لكرامة شعبان

0 أيمن خالد دراوشة / الدوحة / قطر /
ص . ب : 36238

من منشورات دار الكتاب الثقافي لعام 2024م صدر كتاب بعنوان وطني يحرسك التراب للكاتبة المبدعة كرامة شعبان ، يقع الكتاب في ( 84 ) صفحة من الحجم المتوسط ، وقد قسم إلــــــــــى ثلاثة أقسام ، وحمل كل قسم عناوين فرعية متعددة ، واشمل القسم الأول منها على النثر الوطني والقسم الثاني على النثر أما القسم الثالث فقد اشمل على الخواطر.

ومن خلال قراءة متفحصة غير عابرة للنصوص تبدو لنا للوهلة الأولى على أنها مجموعة خواطر عادية كتبت في لحظة انفعال ، والحقيقة أن الإبحار في مكنونان وجواهر هذه النصوص يجعلك تعيد القراءة مرة تلو المرة حتى لتشعر أنك تغوص في بحر من المعاني المتفجرة ، ويصيبك الاندهاش والحيرة .. فما كتب ليس إلا مقطوعات موسيقية متناغمة تقرع أجراسها بين الفينة والأخرى. تقول الكاتبة في مقدمة كتابها ( هذا الكتاب ليس شعرا ولا نثرا ولا كلمات خطرت ببالي فكتبتها .. إنما هو وحي الوطن السليب الذي ما زال يكبر ويكبر في قلبي إلــــــــــى أن ، فجره حروفا وكلمات خطها قلمي خواطر غضب وحنين .. كلمات حب وأمل .. ) المقدمة ص1

ومما يميز هذا النثر بأقسامه الثلاثة ابتعاده عن السرد الطويل والتركيز على العناية بالجزئيات وتكثيف الألفاظ مما ألهب مشاعر وأحاسيس قارئه ، حتى يشعر أنه بطلها.

ومن عنايتها اللفظية قول الكاتبة لاكي رقصوا على الجرح النازف ، رقصوا عليه ولم يعرفوا أن الجرح ينتظر شفاه ، ينتظر بلسما لا من دواء ، لا مـــن حياة ، لا نعرف ما هو …) ص16.

وتبدو لنا النصوص النثرية واقعية ولكنها تحمل ملامح القصيدة الرومانسية ، إذ تصور الكاتبة كرامة المعاناة التي اعترضت طريقها إلى الحياة والتي تتمثل في الوطن المفقود مما انعكس هذا على جميع نصوصها والذي تمثل بلمسة الحزن البارزة القائمة على صراع دائم بين ذكريات مضت وبن وطن سليب وبين أحبة غيبتهم السجون والنتيجة نفسية حائرة معذبة وتم التعبير عن هذا بذهنية عالية ، فالكاتبة على الرغم من صغر سنها إلا أنها كبيرة في انتقائها للألفاظ المبهرة والمشاعر المتأججة نثرا.

لقد كتبت الأديبة كرامة نصوصا تجمع بين الحلم والواقع ، وبين الخيال والحقيقة في عالم لجي تتكسر على صخوره قول الحقيقة .

إن نمو الإيحاءات والمجازات في إطار الفكرة عمقها حب الوطن والحث في إشكالية الواقع الاجتماعي المر.
إن أحد تجليات الخطاب الرئيسي فينا هو التجلي الرمزي حيث تقوم النصوص جميعها على مجموعة من الرموز ، والرمز كما نعلم هو ما يحمل دلالـــــــة ( عندما علا طائر الشوك مكسور الجناح كان يعلو نحو شوق بعيد هناك كان ينظر نحو شمس غادرت تهاليل الصباح وعاد يحكي ما رآه ) ص56

إن القضية الأساسية هنا لا تتمثل في استخلاص الأفكار التي من خلالها أقامت الكاتبة عملها بمقدار ما تتمثل أننا نواجه عملا فنيا يحتوي عناصر متنوعة مهمتها رصد الكيفية التي صيغ فيها هذا العمل الإبداعي … إن النفس الإنسانية وما تحمله من اضطراب وتردد دفع الكاتبة إلى استغلال هذه النفس وإعطائها بعدا رمزيا على الرغم من حضور الكاتبة القوي في سياق أحداث نصوصها وذهابها بنا إلى أقاليم جديدة أساسها الوصف المباشر والتصوير الدقيق للأماكن ( هل ستصمد في وجه رياح عاتية قوية ملهبة تصطحبها الغيوم السوداء ) ص 30

لقد عادت الكاتبة بنا إلى الماضي وحاولت جاهدة أن تقدم لنا شرائح زمانية ومكانية تتصل اتصالا وثيقا بالفكرة وهي العودة إلى الماضي وما يحمله من هموم وأشواق وتطلعات ولكنها في جانب منها انكفاء على الذات وتجسيد للخيبة والمرارة فيما تحسه منطلقة على خط الزمن ، والمتتبع للنصوص يكشف عشق الكاتبة لوطنها فلسطين مزينا بالأخيلة والمحسنات البديعية مما أضفى على النصوص جمالا لا نظير له ، فكان استخدامها لهذه الأخيلة والمحسنات ليس من جانب الزخرفة والتزيين بل وظف توظيفا جيدا لخدمة المعنى والأفكار ، هذا بالإضافة إلى الخلفيات الكاريكاتورية لناجي العلي مما أعطى رونقا خاصا للنصوص فتولد لدينا لوحات بالغة الجودة حتى أنها لتحلق بنا إلى فضاء ساحر …
-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=–

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.