لم استطع النوم في ليلتها السابقة فقد احسست بغصة خانقة لم أعلم سببها…
فبعد أن فرغت من صلاة التراويح وعندما حان وقت النوم لم اعلم كيف ضاقت الدنيا في وجهي حينها واغلقت علي ابوابها واحسست بثقل في صدري حرمني النوم وبقيت مستيقظة لساعات متاخرة من الليل … لم يكن ما يضايقني حينها.. لم اكن افكر باي من مشاكلي التي طالما ارهقت وجداني واعصابي… كنت اشعر بالغصة…كان احساسا نفسياً وجسديا بالجزء الايمن من صدري حاولت تجاهله .
إستيقظت لليوم الموعود وكالروتين العادي اليومي ذهبت للجامعة وسار اليوم بطبيعية خانقة مابين محاضرات وصديقات وحان وقت العودة للبيت… وهنا الطامة الكبرى هنا دقات القلب تتسارع وتتخابط هنا اليد ترتجف والعبرات تسيل والتنهدات تتصاعد … لم اكن اعلم ما ينتظرني
وصلت للمنزل وياليتني لم اصل… شاهدت امي تصرخ بطريقة هستيرية تصرخ وتصرخ وانا غير قادرة على فهمها او فهم ما يجري…
بالحقيقة كانت امي… ولكن بداخلي لم تكن امي … لم اعرفها … لم اعرفها من شدة هول الموقف …
لم اعهد امي هكذا… لم اعهد امي برصانتها ووقارها هكذا تصرخ وتبكي وتركض حائرة من هنا لهناك.
لم افهم شيئاً وما تجاوب معه جسدي في لحظتها هو الدخول لداخل البيت لاحاول ان افهم ما يجري حولي
لاشاهد ما لم اشاهده في حياتي.. جدران كئيبة وصرخات مؤثرة… واناس لا اعرفهم… امراة وزوجها كانوا في طريقهم فاستوقفهم صراخ امي وبكاؤها امام المنزل
لم ارى الا جسد ابي ممد على الارض…
لم افهم شيئا ايضا حينها من هؤلاء الناس ماذا يفعلون داخل منزلنا لماذا ابي ملقى على الارض ؟؟ واختي تحاول اسعافه…. وانا في حالة صمت رهيب وفي ذهووول …
ثواني قليلة ويحضر الاسعاف ويدخل رجال الاسعاف ليحملوا ابي … خرجت من الغرفة وانا على يقين بان ابي مغمى عليه وانهم سيسعفوه فورا… ولم افكر باكثر من ذلك وتناقض تفكيري هذا مع ما شاهدته من صراخ امي وحالتها الهستيرية.. لكن لم يكن لدي في حينها وقت للتفكير او التحليل….
وقفت في الممر فاذا بجثة ابي محملة امامي …تسمرت في مكاني…لم اقترب… لم اكن اعلم ان هذه هي المرة الاخيرة التي سارى فيها ابي …لم اكن ادري ان روحه فاضت الى مولاها …
وقفت انظر اليه …الى وجهه الرجولي وعلامة السجود التي تزين جبينه وجسده ذو رائحة الايمان والتقوى …
ليتني احتضنته… ليتني قبلته…..ليتني سلمت عليه وطلبت منه ان يسامحني …
ليتني فعلت …
ليتني عرفت يا ابي حينها انك قد مت……
ليتني استرقت ثواني لاقبّل كفك الطاهرة…
ليتني لم اذهب الى مكان يومها …. ليتني بقيت معك منذ الصباح لا افارق سريرك ولا حضنك الدافيء …
ليتني قمت اليك عندما احسست بغصة ليلتها وتفقدتك وسهرت عندك ….
ليتني…..ليتني….ليتني….. تخنقني ….تلوعني….. تحرق قلبي…..
لحقت برجال الاسعاف الى الخارج… وبقيت في مكاني ارى صعود امي واختي معهم وانا لا اقوى الحراك فعلا مع كل يقيني بعودته الينا سالما وما هو فيه الا وعكة صحية ….
ولكن الخوف واللوعة انهكاني ….
وماهي الا دقائق ومكالمة من اختي تصلني ان اب قد فارق الحياة … فارقها في البيت بعدما قام يتوضا لصلاة الظهر وبعد ان فرغ وضوءه وقبل ان يصل لغرفته وقع على الارض اثر جلطة وما افلحت جهود امي واختي في اسعافه.
مرت 3 سنين….
وانا مستحضرة المشهد…3 سنوات.. وانا اكابد مرارة الحزن والندم… لم اسلم عليه لم اكلمه ..لم اعلم انه مغادر بدون رجعة …
لقد كتبالله لي وحدي دونا عن اخوتي ان اعود بهذه الساعة بالتحديد لارى ابي … اراه في اخر لحظاته…
كم اشتاقك يا ابي …كم اشتاق حضورك القوي ….كم اشتاق هيبتك الطاغية…كم اشتاق صوتك الرجولي الحنون في ارجاء المنزل …
كم تعذبني مائدتنا يا ابي وخصوصا في رمضان… باردة وقاسية وفارغة … كم ينقصها وجودك لتطفي عليها حالة من الوجدانية والروحانية …
انا فعلا احتاجك واحتاج كلامك الدافيء ووجودك الى جانبنا….
كم هي الوحد خانقة وموحشة لامي ..كم هي الحياة صعبة بع رحيلك يا ابي …
كيف سيمر بنا العيد بدونك… كيف سابدا صباح العيد من دون ان اذهب معك للصلاة وان اقبل يديك وتناولني عيديتي بابتسامة عريضة وبشوق محبب …
اشياؤك تعذبني وذكراك تحاصرني
رحمك الله يا ابي وغفر لك ووسع عليك قبرك وجعله اللهم روضة من رياض الجنة ويسر حسابك ويمن كتابك وادخلك الجنة من دون حساب ورزقك درجة الصالحين الابرار….آآآآآمين……آآآمين……..آآآآآمين
اعذروني لاطالتي فهذه اول مرة اعبر فيها عن حزني والمي وشوقي للابي … احسست ان الذكرى والالم يتعصرانني ولم اجد الا الكتابة متنفس لآلامي .
الله يرحمـه ويغفر له ويجعل مثواه الجنـة ويجمعك به أميـــن
اللـه يصبرك على مصابك وعـلى فراقك والدك فعليك بالصبر و ربنا يخليلك مامتك واخواتك .
وانها ايضا تذكرة لك عاص لوالده بان يصله ويرحمه
ويا بنات استغلو وجود احبائكم معكم قبل ان تفقدوهم وتندموا على اى خطأ بحقهم
رحم الله والدك وغفر له ولنا جميعا
الله يرحمه ويغفر له ويجعل مثواه الجنة
الله يصبرك حبيبتي
كم هو مرير فراق الاب
قلبتى على ذكريات ومرارة الفراق
ادمعت القلب قبل العين
صبرا حبيبتى فان موعدنا نلقى الاحبة فى جنة الخلد ان شاء الله
ورحم والدك وأسكنه فسيح جنانه
إنا لله وإنا إليه راجعون
وما يحرمكم من عزيز
ادمعتي عيني بكلماتك
كم صعب انه الانسان يفقد غالي عليه
ربنا يرحم والدك و يصبركم
………….
واسكنه فسيح جناته
اللهم امين