" رُبّ طآعَةٍ أورَثَت عِزاً واستِكبآراً ,, وَرُبّ مَعصِية أورَثَت ذُلاً وانكِسآراً ً
أحببتُ استِهلآل مَوضوعي بِهَذهِ الكَلِمآت لأني أرآهآ حَقاً , فَمآ نَرآهُ الآن في أوسآط بَعض المُلتَزِمين يُدمى لَهُ القَلب ,
لآ أقول ذَلِك لتشوية صُورة المُلتَزِمين أبداً حآشآ لله ولَكَن لِأُبَيِن لِبَعض اخوآتِنآ الجُدد في الإلتِزآم أن ديننآ وإلتِزآمَنآ لآ يَدعُو ابداً لِذَلِك , .
المَوقِف الأول :
أُخت مُنتَقِبة أو مُختَمِرة في الشآرِع أو في المَسجِد وقآبَلَت أُختاً لآ تَرتَدي الحِجآب الشَرعي – ملآبِس مُتَبَرِجة – ونَظَرَت
إليهآ نَظرة إستِحقآر أو لَعَل الأُخت المُتَبَرِجة أتت إليهآ لِتَسألهآ عَن شئ فجآوَبَتهآ بِعبوس في وَجهِهآ ونظرة اشمِئزآز مِن ملآبِسهآ , فَلِمَ أُختى كُلّ هَذآ !!
فَلَعَلَكِ لَو قَدَمتِ لَهآ النَصيحة بِوَجةٍ طَلِق وابتِسآمة صآفية لاستَجآبَت لِنَصيحَتَكِ وهَدآهآ الله عزوَجَل على يَديكِ ,,
لَكِن بَعدَ هَذآ المَوقِف أتدرين مآ كَسَبتيه مِمآ أسأتِ لِسُمعة المُلتَزِمآت .!
فَبِالطَبع بَعد مَوقِفكِ هَذآ ذَهَبَت الأخت وفي رأسِهآ فِكرة سيئة عَن المُنتَقِبآت وعَن المُلتَزِمآت .
فيآ أُختي هَدآني الله وإيآكِ إلى الحَقّ ,, هل نَحنُ مَن أرشَدنآ أنفُسَنآ إلى طَريق الإلتِزآم ؟! لآ والله ..
ولَكِنه المَنــَّآن الذي مَنّ علينآ بالهِدآية وقآدِر بِأن يَمُنّ عَلَى كُلّ أُخت بأفضَل مِنــّآ ,,
فَلِمآذآ التَكَبُر إذاً ! ولَمآذآ العُجب إذاً !
فَكَم مِن أُخت غير مُلتَزِمة ذآقَت مَرآرة المُعآمَلة السيئة مِن
أُخت مَظهَرَهآ الإلتِزآم – وأقول مَظهَرهآ الإلتِزآم وليست مُلتَزِمة وأنآ أعي مآ أقول فَمِثْل هَذهِ لآ يَجِب أن يُطلَق عَليهآ مُلتَزِمة – فيآ أُختي
رَعآكِ الله يآ مَن مَنّ الله عليكِ بِالإلتِزآم ومَنّ الله عَليكِ بالحِجآب الشَرعي لآ تَحتَقِري ابداً أُخت تَرتَدي حِجآباً مُتَبَرِجاً ,
فَلَعَلَهآ لَم تُقآبِل بَعد مَن يُبَيِن ويُوَضِح لَهآ الطَريق الصحيح ,
ولعَلَهآ لآ تَعي ولآتَعرِف أن لِبآسَهآ هَذآ لآ يَجُوز في ديننآ .
الموقِف الثآني
أُخت مَنّ الله عَليهآ بالإلتِزآم , وصلآة الفرآئِض في وَقتِهآ , وصِيآم النَوآفِل , وقِيآمِ الليل ثُمّ بآتت مُعجَبة بِعَمَلِهآ وفَرِحة بِدُمُوْعَهآ
التي سَكَبَتهآ في قِيآم ِ الليل , وكأنهآ بَلَغَت مَنزِلة الصحآبة , وبآتَتَ رآضِية كُلّ الرِضآ عن أعمآلِهآ وكآنهآ ضَمَنَت القبول .
وقَد حَضَرَت بعض دروس العِلم وقرآت كِتآبَين وظَنّت بِنَفسَهآ فَقِيهة الأمة ولآ حَولَ ولآ قُوَة إلآ بِالله ,
ومَن يُنآقِشهآ لا تَعتَرِف بِنِقآشه ومَن يَعرِض لَهآ فِكرة لآ تُعجَب إلآ بِفِكرَتِهآ وكآن لِسآن حآلَهآ يَقُول " أنآ أكثَرُ مِنكُم عِلماً وطآعة " .
بعد سَرد هذين المِثآلَين أحببتُ أن أقول إنّ الأمر لَيسَ بِالهَين والعُجبْ بِالنَفس ليس بِبَعيد عَنا , فعِندمآ ييئَس
الشيطآن أن يَصْرِفنآ عَن طآعة الله عَزَوَجَل يَجِد اسهَل طَريق هُو احبآط أعمآلِنآ عَن طَريق تَزيينِهآ في
أعيُنِنآ ويبدأ بِالدُخول مِن هَذآ البآب ( بآب العُجب والرِيآء ) .
فَهَذآ العُجب الخَطير يُعَد مَرَض مِن أمرآض القُلوب المُتَفَشِية فِي أوسآط المُلتَزِمآت , ومعنآه الزَهو بِالنَفس والإعجآب بِهآ
وبِمآ تَفعَلَهُ مِن طآعآت لله عَزَوَجَل , وهَذآ العُجب لآ بُد وأن يُصآحِبَهُ كِبْر فيُصبِحَ الإنسآن لآ يَرَى إلآ عَمَلَه ولآ يَرَى إلآ نَفسه ويَحسَبُهآ
أفضَل مِن كَل مَن حَولَه , ولِذَلِك استَهلَلت مقآلَتي بِجُملة " رُبّ طآعَةٍ أورَثَت عِزاً واستِكبآراً ,, وَرُبّ مَعصِية أورَثَت ذُلاً وانكِسآراً " .
فهَذهِ المُتَبَرِجة بِذَنبهآ لَعَلَهآ أفضَل مِن هَذهِ المنُتَقِبة بِطآعَتهآ , فَلَعَل المُتَبَرِجة إذآ خَلَت بالله عزَوَجَل انكَسَرَت بين يديه مِن ذُل مَعصيتهآ
ورَجَت عفوهُ ورحمَتَهُ , غَير أن المنتَقِبة بِعُجبَهآ أحبَطَت عَمَلَهآ وطآعَتهآ .
ومِمآ وَرَدَ في بآب العُجب مِن أحآديث :
عَن أنس بن مآلِك رضي الله عنه قآل قآل رسول الله صى الله عليهِ وسلم :
" ثلاث منجيات : خشية الله تعالى في السر و العلانية ، و العدل في الرضا و الغضب ، والقصد في الفقر والغنى ،
و ثلاث مهلكات : هوى متبع ، و شح مطاع ، و إعجاب المرء بنفسه"
حسن
نعم أخوآتي الحَبيبآت فإعجآب المرء بنفسهِ وطآعتهِ تؤدي بهِ إلى الهلآك ولآ حَولَ ولآ قُوة إلآ بِالله وتَحبِط عَمَله كمآ قآل الله عزوجَل في سُورة الفرقآن :
" وَقَدِمْنَا إِلَىٰ مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا (23) "
فَعَدَم الإخلآص في العَمل والإعجآب به والريآء فيه يُحبِطه والعيآذُ بِالله
أمآ سِمِعتُنّ عآئِشة رضىَ الله عنهآ وأرضآهآ عِندمآ سألت رسول الله صلى الله عليه و سلم عن هذه الآية :
" الذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون "
قالت عائشة : الذين يشربون الخمر ويسرقون ؟ قال :
لا يا ابنة الصديق ولكنهم الذين يصومون ويصلون ويتصدقون وهم يخافون أن لا يتقبل منهم ، أولئك الذين يسارعون في الخيرات .
فمآ أجمَل أن نَتَعَبَد ونَتَقَرَب إلى اللهِ بالطآعة ثُم نَحمَدهُ عزوجَل أن وَفَقنآ لِهَذه الطآعة التي لَولآ فَضلِهِ وكَرَمهِ ومَنّهِ علينآ
لمآ وُفِقنآ إلى هَذهِ الطآعة , ثُم بَعد ذَلِك نَرجو مِنه القَبول بدلاً مِن الزهو والفخر والعُجب بِمآ فَعلنآه , فنَحنُ أُخية نُعآمِل الله عزوجَل
ولآ نَمُنّ أبداً عليهِ بالطآعة بَل مهمآ بَلَغنآ مِن الطآعآت سَنبقى مَقَصِرين في حَقهِ ومهمآ شَكَرنآ الله عزَوَجَل لمآ أدَينآ شُكر نِعمة وآحِدة مِن نِعمِ الله عزوَجَل علينآ
وحديث الرسول صلى الله عليهِ وسلَم ايضاً :
" بينما رجل يمشي في حلةٍ تعجب نفسه ، مرجل جمته ، إذ خسف الله به فهو يتجلجل إلى يوم القيامة " متفق عليه .
ومآ أجمَل أقوآل السَلَف في هَذآ البآب :
فقد قآل ابن مسعود رضي الله عنه : الهلاك في اثنين : القنوط والعجب
قال أبو حامد : وإنما جمع بينهما ؛ لأن السعادة لا تنال إلا بالسعي والطلب والجد والتشمير ،
والقانط لا يسعى ولا يطلب ، والمعجب يعتقد أنه قد سعد وقد ظفر بمراده فلا يسعى .
وقال مطرف : لأن أبيت نائماً وأصبح نادماً أحب إليّ من أن أبيت قائماً وأصبح معجباً
وقال مورق العجلي : خير من العجب بالطاعة ألا تأتي بطاعة
وكان بشر بن منصور من الذين إذا رءُوا ذُكِرَ الله تعالى والدار الآخرة ، لمواظبته على العبادة ، فأطال الصلاة يوماً ،
ورجل خلفه ينتظر ، ففطن له بشر ، فلما انصرف عن الصلاة قال له :
لا يعجبنك ما رأيت مني ، فإن إبليس لعنه الله قد عبد الله مع الملائكة مدة طويلة ، ثم صار إلى ما صار إليه .
وقيل لعائشة رضي الله عنها : متى يكون الرجل مسيئاً ؟ قالت : إذا ظن أنه محسن .
و قال اسحاق بن خالد : ليس شيء أقطع لظهر إبليس من قول ابن آدم : ليت شعري بماذا يختم لي ؟ عندها ييأس إبليس و يقول : متى يُعجب هذا بعمله.
وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : الإعجاب ضدّ الصواب ، وآفة الألباب .
وقال بزدجمهر : النعمة التي لا يحسد صاحبها عليها التواضع ، والبلاء الذي لا يرحم صاحبه منه : العجب .
وقال الشافعي : إذا خفت على عملك العُجب فاذكر رضا من تطلب و في أي نعيم ترغب و من أي عقاب ترهب فمن فكر في ذلك صغر عنده عمله.
.
ولَعَل مِن أهَم اسبآب الكِبْر هُوَ ضَعف المُرآقبة لله عزوجَل .
وحَتَى نَتَخَلَص مِن هَذهِ الآفة وهَذآ الدآء اللعين فعلينآ :
أولاً : بالإستِعآنة بِالله فالله عزَوَجَل عونَ مَن لآ عَون لَهُ .
ثآنياً : علينآ أن نوقِن ونُقِر بِضَعفنآ أمآم الله عزوَجَل فكَمآ قآل اله عزَوَجَل في كَثير مِن الآيآت ذَكَرَت ضَعف الإنسن :
( يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفاً).
( أَوَلا يَذْكُرُ الإنسان أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً).
( وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ).
( ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ).
( هَلْ أَتَى عَلَى الْإنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً).
ثالثاً : يجِب أن نَعلَم أن كُل مآ لَدينآ مِن نِعَم إنمآ هُوَ هِبة مِن عِند الله عزوَجَل ولآ دخل لنآ في إيجآدِهآ
بل إنهآ مِن كَرَمِ الله عزوَجَل علينآ ويَجِب علينآ شُكرهُ عليهآ ولو شكرنآهُ مآ وفينآ شُكره
رابعاً : أن نَعلَم أنّ العُجب إمآ هُو حآل المُفسدين والجهلة مِن النآس وعَلينآ أن نَتَفَكَر في قِصص
مَن كآن قبلنآ وكلآمَهُم وموآعِظَهُم لنآ في هَذآ البآب
فهيآ معاً أخوآتي الحَبيبآت لنتَخَلَص مِن كُلّ ذَرة عُجب في قلوبنآ وهيآ لِنُطَهِر قلوبنآ مِن كُل ذَرِة تَكَبُر وريآء حَتى نَلقى الله عزوجل بِقُلوبٍ سَليمة طآهِرة .
ولِيَكُن شِعآرَنآ هُوَ حَديث رسول الله صَلى الله عليهِ وسَلَم :
عَن ابي هُريرة رضي الله عنه قآل صلى الله عليهِ وسلَم :
" لن ينجي أحدا منكم عمله . قالوا : ولا أنت يا رسول الله ؟ قال : ولا أنا ، إلا أن يتغمدني الله برحمة ، سددوا وقاربوا ،
واغدوا وروحوا ، وشيء من الدلجة ، والقصد القصد تبلغوا"
صحيح البُخآري .
فاللهُم ارحمنـــآ بِرَحمَتِكَ التي وَسِعَت كُلّ شئ وطَهِرنآ مِن كُل أمرآض القُلُوب وأدخِلنآ الفِردوس الأعلى بِرحمَتِك يآ أرحَم الرآحِمين
أسأل الله ألآ يُذيقني وإيآكُنّ طَعم أنفُسِنآ ابداً
وعُذراُ على الإطآلة
ربنا يعافينا من العجب والرياء والكبر وجميع أمراض القلوب..
منقوووول
ربنا يعافينا من العجب والرياء والكبر وجميع أمراض القلوب..
اللهم آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآمين
جزاكى الله خيرا اختى
الله يحفظنا من الاعجاب
مودتي لك اختي