الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.. أما بعد: فقد شرع الله صلاة الجماعة لحكم كثيرة منها: الاجتماع والألفة، وبقاء المجتمعات متماسكة، تربطها رابطة الإسلام، بأحكامه وشرائعه اليومية، والأسبوعية، والشهرية، والسنوية، والعمرية، فمن الشرائع اليومية التي تكرر في اليوم والليلة خمس مرات: الصلاة، ولذا كانت أجل الشعائر وأعظمها، وقد أكثر الله من ذكرها في القرآن، ومدح أنبياءه بالمحافظة عليها والأمر بها، وقد أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- أن من صلى هذه الصلوات في جماعة فإن صلاته تفضل على صلاة المنفرد بسبع وعشرين درجة، وأوجب صلاة الجماعة، وهدد من يصليها وحده في بيته أو في أي مكان. ولمكانة صلاة الجماعة من الدين يجدر بنا أن نتعرف على بعض أحكامها، ومن تلك الأحكام:
إمامة النساء، هل يصح أن تؤم المرأة النساء لصلاة الفريضة أو النافلة؟
هذه المسألة من المسائل التي وقع فيها الخلاف بين العلماء، ولكن الأحاديث والآثار تدل على جواز ذلك، بل إن ذلك مستحب لما فيه من الاجتماع والترابط وزيادة الأجر، لكن الأحناف يرون كراهة إمامة المرأة للنساء، أما المالكية فقد ذهبوا إلى أبعد من ذلك، حيث قالوا: إن ذلك محرم، وإذا صلَّت بهن جازت، ومعنى كون ذلك حرام: أنها تأثم بفعلها ذلك وصلاتهن صحيحة، وعللوا التحريم بالآتي:
1. لأن إمامة المرأة بالنساء لا تخلو من مُحرَّم، وهو قيام الإمام وسط الصف.
2. أنها لا تخلو عن نقص واجب أو مندوب، فإنه يُكره لهن الأذان والإقامة، وتقدم الإمام عليهن.. وهذه التعليلات لا اعتبار لها في مقابلة الأحاديث والآثار التي دلت على استحباب صلاة النساء جماعة، ومن أدلة الاستحباب:
عن أم ورقة الأنصارية -رضي الله عنها-(أن رسول الله كان يقول: ((انطلقوا بنا إلى الشهيدة فنزورها)) وأمر أن يُؤَذن لها وتقام، وتؤم أهل دارها في الفرائض)1.
وهذا الحديث واضح في استحباب صلاة النساء جماعة، وأن المرأة تؤم النساء.
الدليل الثاني: عن عائشة -رضي الله عنها-: (أنها أَمَّتْ نساءً في الفريضة في المغرب، وقامت وسطهن، وجهرت بالقراءة)2.
الدليل الثالث: عن ريطة الحنفية -رحمها الله-: (أن عائشة أم المؤمنين- رضي الله عنها- أَمَّتْهُن في صلاة الفريضة)3.
الدليل الرابع: عن أم الحسن بن أبي الحسن البصري -رحمها الله-: ( أن أُمَّ سلمة أُمَّ المؤمنين -رضي الله عنها- كانت تؤمهن في رمضان، وتقوم معهن في الصف)4.
الدليل الخامس: عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: ( تؤم المرأة النساء في التطوع، تقوم وسطهن)5.
الدليل السادس: عن ابن عمر -رضي الله عنهما- (أنه كان يأمر جارية له تؤم نساءه في ليالي رمضان)6.
فهذه الآثار عن الصحابة تدل على استحباب صلاة الجماعة للنساء، ولم ينقل مخالف لهم من الصحابة الكرام7.
ففي هذا الادلة دلالة أن النساء يستحب لهن أن يصلين جماعة، في بيوتهن أو مساجدهن، وأن ترفع من تؤمهن صوتها بالقرآن، بشرط أن لا يسمع الرجال تلاوتهن، وهذا يحسن من النساء في الصلوات المفروضات وفي صلاة التراويح، وغير ذلك من الصلوات، وذلك لتبلغ المرأة أجر صلاة الجماعة التي تضاعف عن صلاة الفرد بسبع وعشرين درجة..
نسأل الله التوفيق وقبول الأعمال، ونسأله العون على القيام بأحكام ديننا على أكمل وجه، إنه على كل شيء قدير.
ويحق لمن شاء أخذ ما يريد من مواد هذا الموقع بشرطين : الأول : عزو ما يأخذ إلى موقع إمام المسجد www.alimam.ws ، الثاني : الأمانة فيالنقل وعدم التغيير في النص المنقول ولا حذف شيء منه ، والله الموفق .
وبارك الله فيك أختي مسرة..