من أخطاء الكثيرين التعلق بالأسباب دون رب العباد و من أخطاء البعض أيضا ظن أن التوكل يعني ترك الأمور كما هي و عدم اتخاذ الأسباب …
فنجد من يذهب طالبا العون من الخلق دون طلب العون من الخالق و نجد من يدعو الله دون اتخاذ أي سبب… صحيح أن العبد إذا سعى متوكلا على الله و لم ينجح في شيء فليس له إلا أن يسلم أمره إلىالله..
و في قصص السابقين أمثلة عديدة سأذكر بعضها…
أمر الله سيدنا موسى عليه السلام أن يضرب البحر بعصاه "فأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم (63) (سورة الشعراء) … هل العصا يمكن أن تفلق البحر فلقتين ؟! طبعا هذا مستحيل … مع ذلك أمر الله جل و علا سيدنا موسى باتخاذ هذا السب الذي لا حول له و لا قوة له …إلا بالله
و هذا سيدنا يوسف عليه السلام يعطي قميصه لاخوته يلقوه على وجه سيدنا يعقوب عليه السلام… "اذهبوا بقميصي هذا فالقوه على وجه أببي يأت بصيرا و أتوني بأهلكم أجمعين (93) (سورة يوسف) … فارتد سيدنا يعقوب بصيرا ! ! ! و القميص لا يرد البصر عادة و لكنه كان سببا لذلك …
و هذه السيدة مريم البتول و قد جاءها المخاض تؤمر أن تهز جذع النخلة .."و هزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا (25) (سورة مريم) … فهل تستطيع امرأة جاءها المخاض أن تهز نخلة ؟! ! ! و قد ورد في التفاسير أن النخلة كانت يابسة لا ثمر لها … فمن أين جاءت الرطب ! ! ! سبحان الله …
و هذا سيدنا يعقوب عليه السلام يأمر أولاده بالدخول إلى مصر من أبواب متفرقة"و قال يابَنيَ لا تدخلوا من باب واحد و ادخلوا من أبواب متفرقة…" و قيل في التفاسير أنه خشي عليهم من العين و لكنه قال بعد أمره لأولاده "..و ما أغني عنكم من الله من شيء عليه توكلت و عليه فليتوكل المتوكلون "(67) (سورة يوسف) أي أن دخولهم من الأبواب المتفرقة لن ينفعهم إلا بحفظ الله و أخذ السبب عليه أن يقترن بالتوكل على الله فينفع بإذن الله..
و هذه السيدة هاجر تركها سيدنا ابراهيم عليه السلام مع وليدها سيدنا اسماعيل عليه السلام في مكة و قد كانت صحراء ليس فيها لا ماء و لا نبات و لا إنسان… فسألت سيدنا ابراهيم "أالله أمرك أن تتركنا ؟" فأشار لها سيدنا ابراهيم بـ"نعم" فقالت "إذا لن يضيعنا الله" … و بهذا الإيمان سعت بين الصفا و المروة سبعا لاهثة تبحث عن ما تطعم به وليدها الباكي …سعت و قد كانت الأحجار تغطي الطريق و الشمس تحرق الأرض بلهيبها … ثم جاءها المدد… و فرج الله عنها من حيث لم تحتسب… في هذه القصة نلتمس معنى جديد هو أن السبب قد لا ينفع و لا يأتي بالمبتغى و لكن الفرج جاء بصدق التوكل على الله فجعل الله سعي السيدة هاجر بين الصفا و المرة عبادة له إلى يوم الدين…
القصص كثيرة و الأمثلة عديدة و هي تصب في نفس المصب … فأوصيكم و نفسي بالاعتقاد برب الأسباب و مسببها و السعي باتخاذ الأسباب متوكلين على رب العزة و الجلال مع اليقين التام أن لا حول و لا قوة للسبب إلا بإذن الله فكما يقول الرسول صلى الله عليه و سلم الذي رواه عبد الله بن العباس رضي الله عنهما "… و اعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك و إن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام و جفت الصحف" (الحديث التاسع عشر من الأربعين النووية- رواه الترمذي و غيره و قال حديث حسن صحيح)
كل الحقوق محفوظة زهرة الحديقة منتدى لكِ
وقفات جميلة .. بارك الله فيكِ ..
" … واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك و إن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام و جفت الصحف " ، هذا الحديث أحبه جداً .. يُشعِرني بالاطمئنان …
المشكلة التي يقع بها الكثيرون هي عدم التوازن ، فمنهم من يبالغ بالأخذ بالأسباب ، ومنهم من يبالغ بالتواكل ..
و هذا سيدنا يعقوب عليه السلام يأمر أولاده بالدخول إلى مصر من أبواب متفرقة"و قال يابَنيَ لا تدخلوا من باب واحد و ادخلوا من أبواب متفرقة…" و قيل في التفاسير أنه خشي عليهم من العين و لكنه قال بعد أمره لأولاده "..و ما أغني عنكم من الله من شيء عليه توكلت و عليه فليتوكل المتوكلون "(67) (سورة يوسف) أي أن دخولهم من الأبواب المتفرقة لن ينفعهم إلا بحفظ الله و أخذ السبب عليه أن يقترن بالتوكل على الله فينفع بإذن الله..
بوركت وصدقتي زهرة الحديقة فعلينا الا ننسى التوكل ولا الاخذ بالاسباب ليتحقق لنا النفع باذن الله
بارك الله فيك اختي زهرة الحديقة
التوكل على الله منزلة عظيمة في الاسلام .. وان من يتوكل على الله فهو حسبه ومؤيده وكافيه ومن يتوكل على غير الله فهو يتوكل على من يموت ويفنى ومن اعتمد على غير الله فقد ظل سعيه ..
قوله سبحانه: ( وَعَلَى اللّهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ )
وقوله جل وعلا: ( فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ )
موعظة هامة
جزاك الله خيرا أختي الغاليةو زادك من فضله