تعريف الإيمان لغةً:
هو الإقرار والاعتراف المستلزم للقبول والإذعان وهو مطابق للشرع..
(أكثر أهل العلم يقولون: إن الإيمان في اللغة: التصديق، ولكن في هذا نظر! لأن الكلمة إذا كانت بمعنى الكلمة؛ فإنها تتعدى بتعديها، ومعلوم أن التصديق يتعدى بنفسه، والإيمان لا يتعدى بنفسه؛ فنقول مثلاً: صدقته، ولا تقول آمنته! بل تقول: آمنت به، أو آمنت له , فلا يمكن أن نفسر فعلاً لازماً لا يتعدى إلا بحرف الجر بفعل متعد ينصب المفعول به بنفسه، ثم إن كلمة (صدقت) لا تعطي معنى كلمة (آمنت) فإن (آمنت) تدل على طمأنينة بخبره أكثر من (صدقت) , ولهذا؛ لو فسر (الإيمان) بـ(الإقرار) لكان أجود؛ فنقول: الإيمان: الإقرار، ولا إقرار إلا بتصديق، فتقول أقر به، كما تقول: آمن به، وأقر له كما تقول: آمن له) .
تعريف الإيمان شرعاً:
بناءً على ما سبق فالإيمان في اللغة يتضمن معنىً زائداً على مجرد التصديق وهو الإقرار والاعتراف بالشيء، المستلزم لقبول الخبر والإذعان لحكمه، فهو أمر علمي اعتقادي يترتب عليه عمل القلب وقول اللسان وعمل الجوارح، فإن من كذَّب الخبرَ أنكره قلباً، وردَّه قولاً، وترك العملَ بمقتضاه فعلاً، ومن صدَّق الخبرَ اطمأن إليه قلباً، وشهد به قولاً، وحقَّق العمل بمقتضاه فعلاً أو تركاً.
فمعنى الإيمان شرعاً: هو ما دلّ عليه الكتاب والسنة وإجماع السلف الصالح من الأمة أنه: قولٌ باللسان، واعتق-ادٌ وعمل بالجنان – أي القلب ـ، وعملٌ بالجوارح.
وكم من آية قرآنية صريحة وحديث نبوي صحيح وأثرٍ ثابتٍ عن السلف تضمَّن إطلاق اسم الإيمان على اعتقادات القلوب وأعمالها وأقوال الألسن وأعمال الجوارح، وأنه يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، والنصوص في هذا أكثر من أن تُحصر وأشهر من أن تُذكر.
أولاً: تعريف الإيمان بالله:
هو: ا لتصديق التام، والاعتقاد الجازم بوجوده تعالى، وما يجب له سبحانه.
ثانياً: تحقيق الإيمان بالله:
يتحقّق الإيمان بالله تعالى بأمور:
الأول: الإيمان بأن الله تعالى متفرد بالخلق والملك والتدبير مطلقاً، فلا شريك له فـي ذلك، ولا مدبِّر معه، ولا معقِّب لحكمه، ولا رادَّ لقضائه، قال تعالى: ﴿ أَلَا لَهُ الخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللهُ رَبُّ العَالَمِينَ﴾[الأعراف: 54].
وهذا التوحيد مستقر فـي فِطَر عامة البشر، فهم مُقِرُّون لله تعالى به، قال تعالى: ﴿ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ ﴾ الآية [لقمان: 25]، وقال تعالى: ﴿قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الحَيَّ مِنَ المَيِّتِ وَيُخْرِجُ المَيِّتَ مِنَ الحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ * فَذَلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمُ الحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ﴾[يونس: 31-32]
.
فلم يجحد هذا التوحيد إلا مكابر معاند، قد تظاهر بجحوده مع استقراره فـي نفسه، كما قال تعالى عن آل فرعون: ﴿ وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا ﴾[النمل: 14]،
فمن أنكره فهو مقر به باطناً، وإنما تظاهر بإنكاره تكبراً وعناداً.
وقد أكثر الله تعالى من ذكر هذا التوحيد فـي القرآن مقرراً لأهل الشرك به ومطالباً لهم بمقتضاه،وهو وجوب اعتقاد تفرده بالإلهية وعبادته وحده، فإن المتفرد بالخلق والرزق والتدبير هو الإله الحق الذي يجب أن يُفرد بالعبادة، ويخلص لـه الدين والذي ربى جميع الخلق بالنعم، وربى خواص خلقه وهم الأنبياء وأتباعهم بالعقيدة الصحيحة والأخلاق الجميلة والعلوم النافعة والأعمال الصالحة.
الثاني: إثبات ما أثبته الله تعالى لنفسه فـي كتابه، وفيما صحَّ عن نبيه – صلى الله عليه وسلم – من الأسماء الحسنى والصفات العُلى، على الوجه اللائق بجلال الله تعالى وعظمته، من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل، بل على حد قولـه تعالى: ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ ﴾[الشورى: 11]، فأثبت الله تعالى لنفسه الأسماء والصفات، ونزَّه نفسه عن مماثلة المخلوقات.
فالواجب إفراد الرب تبارك وتعالى بالكمال المطلق من جميع الوجوه وبكل اعتبار، وبنعوت العظمة والجلال والجمال، وذلك بإثبات ما أثبته الله تعالى لنفسه، أو أثبته لـه رسوله – صلى الله عليه وسلم – من جميع الأسماء والصفات ومعانيها وأحكامها، وتنزيهه سبحانه عن جميع صفات العيب والنقص وما هو من خصائص الخلق تنزيهاً يُراد منه إثبات كمال ضد ذلك فـي حقه تعالى، قال تعالى: ﴿ وَللهِ الأَسْمَاءُ الحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾[الأعراف: 180]، وقال تعالى: ﴿ هُوَ اللهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ المَلِكُ القُدُّوسُ السَّلَامُ المُؤْمِنُ المُهَيْمِنُ العَزِيزُ الجَبَّارُ المُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾[الحشر: 22] الآيات إلى آخر سورة الحشر.
من ثمرات الإيمان بالله تعالى
للإيمان بالله تعالى ثمرات مباركة كثيرة، منها:
1- الثناء على الله تعالى بالأسماء الحسنى وصفات العظمة والجلال والجمال، واللهج بذكره فـي سائر الأحوال تلذذاً بذكره، وطلباً لمثوبته، وهو من أعظم أسباب صلاح القلوب وسلامتها، وزكاة النفوس وطهارتها، ونور البصيرة واهتدائها.
2- دعاء الله تعالى بأسماء الحسنى وصفاته العلى بحسب الحاجات والأحوال، رغبة وثقة بتحصيل الخير واستجارة من الشر وأهله، واستغناء بالله عن الخلق، وسكوناً إليه واضطراراً إليه.
والدعاء من أعظم أسباب حصول النعماء، وصرف البلاء، والوقاية من سوء ما يجري به القضاء، والنصر على الأعداء، وزيادة الإيمان والاهتداء.
3- صدق التوكل على الله، وتفويض الأمر إليه،والاعتماد عليه، والثقة به، والتحرر من التعلُّق بغيره.
4- نشاط الهمة والقوة فـي المسارعة إلى الخيرات، والمنافسة فـي الأعمال الصالحات، ومجانبة الخطيئات، والمبادرة إلى التوبة من جميع الزلات، فكلما قوي الإيمان بالله وأسمائه وصفاته قويَ حظ العبد من هذه الأمور.
5- التصديق بأخباره والتسليم لأحكامِه والاعتراف بحكمته وعدلـه
ورحمته، واعتقاد أن ذلك كله صدق وحق، وأنه لحكم عظيمة وغايات سامية.
6- التسليم لتدبيره سبحانه لملكه وتصرفه فـي خلقه وقضائه لعبده، وأنه كله عن علم تام وقدرة باهرة وحكمة بالغة، وأنه دائرٌ بين الفضل والعدل، فإذا قضى أمراً فإنما يقول له: كن فيكون، ولا يسأل عما يفعل وهم يُسألون.
7- تحقُّق الأمن والهـداية للمؤمن فـي الدنيا والآخرة، قال تعالى: ﴿ الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ﴾[الأنعام: 82].
8- الفوز بالحياة الطيبة فـي الدنيا والآخرة والأجر الحسن قال تعالى: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾[النحل: 97].
9- النصر المبين على الأعداء من الكافرين والمنافقين وسائر المناوئين، قال تعالى: ﴿ إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ ﴾[غافر: 51].
10- الاستخلاف فـي الأرض وتمكين الدين، قال تعالى: ﴿وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ ﴾[النور: 55].
11- اجتماع الكلمة ووحدة الصف والتعاون على تحقيق الغايات المطلوبة شرعاً، وفي ذلك تحقيق عزة المسلمين وكرامتهم لوحدة عقيدتهم وصحتها، فإنه لا يجمع الناس جمعاً تاماً إلا العقيدة الصحيحة التي يلتزم بمقتضاها الجميع، وضعف التمسك بالعقيدة الصحيحة أو الضلال فـي الاعتقاد من أساب الاختلاف والتفرق والنزاع والتعصب لغير الحق من الأهواء والأجناس والألوان والشعارات المصطنعة، واعتبر ذلك بحال العرب ؛ فإنهم لما كانوا ضالِّين فـي عقيدتهم كانوا مختلفين متفرقين متحاربين، قد فرَّقوا دينهم وكانوا شيعاً، وتقطعوا أمرهم بينهم زبراً كل حزب بما لديهم فرحون.
ثم لما مَنَّ الله عليهم بالإيمان والعمل الصالح أجمعوا على الكتاب والسنة، وتعاونوا على البر والتقوى، وتناهوا عن الإثم والعدوان، واعتصموا بالله مولاهم، فاتحدوا وتحابوا وعزوا وانتصروا وسادوا الأمم وصاروا أئمة الدنيا والعالم، وصدق الله العظيم إذ يقـول ممتنّاً على رسولـه والمؤمنين ومذكراً لهم بهذه النعمة العظيمة: ﴿ وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾[الأنفال: 63]،
ويقول:﴿ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ * فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ [الحجرات: 7-8].
12- امتلاء القلب من خشية الله، وتحلِّي العبد بالتقوى لله، فإن من عرف الله تعالى حق معرفته واستشعر عظمته وجلاله وكبرياءَهُ وذكر جماله وكماله وآلاءه امتلأ قلبه من خشية الله، فكان أتقى لله ممن ليس كذلك، قال تعالى: ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ العُلَمَاءُ ﴾[فاطر: 28]، والخشية صفة عباد الله الصالحين ﴿ الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللهَ وَكَفَى بِاللهِ حَسِيبًا ﴾[الأحزاب: 39].
ولذا لما كان النبي – صلى الله عليه وسلم – أكمل الأمة معرفة بربه تبارك وتعالى كان أعظمهم لـه خشية وأكملهم لـه تقوى، قال – صلى الله عليه وسلم -: ((والله إني أخشاكم وأتقاكم لـه))([2]).
وفي قولـه ذلك قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ * زَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ﴾ [البينة: 7-8].
13- الطاعة المطلقة لله تعالى والانقياد الاختياري لحكمه الشرعي، فلا يختار المؤمن غير ما اختار الله ورسوله – صلى الله عليه وسلم – لـه، ولا يتحاكم إلى غير كتابه وسنة بنيه – صلى الله عليه وسلم -، قال تعالى: ﴿ إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ ﴾[النور: 51، 52]، وقال تعالى: ﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا﴾[الأحزاب: 36].
14- الإحسان إلى الخلق ورحمتهم والعفو عنهم والصفح، طمعاً فـي حصول ذلك من الله لمن كان كذلك، فالراحمون يرحمهم الله، ومن عفا عفا الله عنه، ومن غفر غفر الله له.
— تابعوا معنا بقيّة الأركان في الجزء "2" إن شاء الله —
ونفع بكم الآمه ,,
رضينا بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً
بارك الله فيك ..,‘
بورك الجهد شقيقتي
استفدت و كثيراً ()
رفع المولى به منزلتك في علّيين
استفدت و كثيراً ()
رفع المولى به منزلتك في علّيين
بارك الله في جهودك
وجعله في ميزان حسناتك
وجعله في ميزان حسناتك
جزاك الله أعالي الجنان
,,
جزاك الله خيرا وبارك فيك
وجعل ماكتبته في ميزان حسناتك
وجعلك الله شمسا للحق دوما
وجعل ماكتبته في ميزان حسناتك
وجعلك الله شمسا للحق دوما