تخطى إلى المحتوى

التفقه فى الدين بقلم د. احمد المسير 2024.

بقلم‏:‏ د‏.‏ محمد أحمد المسير *

التدين فريضة علي كل مكلف رجلا كان أو امرأة،‏ ويعني صحة العقيدة وسلامة العبادة فالمسلم أيا كان مطالب شرعا بقدر من العلم ـ وهو الدليل الإجمالي ـ علي عقيدته في التوحيد والنبوة واليوم الآخر،‏ ومعرفة بالأركان والسنن لكل عبادة،‏ بحيث لا يعتقد في ركن أنه سنة‏..‏

وهذا القدر من العلم هو ما لا يسع المسلم جهله،‏ وهو فرض عين‏..‏

أما علم الدين أو فقه الدين فهو المعرفة التفصيلية بالعقائد والعبادات بأدلتها العقلية والشرعية،‏ والرد علي الشبهات،‏ وإقامة الحجة علي المخالفين‏..‏

وهذا الفقه في الدين هو الذي يجعل المسلم من أهل الذكر أو الراسخين في العلم أو أهل الاستنباط،‏ وهذا فرض كفاية إذا قام البعض به سقط الإثم عن الباقين‏..‏ قال تعالي‏:‏ وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولو الألباب‏(‏ آل عمران‏:7).‏

فالراسخون في العلم هم الذين يفهمون المحكم والمتشابه من النصوص الشرعية التي تفتح باب الحوار والمناقشة،‏ وتمنح العقل مجالا للاجتهاد‏..‏ قال جل شأنه‏:‏ وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون‏(‏ التوبة‏:122).‏

فليس كل المؤمنين مطالبين بفقه الدين وعلمه بل ذلك واجب العقلاء الذين لديهم جودة استنباط وحسن نظر وبراعة استدلال،‏ حتي لا تتعطل مصالح العباد في جوانب الحياة المختلفة‏,‏ فالمجتمع في حاجة إلي الأطباء والمهندسين والصيادلة والزراع والتجار‏..‏ كل يعمل فيما يحسنه ويتقنه‏..‏

وقال سبحانه‏:‏ وما أرسلنا قبلك إلا رجالا نوحي إليهم فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون‏(‏ الأنبياء‏:7).‏ فمعرفة مسيرة الأنبياء وحقيقة الوحي وصدق الأنبياء وصفاتهم هي من اختصاص أهل الذكر الذين لهم بحث وخبرة وكفاءة في مجال دراسة الأديان‏.‏

ولعلماء العقيدة بحث تحت عنوان المعرفة والتقليد‏..‏ وأول واجب علي المكلف‏..‏ ومن النظم الذي قيل في ذلك قول صاحب الخريدة‏:‏

وواجب شرعا علي المكلف معرفة الله العلي فاعرف

أي يعرف الواجب والمحالا مع جائز في حقه تعالي

وفعل ذا في حق رسل الله عليهــــم تحيـــــــــة الإله

‏وهنا يجب أن نفرق بين طالب العلم والعالم‏،‏ فطالب العلم يبدأ الطريق علي أيدي العلماء بمناهج ومقررات دراسية،‏ ومراحل متعاقبة ينظمها قانون التعليم الذي أصبح سمة العصر‏،‏ وتخريج العلماء منحصر اليوم في دور التعليم الديني ممثلة في الأزهر الشريف والجامعات الإسلامية..

ولم يعد يكفي مجرد المصاحبة التي كانت سمة العصور الماضية،‏ لقد كانت الرحلة في طلب العلم وملازمة الشيوخ سنوات طوالا هي طريق العلم‏،‏ ولم يعد في عصرنا الحاضر ما يسمح بتلك الملازمة الكاملة أو الصحبة الدائمة‏.‏

ولم يعد كافيا قراءة كتب العلم علي انفراد‏، ومطالعة آراء العلماء بعيدا عن الحوار والمناقشة والتلمذة الرسمية‏..‏ وما كانت ظاهرة الدعاة الجدد إلا مظهرا من تلك المظاهر الباهتة التي حاول أصحابها بجهدهم الخاص فهم العلم ودراسته علي انفراد‏،‏ والخروج علي الناس بصفة العلماء..

وهم في حقيقة أمرهم يمثلون علاقة المقاول بالمهندس‏،‏ وعلاقة الممرض بالطبيب‏،‏ وعلاقة الجندي بالقائد،‏ فمهما يكن المقاول علي دراية بفن العمارة إلا أنه لن يعتمد مهندسا‏،‏ ومهما يكن الممرض علي دراية بطبيعة الأمراض وأدويتها فلن يعتمد طبيبا‏،‏ ومهما كان الجندي ذا مهارة متتالية أو فكر عسكري فلن يعتمد قائدا‏..‏

فهؤلاء الدارسون من منازلهم ولم يواصلوا السلم التعليمي الديني لا يحق لهم أن يمنحوا وصف العالم مهما يكن حفظهم للمتون أو فهمهم للأصول أو استيعابهم لعلوم الشريعة‏،‏ لأن هذه الحالة ستكون رمية من غير رام‏،‏ وفلتة لا تتكرر كثيرا‏،‏ فالظاهرة العقادية ـ نسبة إلي عباس محمود العقاد ـ شذوذ لا يقاس عليه‏..!!‏

ويذكرني ذلك بفقيه القرية ـ فيما مضي ـ الذي يتولي الإفتاء بين الناس قياسا علي ما سمعه من العالم الفلاني،‏ فقد يكون قياسه فاسدا‏,‏ وقد يكون فهمه خطأ‏،‏ وقد يكون نقله مظنونا فيه‏..‏

والدعاة الجدد ـ الذين لم يتخرجوا في دور العلم الشرعي ولم يدرسوا المناهج بمراحلها التعليمية ـ يمكن الاستعانة بهم في الرقائق والترغيب والترهيب بضوابط الشرع دون أن يكون له دور في الفتوي،‏ أو تقديم الأحكام‏،‏ وتصحيح المفاهيم التي تحتاج إلي دربة وخبرة وممارسة طويلة الأجل‏..‏ ويلحق بهؤلاء الدعاة الجدد‏،‏

النساء والرجال الذين تخرجوا في مراكز الثقافة التابعة لوزارة الأوقاف أو معاهد إعداد الدعاة التابعة للجمعيات الدينية‏،‏ فهؤلاء ثقافتهم محدودة وينبغي أن يقتصر دورهم علي تحفيظ القرآن الكريم إن استطاعوا إلي ذلك سبيلا‏،‏ وإمامة المصلين،‏ وأداء الخطبة أو الدرس الديني بضوابط معينة‏..‏

وهذا يدفعنا إلي أن نلاحق من لا ثقافة له أصلا،‏ وهم أدعياء التنوير الذين لا يعرف عنهم حرص علي الدين أو التزام بأحكام أو دعوة إلي تقوي الله عز وجل‏..‏ ويريدون أن يضعوا العلماء في قفص الاتهام ومتاهات الجدل الشيطاني‏،‏ فيخرجون علينا كل يوم بدعوي جديدة‏، لا يبتغون في إثارتها وجه الله عز وجل أو الحرص علي تطبيق أحكام الإسلام‏،‏ وإنما يريدون تحطيم عري الدين عروة عروة‏..‏

فيوما يطعنون في السنة‏،‏ ويوما يطعنون في الحدود الشرعية‏،‏ ويوما يرفضون أحكاما دينية‏،‏ ويوما يصدرون ن فتاوي جاهلية‏..‏ وهكذا وليعلم هؤلاء أن الكتابة الدينية لا يجوز أن تكون ترفا عقليا،‏ ولا يمكن اعتبارها فنا تكمل به الدائرة لدي الكاتب وكفي‏،‏ ولا تقبل أن تكون طعنا في الدين‏..‏

إن الكتابة الدينية ترجمة صادقة وأمينة لعقيدة الكاتب وسلوكه ومشاعره،‏ ومركز الدائرة فيها صفاء الفهم لكتاب الله وسنة رسوله صلي الله عليه وسلم مع الالتزام بضوابط الاجتهاد الشرعي وصولا إلي أن يعيش الناس بالحق في الاعتقاد،‏ والخير في السلوك‏.‏

_________

* أستاذ العقيدة بجامعة الأزهر الشريف . والمقال نقلاً عن جريدة الأهرام القاهرية

جزاك الله خير
جزانا واياكى اختى الفاضلة
بارك الله لكى حبيبتى أم مرام
فهذا الرجل رحمه الله
كان معتدلا وبعيدا عن التشدد
فلقد كان عالما من العلماء الأفاضل
شكرا لكى غاليتى
وفرج الله كربك وأعانك على محنتك
رحم الله شيخنا الجليل وجمعنا به فى أعلى جنان الخلد
اللهم اكشف كرب المكروبين وهم المهمومين يا رب…
بارك الله فيك حبيبتى وأسأل الله العلى القدير أن يعينك ويثبتك ويزيح عنك همك
بارك الله فيك حبيبتي…
وجزاك خيرا …..
أزاح الله همك… وفرج كربتك…
جزاكم الله خيرا على المرور و الدعوات الجميلة
لاكي
وجزاكى مثله ان شاء لله
وجزاكى مثله ان شاء لله

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.