فضيلة الشيخ رعاكم الله لقد قرأت هذا المضوع عن حكمة تحريم الذهب للرجال فأفتوني جزاكم الله خيراً..
وهذا هو الموضوع: (سبحان الله انظر الحكمة من تحريم الذهب على الرجال !!! لقد وجد إن كل المصابين بمرض الزهايمر (( الشيخوخة التي يفقد فيها الشخص كل المقدرات العقلية والجسدية ويعود كأنه طفل وهي ليست شيخوخة عادية وإنما شيخوخة مرضية)) عندهم نسبة عالية من الذهب في الدم والبول وهو ما يعرف بهجرة الذهب . وهجرة الذهب معروفة بالنسبة للفيزيائيين … حيث أن الذهب إذا لامس معدن آخر تتسلل أو تهاجر قليل من الذرات منه إلى العنصر الملامس له .. وطبعا هذا يحدث خلال فترة كبيرة . ولم يعرف أن ذرات الذهب تتسلل من خلال جلد الإنسان إلى الدم إلا حديثا . .. لاآله الا انت سبحانك يجدر هنا الإشارة إلى أن النساء لا تعاني من هذا الموضوع لأن أي ذرات مضرة تخرج شهريا من جسم المرأة ؟؟ !! سبحان الله .. ماحرم الله شي إلا وله سبب .. والحمد لله على نعمة الإسلام..)
وجزاكم الله خيراً وسدد على درب الخير خطاكم وخطانا..
جواب الشيخ عبد الرحمن السحيم
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
مُمكن أن يُستأنس به ، ولا يُعوّل عليه لولا ما يُعكِّر عليه من الحكمة من تحريم لبس واستعمال الذهب على الرجال .
فالحكمة منصوص عليها في حديث حذيفة رضي الله عنه وفي غيره .
قال عليه الصلاة والسلام : لا تَشْرَبُوا فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ ، وَلا تَلْبَسُوا الْحَرِيرَ وَالدِّيبَاجَ ؛ فَإِنَّهَا لَهُمْ فِي الدُّنْيَا ، وَلَكُمْ فِي الآخِرَةِ .
في رواية في الصحيحين : لا تشربوا في إناء الذهب والفضة ، ولا تلبسوا الديباج والحرير ..
وفي رواية تقديم وتأخير : لا تلبسوا الحرير ولا الديباج ، ولا تشربوا في آنية الذهب والفضة ..
وفي رواية النسائي : صحافهما .
وقد ورد الوعيد الشديد على مَن يشرب في آنية الفضة فقال عليه الصلاة والسلام : الذي يشرب في آنية الفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم . رواه البخاري ومسلم من حديث أم سلمة رضي الله عنها .
قال ابن قدامة رحمه الله : ولا خلاف بين أصحابنا في أن استعمال آنية الذهب والفضة حرام ، وهو مذهب أبي حنيفة ومالك والشافعي ، ولا أعلم فيه خلافا . اهـ .
وقال النووي رحمه الله : انعقد الإجماع على تحريم الأكل والشرب فيهما . اهـ .
قال ابن قدامة رحمه الله :
والعلة في تحريم الشرب فيها ما يتضمنه ذلك من الفخر والخيلاء وكسر قلوب الفقراء
وهو موجود في الطهارة منها واستعمالها كيفما كان بل إذا حرم في غير العبادة ففيها أولى . اهـ .
وقال ابن القيم رحمه الله :
قيل : علة التحريم تضييق النقود ، فإنها إذا اتخذت أواني فاتت الحكمة التي وُضعت لأجلها من قيام مصالح بنى آدم ، وقيل : العلة الفخر والخيلاء ، وقيل : العلة كسر قلوب الفقراء والمساكين إذا رأوها وعاينوها ، وهذه العلل فيها ما فيها ، فإن التعليل بتضييق النقود يمنع من التحلّي بها وجعلها سبائك ونحوها مما ليس بآنية ولا نقد ، والفخر والخيلاء حرام بأي شيء كان ، وكسر قلوب المساكين لا ضابط له ، فإن قلوبهم تنكسر بالدور الواسعة والحدائق المعجبة والمراكب الفارهة والملابس الفاخرة والأطعمة اللذيذة وغير ذلك من المباحات ، وكل هذه علل منتقضة إذ توجد العلة ويتخلف معلولها ، فالصواب أن العلة – والله أعلم – ما يكسب استعمالها القلب من الهيئة والحالة المنافية للعبودية منافاة ظاهرة ، ولهذا علل النبي صلى الله عليه وسلم بأنها للكفار في الدنيا ، إذ ليس لهم نصيب من العبودية التي ينالون بها في الآخرة نعيمها ، فلا يصلح استعمالها لعبيد الله في الدنيا ، وإنما يستعملها من خرج عن عبوديته ورضي بالدنيا وعاجلها من الآخرة . اهـ .
ولو كان تحريم الذهب لأجل ما ذُكِر في السؤال من أن الذهب يضرّ بالإنسان ويختلط بِدَمِه ؛ لَكَان الأمر لا يقتصر على الذهب بل يُجرى على الفضة وعلى الحرير أيضا .
ولَكَان يُؤمَر من استعمل الذهب أن يستعمل الفَصْد أو الحجامة ليذهب عنه ما يكون في دَمِه ، كما زعموا أنه يذهب عن المرأة بالحيض !
ولو قيل بأن إباحة استعماله للمرأة من أجل أن جسم المرأة يُخرِج تلك الذرّات من خلال الدورة الشهرية ، لكان يُقال في شأن المرأة الحامل خِلاف ذلك ، أي لَمُنِعت من لبس الذهب ! لأن الحامل لا تحيض على الصحيح من أقوال أهل العلم ، ولَوَجب إجراء ذلك في حَقّ المرأة الكبيرة التي أيست من الحمل وانقطع عنها الحيض !
فكُلّ هذه الواردات والاعتراضات تُضعف القول بأن تحريم الذهب على الرجال من أجل ضرره على الدم ، وتبقى الحكمة المنصوص عليها أظهر وأوضح ، وهي أن استعمال الذهب والفضة والحرير من أجل أنها للكُفّار في الدنيا وللمؤمنين في الآخرة .