بيوت صاخبة وأخرى يسكنها الهدوء، أبناء ثائرون وآخرون معتكفون على صمتهم، آباء لجؤوا إلى العصا في تربية أبنائهم فتحوّل ذلك إلى وبال عليهم، وانقلبت البيوت إلى بركان ثائر لا يهدأ إلاّ بمزيد من ضربات العصا، لكنه سرعان ما يثور أكثر من ذي قبل.
ضرب الأبناء أسلوب يتبعه الكثير من الآباء في تربية أبنائهم؛ معتبرين ذلك الطريق الأفضل والأقصر للوصول إلى أبناء "جيدين"، لكنهم مع مضي السنين يكتشفون عظم الخطأ الذي ارتكبوه بهذا النوع من التربية التي انعكست نتائجها بشكل سلبي على كل أفراد المنزل. وحتى على التحصيل العلمي لدى الأطفال في المدارس.
هذا في وقت ترى فيه بعض وجهات النظر أن اللجوء إلى الضرب في بعض الأحيان يكون ضرورة مثل بعض الحالات التي يمارس فيها الطفل أفعالاً خاطئة، وهو مدرك أن ما يقوم به فعل خاطئ، وبالتالي فإن الترهيب في هذا الموقف يكون مطلوباً لتجنب موقف ربما يكون أخطر في المستقبل.
عناد وعدوانية
يرى الكثير من الباحثين والمختصين في المجال النفسي أن اعتماد الضرب وسيلة وحيدة في تربية الأبناء من شأنه أن ينتج في النهاية أطفالاً عنيدين وعدوانيين في نفس الوقت.
الكثير من الأطفال الذين يتعرضون للضرب يحاولون ممارسة هذا السلوك على من هم أصغر منهم داخل المنزل، كما أن عادة ضرب الأبناء تعمل على إيجاد جو متوتر داخل المنزل".
أن استمرار ضرب الأبناء على كل صغيرة وكبيرة يؤثر في النهاية على سلوكهم وتصرفاتهم، وأضاف: "كما أثبتت الدراسة أن هذا النوع من الأطفال
انخفض أداؤهم التعليمي بشكل كبير جداً بفعل ما يتعرضون له من ضرب متواصل".
انخفض أداؤهم التعليمي بشكل كبير جداً بفعل ما يتعرضون له من ضرب متواصل".
شخصية ضعيفة
أن ضرب الأبناء بشكل مستمر بهدف تربيتهم ينتج في النهاية أبناء ذي شخصية ضعيفة، وغير قادرة على التعامل مع المجتمع، كما أنهم لن يكونوا قادرين على اتخاذ قرارات بمفردهم، وستكون حياتهم أشبه بالمعقدة.
هذا بالإضافة إلى أن هؤلاء الأبناء قد يتحولون في مرحلة ما إلى أشخاص لا مبالين، فربما يلجأ الأب إلى ضربهم بهدف تربيتهم، لكن مع تكرار الضرب تنقلب الأمور على حالها، ويصبح الطفل لا مبالياً، وهو يدرك أن أي خطأ سيقوم به ستكون نتيجته الضرب بالعصا أو بغيرها، وينتهي الأمر، ويكون الطفل قد اعتاد على ذلك".
الثواب والعقاب
ويرى الباحثون أن الكثير من الآباء يهتمون بالعقاب، وينسون الثواب أو يتناسونه إن الآباء يلجؤون إلى معاقبة أبنائهم لأنهم قاموا بأفعال خاطئة، لكنهم لا يكافئونهم إذا قاموا بأفعال أو تصرفات إيجابية.
وفي بعض الأحيان يعتقد الأبناء أن التصرفات الإيجابية التي قاموا بها غير هامة؛ لأنهم لم يُثابوا عليها من الآباء، وربما تعتقد فئة أخرى من الأبناء أن ما قاموا به من تصرفات إيجابية يدخل في إطار الخطأ البسيط الذي لا يُعاقب عليه بالضرب".
واؤكد على ضرورة تنمية التصرفات الإيجابية من خلال المكافأة على تلك التصرفات وعدم اللجوء إلى العقاب وحده كوسيلة لتربية الأبناء.
أن هناك الكثير من الطرق التي يمكن أن يعاقب بها الآباء أبناءهم بعيداً عن الضرب والعصا مثل: منع المصروف اليومي عنهم لفترة محددة، أو إلغاء زيارة كانت مفترضة أو اعتاد الأبناء عليها إلى المتنزه أو حديقة الحيوان، أو الجلوس على كرسي لمدة مثلاً عشر دقائق دون السماح له بالحركة، الغضب منه، وحرمانه من مشاهدة برنامج محبب لديه، وهناك طرق كثيرة عدا الضرب.
أحيانا نلجأ إلى ضرب الأبناء بهدف منع بعض التصرفات والأخطاء، لكننا لا ندرك أننا نساهم في ظهور سلوكيات وآثار أكثر خطورة من تلك التصرفات التي كانوا يقومون بها".
إصابة بالاكتئاب
هناك دراسة أظهرت أن الأطفال الذين يتعرضون لإيذاء بدني أو إهمال تزيد لديهم احتمالات التعرض لاكتئاب شديد في مرحلة البلوغ.
وقالت الدراسة: إن الأطفال الذين تعرضوا لإيذاء بدني تزيد لديهم مخاطر الإصابة باكتئاب خطير على مدى حياتهم بنسبة 59%مقارنة مع نظرائهم من الأطفال الذين لم يتعرضوا لهذه الإساءة.
ووجدت الدراسة أن الأطفال الذين تعرضوا لإيذاء بدني أو إهمال أو الاثنين معاً كانت لديهم احتمالات أكبر للتعرض لاكتئاب شديد بعد البلوغ. وقال التقرير: "إضافة إلى ذلك فإن هذه النتائج تكشف عن أن الاكتئاب بدأ في مرحلة الطفولة عند الكثير من الأطفال