تخطى إلى المحتوى

القرآن الكريم وحسن الاستماع **** 2024.

لاكي

القرآن الكريم وحسن الاستماع

لقد انزل الله القرآن الكريم هدى وحمة، وانزله نورا فالحمد لله الذي
أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا كما قال مولانا عز وجل لينذر
رسول الله ويبشر ، والله إذ أكرمنا بهذا القرآن (كتاب أنزلناه مبارك
فاتبعوه واتقوا لعلكم ترحمون) الأنعام 155 ، فإنه جاء بالحق وجاء بآيات
مفصلات وجاء هداية وكتاب مبين، ومن خصائص هذا الكتاب العظيم كما يبين
الشيح يوسف القرضاوي في مؤلفه الثمين كيف نتعامل مع القرآن العظيم أنه:
كتاب إلهي وكتاب محفوظ وكتاب معجز وكتاب مبين ميسر وكتاب الدين كله
وكتاب الزمن كله وكتاب الإنسانية كلها.
ولأنه كتاب الانسانية كلها فهو كتاب الحياة كلها ولهذا جعله الله
هدى
للناس وللعالمين، وباعتباره دستور شامل فهو يخاطب القلب والوجدان
والروح ويخاطب العقل بل ويخاطب الكيان الانساني كله كما يسترسل الشيخ
القرضاوي بكل مقوماته وخصائصه وأبعاده.
إن القرآن يخاطب الضمير والوجدان كما يخاطب العقل كما يقول
عباس محمود العقاد فالعقل طريق الضمير الى الحقيقة والتفكير باب من
أبواب الهداية التي يتحقق بها الإيمان (كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم
تتفكرون) البقرة 219.

القرآن وطالب الحقيقة والروح
إن القرآن المجيد يتعامل مع طالب الحقيقة العقلية حيث يجد ما
يرضي منطقه، فينظر ويتفكر في آلاء الله وفي الملكوت والخلق ، والقرآن إذ
يخاطب العقل فإنه يهيب به أن يرفض الظن والتقليد واتباع الهوى ، وفيه
من الاهتمام بالعقل ما جعل مشتقاته مثل يعقلون ترد 58 مرة ومشتقات الفكر
17 مرة والألباب أي العقول 16 مرة وغيرها من الآيات التي اشتملت على
النظر والاعتبار والتدبر والحجة والبرهان والنهى والحكمة والعلم..الخ،
مما يشفي غليل طلاب الحقيقة العقلية وثانيا فهو يشبع الاتجاهات الروحانية
وثالثا يبهر الحريص على القيم الأخلاقية
(وافعلوا الخير لعلكم تفلحون) الحج 77 وبقول (ولتكن منكم أمة يدعون الى
الخير) آل عمران 104، ورابعا يشبع القرآن عاشق القيم الجمالية (ولقد
زينا السماء الدنيا بمصابيح) الملك 5، (وصوركم فأحسن صوركم) التغابن3،
ووراء ذلك ما احتواه القرآن ذاته من جمال بياني معجز في نظمه ومعناه
وفي شكله ومضمونه.
إن القرآن يدعو فيما يدعو إليه لتحرير الإنسان والأخوة والمساواة
الإنسانية والى العدل بين جميع الناس، والى السلام العالمي، والتسامح.

التفكر والتدبر
ومن أولويات التفكر أن نحسن التواصل بيننا، أي بين الإنسان وذاته
وبينه والله وبينه وصحبه وبينه والآخرين ضمن جماعة أو الناس ما يطلق عليه
التواصل أو الاتصالات والذي يعتبر الاستماع أو الإصغاء وحسن الاستماع من
أبرز مهاراته، والتي نجد في القرآن الكريم الكثير مما يمكن أن نحتج به
وندرسه ونتأمله ونتدبره.
إن الاتصالات علاقة ثنائية بين طرفين يتشاركان حوارا أو نظرا أو حديثا أو
استماعا ..الخ،ويبغيان توصيل رسالة لتحقيق الاستجابة ومن أهم شروط حسن
التواصل هذا الذي يشغل فيه الانسان جل وقته بما نسبته 90% هو حسن
الاستماع ما يمكن أن نستدل عليه من أفكار وكتب ودراسات عدة ، وبالأصل من
القرآن الكريم.
إن التفكر في البدء نظر العقل في الدليل والتدبر نظر في العواقب
ونحن في تواصلنا نستخدم هذين المفهومين كما نستخدم التأثير والتأثر
والتفهم، وفي زاوية حسن الفهم كمدخل لحسن التواصل ولإبقاء الأذن في حالة
نشطة من الإصغاء فإن الإمام الغزالي يطرح ضمن آليات التدبر للقرآن ( حيث
يسبق التدبر كما يورد فهم أصل الكلام، ثم حضور القلب، ثم التدبر)
التخلي عن ما يطلق عليه (موانع الفهم) ما نريد الأخذ منه في عموم مفهوم
الاتصال ، أي نقتبس من مفهومه مع التعديل والتصرف

موانع الفهم:
لا شك أن الفهم للكلام أو مضامين الاتصال هو من ضرورات حسن التواصل
وبلا فهم فلا توصيل يأخذ مجراه ، ولا حقيقة تصل العقل، ولهذا الغرض فإن
التخلص من موانع الفهم يعتبر من أساسيات الإقبال على المخاطب أو المتحدث
وحسن الاستماع:
1-انصراف الفهم للقالب اللغوي دون النظر بالمعاني: فكثيرا ما نصادف في
حياتنا من يدقق في الكلمات- بعلم أو دون علم- ويحاول أن يتحين السقطات،
أو يلغي ما قد يفهمه ليجر الحديث نحو الكلمات وإن لم يكن صاحبها ماذهب
إليه الآخر من تفسير أو تأويل، فقد نجد كلمات لها أكثر من معنى، أو شخص
لا يحسن استخدام الكلمات في مواضعها الصحيحة، أو شخص بقصد خيرا فيما
يقول ضمن طائفة أو قومية وتفهم بشكل مغاير ضمن أخرى، وربما يتعمد الشخص
الآخر فهم ما يعلم أنه غير المقصود عنادا ورغبة في إثارة المشاكل. وكل
ذلك في سياق ما قد نفهمه من مقصد انصراف الفهم للحروف لا المعاني.
2-التعصب لمذهب في التفكير أو اللجوء للتقليد دون الأخذ بالرأي: ومذاهب
التفكير في السياسة على سبيل المثال منها التاريخي الذي يتعاطى مع
الأمور في سياق استحضار التاريخ أو القضائي الذي يرى الأمور خيرا مطلقا
أو شرا مطلقا فيقوم بتصنيف الناس إلى فئتين فقط من معي ومن ضدي، ويقوم
بتلقيب الآخرين بما يشاء من الصفات لمجرد المخالفة، ومنها الفلسفي الذي
يتعمق بالأشياء إلى درجة التعقيد، ويربط كل صغيرة وكبيرة بالله والطبيعة
والخلق والرسالة والمذهب السياسي الرابع هو السياسي الواقعي الذي
يتعامل مع الأشياء بمنطق النظر في العوامل والمتغيرات، النظر في الأحداث،
في التقاطعات في مجالات الإفادة وممرات تحقيق المصلحة، متى ينقض ومتى
يتراجع. وما يظهر لنا في هذا السياق صحة المنهج الواقعي البعيد عن
التعصب في المجال السياسي وصحة النظرة الفلسفية العقائدية في أصول
الأشياء والتعبئة العقدية بعيدة المدى وصحة النظرة الفلسفية لتحقيق
الإيمان وصحة النظرة القضائية حين الفصل بين الناس في معسكرين ، بين
أهلنا وبين الأعداء.
3- التكبر والهوى: ما يؤدي لظلمة القلب وصدئه وعماه، فلا يرى المتكبر إلا
ذاته ولا يرى إلا رأيه ، يستخف بالآخرين ويعتقد بنفسه الفهيم الأوحد أو
لمجرد إرضاء شهواته فإنه لا يأبه للفهم والتبصر والنظر في عواقب الأمور،
ولمن يمن الله عليه بفتح مغاليق القلب والحجب اشترط أن يكون من ذوي
الألباب المنيب حيث قال (وما يتذكر إلا من ينيب) غافر13 .
4-الاعتماد على التقليد أو النقل من الآخرين: بحيث قد يضع الشخص ثقة برأي
أو شخص ويثبط من فعالية عقله ويترك لمكونات رأي الآخر تتحكم به، ورغم
أهمية الإقتداء والنموذج ن فإنه من المهم أ ن يكون للإنسان رأي، وألا تكون
كل آرائه اعتمادا مطلقا على الآخرين أو الآخر فيكون من الأخسرين.

أصول الاستماع

في القرآن كثيرا ما ارتبط مفهومي الاستماع والإصغاء مع التفريق
بينهما ففي حين يعني الاستماع عملية بيولوجية حسية تفترض دخول الصوت الى
الأذن أي الاحساس بالصوت إثر الانتباه إليه ، منطلقا لحصول الإدراك أي
القدرة على التفسير. فإن الاحساس إذن يدخل الصوت فيحصل الاستماع وحسن
الاستماع هنا مرحلة مؤسسة للإدراك والتفسير ، بمعنى أن الانصات أو الإصغاء
بمعنى حسن الاستماع أو بمعنى السكوت مع الاستماع يساعد العقل على التدبر
والقلب على التأثر، وكلاهما يحققات حسن الإدراك، او بمصطلح الشيخ يوسف
القرضاوي يساعد الإرادة على التوجه. (وإذا قريء القرآن فاستمعوا له
وأنصتوا، لعلكم ترحمون) الأعراف 204 .
وفي الآيات من 29-31 من سورة الأحقاف حول استماع الجن نمر بالمراحل
الثلاثة الهامة التالية ( الاستماع-الانصات-الاستجابة).
إن الصمت أو السكوت عن الكلام هو المقدمة الازمة للاستماع ، وربما
حتى السكوت عن مجرى الفكر في الذهن الذي يحد من حسن الاستماع، فمجرى
الأحاديث الذاتية تلك التي يتداولها الانسان مع نفسه منصرفا عن الواقع
الحسي تعد من معوقات حسن الانصات، بنفس القدر الذي تفعله الكلمات
المنطوقة حين تحدث الآخرين حيث ينصرف الذهن لذاته أو للتفكر فيما يقول
دون الالتفات للمثير الحسي وليكن هنا الاستماع لخطاب الآخر، يقول تعالى
(وإذا صرفنا إليك نفرا من الجن يستمعون القرآن، فلما حضروه قالوا
انصتوا فلما قضي ولوا الى قومهم منذرين)الأحقاف 29، لقد قالوا انصتوا أي
اسكتوا وأصيخوا السمع، وهم قبل ذلك ليحسنوا الاستماع كانوا متوجهين بقصد
أن يكون بحضرة القرآن ، لذلك فإن حسن الاستماع يكون1- بالسكوت عن الكلام2-
وإغلاق الإرسال الذهني الداخلي والخارجي (الانصات)، 3-وبرغبة محققة 4-
واستعداد مسبق( فلما حضروه) ما يليه الاستجابة (فلما قضي ولوا الى قومهم
منذرين) لقد حققت عملية الاتصال هدفها بتحقق الاستجابة في اتجاه الانذار،
لأنهم ذهبوا يتصلون بقومهم قائلين بأنهم سمعوا كتابا يهدي الى الحق
وبالطبع هم استجابوا له وأخذوا يدعون قومهم للستجابة (يا قومنا أجيبوا
داعي الله، وآمنوا به يغفر لكم…..) الأحقاف 31 .
إن للاستماع بمعنى السكوت والإصغاء لغرص الاستجابة أو حسن الاستماع
والإصغاء من آدابه
1-أن يتوجه الانسان يكليته للمتحدث
2-إلا يقاطعه إلا وفق نظام الجلسة
3-ألا يشغله عن الاستماع عارض داخلي أو وشوشة أو مثيرات خارجية
4-ألا يحرف الكلم متعمدا
5-أن يستمع بعقله وبقصد الاستفادة
6-أن ينتقد ما لا يراه صحيحا أو يختلف مع وجهة نظره ولكن بأصول وحسن جواب
7-ألا يكون محملا بأفكار مسبقة جامدة لا يرضى تغيرها ، ومنها الإعراض (
فأعرض أكثرهم فهم لا يسمعون) فصلت4، حيث الإعراض بإشاحة الوجه وعدم
التقبل خشية من الـاثر والتغيير..
8-ألا يكون محرك الشخص العناد والرفض غير المبرر (مثلا لمجرد أن القائل
فلان، أو أنه يتحدث في الموضوع الفلاني..) (ومنهم من يستمع إليك وجعلنا
على قلوبهم أكنة…) الأنعام25 ، ( وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين
الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا، وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه
وفي آذانهم وقرا….) الإسراء45-46، ففي حالة العناد والقلب المغلق أذن
صماء فلا فقه ولا تدبر بل مكابرة ورفض. والقضية هنا نفسية حيث تتفاعل
عوامل البغض والخوف العناد والنفور مع إغلاق باب القلوب بأقفال تمنع
الاستماع ، فيصبح حضور الشخص للجلسة أو الحديث أو الاتصال حضور جسد دون
روح.
إنهم يسمعون الأصوات فالسمع كما قلنا عملية بيولوجية قائمة متى ما
كان الانتباه على المصدر قائما ولكنها تتحسن متى ما ارتبطت بالسكوت
والتوجه الكلي فيتحقق حسن الاستماع أو الإصغاء أما إذا لم يخالط كل ذلك
رغبة في التغيير والاستجابة فإن العملية الاتصالية تبقى منفوصة مما
نستدله دوما عبر الكتاب العظيم.
منقول لإفادة

اللهم اجعلنا ممن يستمعون القول و يتبعونه

بارك الله فيكي اختي ايمان

موضوع قيّم..
كم نحن بحاجة لمثل هذه المقالات والمفاهيم المستنبطة من وحي قرآننا الكريم في زمن قلّ فيه حُسن الاستماع وحُسن الحوار..

بارك الله فيكِ أختي الكريم وأحسن إليكِ..

لاكي كتبت بواسطة ريحانة القدس لاكي
اللهم اجعلنا ممن يستمعون القول و يتبعونه

بارك الله فيكي اختي ايمان

اللهم أأأأأأمين اختي ريري

لاكي كتبت بواسطة ..الغدير.. لاكي
موضوع قيّم..
كم نحن بحاجة لمثل هذه المقالات والمفاهيم المستنبطة من وحي قرآننا الكريم في زمن قلّ فيه حُسن الاستماع وحُسن الحوار..

بارك الله فيكِ أختي الكريم وأحسن إليكِ..

اي والله اختي الدنيا شاغلة عقولنا ربنا يهدينا ويهدي الامة الاسلامية يارب
ولازم نبذل جهد اكبر لإستماع للقران الكريم والتركيز على ما نسمعه
بارك الله فيك وفيا اختي

بارك الله فيك اختي
شكرا لك على الموضوع القيم
الله يجعله في ميزان حسناتك
اللهم اجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه
جزاك الله خيرا
جزاكِ الله خيراً على هذا النقل القيم و المهم جدا في عصرنا هذا ..

انصراف الفهم للقالب اللغوي دون النظر بالمعاني:
فكثيرا ما نصادف في حياتنا من يدقق في الكلمات- بعلم أو دون علم- ويحاول أن يتحين السقطات،
أو يلغي ما قد يفهمه ليجر الحديث نحو الكلمات وإن لم يكن صاحبها ماذهب إليه الآخر من تفسير أو تأويل،

لكم كثر هذا و الله المستعان ..

جزاك الله خيرا
بارك الله فيكى اختى
بارك فيك غاليتي وجعله الله بميزان حسناتك اللهم اجعل القران الكريم ربيع قلوبنا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.