تخطى إلى المحتوى

الكلمة الطيبة وأثرها 2024.

الناس يتواصلون بأساليب وطرق عدة ومن أهم هذه الأساليب الكلام والأحاديث، وهذه الأحاديث تأخذ أشكال عدة ومتنوعة تبعاً على الطريقة التي تعود عليها الشخص وثقافته والبيئة التي نشأ فيها، فهناك الكلام الجاف ولا يُقصد به التجريح أو عمداً من قبل البعض بل هذه الطريقة التي تعود عليها، ربما يسمعه شخص ما ويظن به الكثير من الظنون، ولكن هذه الطريقة التي تعود عليها.

ولكن للكلمة سحراً معنى قد تُدخل السرور في الطرف المقابل وقد تُجلب النفور إليه، ولأهمية الكلمة نجد الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام قد اهتم بها اهتماماً عظيماً وهذا دليل على عظم هذا الدين الذي يحرص على كل ما من شأنه توثيق العلاقات بين البشر فنجده عليه الصلاة والسلام يقول { اتقوا النار ولو بشق تمرة فمن لم يجدوا فبكلمة طيبة } وفي موضعٍ آخر يقول عليه الصلاة والسلام { من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه ، من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذي جاره ، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فيقل خيراً أو ليصمت } ذلك إذا لم يجد المسلم ما يقوله من خير فلزومه الصمت خير وأبقى له حتى لا يُنفر الآخرين منه الأمر الذي يؤدي إلى التنافر والتشاحن وهذا ما يرفضه الإسلام.

بل حتى على الدعاة الذين يدعون الناس إلى الإسلام عليهم واجب تجاه دينهم لأنهم الواجهة لكل من يريد الدخول إلى الدين الحنيف، وليس ذلك فقط بل حتى عامة الناس عليهم أن يتنبهوا إلى كل كلمة تصدر منهم لأنها قد تكون محسوبة عليهم وقد يسمعها من لا يفقه في الإسلام شيء ويظن أن هذا الأسلوب هو الأسلوب الأمثل في الإسلام ونكون بذلك أسأنا لديننا بسبب سوء الكلمات التي قد تصدر منا ونحن لا نشعر.

إذاً فحريٌ بنا أن نمتثل بالرسول الكريم عليه الصلاة والسلام من حيث لين الكلام وعظمة الخلق كيف لا وقد شهد له ربه عز وجل بذلك حيث قال { وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ } القلم ـ 4 لكل الدعاة ولعامة الناس فلنستمع بماذا أمر الله عز وجل نبيه موسى عليه السلام عندما أرسله إلى فرعون حيث قال جل شأنه { اذْهَبْ أَنتَ وَأَخُوكَ بِآيَاتِي وَلَا تَنِيَا فِي ذِكْرِي ** اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى ** فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى } طه ـ 42،43،44 وما ذلك إلا لما تُمثله الكلمة الطيبة في إيصال المضمون إلى الطرف الآخر خصوصاً إذا كان الأمر يتعلق بنشر الدين فبالرغم من طغيان فرعون واستكباره وكفره الصريح إلا أننا نجد أن القول اللين هو الأمثل.

ربما يدعي البعض ويقول إن القول اللين لم ينفع مع فرعون !

فنقول هنا تبياناً للأمر حتى لا يحدث لبس عند البعض ،، إن القول اللين هو الأصل وليس لأن فرعون لم يمتثل لأمر ربه وجب تغير الطريقة ، لا لا لا ، ذلك إذا لم يمتثل فرعون فهناك الكثير والكثير ممن امتثلوا أمر ربهم بكلمة طيبة خرجت من قائلها وقد لا يشعر قائل هذه الكلمة ولكن عملت تأثيرها العجيب والطيب.

ذاك الأعرابي الذي دخل مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وبال في جانب من المسجد فقام الصحابة بزجره ، فما كان من الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام إلا أن قال {دعوه ثم أمر بدلو من الماء ليهريق على البول ثم قال لهذا الإعرابي وقد ارتكب إثماً كبيراً حيث قال له ـ إن هذه البيوت لم تُبنى لذلك وإنما بُنيت لعبادة الله فيها ، فمكان من هذا الصحابي إلا أن أسلم }.

وفي المقابل أن الكلمة السيئة مؤاخذ عليها الإنسان بل ربما يدخل النار بسبب كلمة صدرت منه كما يُمكن أن تُدخله كلمة طيبة الجنة ، حيث قال عليه الصلاة والسلام { رب كلمة من رضوان الله يصعد بها إلى الجنة ورب كلمة من سخط الله عليها يهوى بها في نار جهنم } أو كما قال عليه الصلاة والسلام ، وفي موضعٍ أخر { رب كلمة لا يُلقى لها بال يهوى بها في نار جهنم سبعين خريفاً } فلنحذر من كل كلمة تخرج من أفواهنا حتى لا تكون حجة علينا ، بل ينبغي أن نجعل من كل كلمة حجة لنا وذلك من خلال مراقبتنا لكلماتنا وأفعالنا لأن الأفعال قد تؤثر في الأقوال ولنتذكر قول الله عز وجل { …وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً …} البقرة ـ 83.

وفي موضعٍ آخر يقول جل ثناءه { وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوًّا مُّبِينًا } الإسراء ـ 53.

ذلك لأن الشيطان يضعف كيده أكثر فأكثر عندما يتخاطبون البشر بالقول الحسن ولا يستطيع أن ينزغ بينهم ، وتجده نشط زاد مكره عندما تكون لغة الحوار سيئة ولا شفقة بينهم ولا رحمة يتراحمون بها ، يقول الله عز وجل { مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ … } الفتح ـ 29. ولا يفهم من هذه الآية أن الرحمة والقول الطيب فيما بين المسلمين فقط لا بل حتى مع الكفار لا بد من القول اللين حتى يتقبلوا دعوتنا لهم للإسلام ولكن هذه الآية تتعلق بأولئك الكفار الذين يُحاولون الاعتداء على المسلمين إذ يجب أن يجدوا غلظة من المسلمين حتى لا تكون هناك شوكة على المسلمين من الكفار.

أما الكفار الذين لم يعتدوا على المسلمين وبينهم وبين المسلمين علاقة جيدة فالتعامل هنا معهم باللين أفيد لعلهم يجدون في الإسلام مأوى لهم بعد أن يعرفوا عظمة هذا الدين ويكفينا هنا قوله عز وجل { لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ } الممتحنة ـ 8.

رب كلمة تصدر منك أخي المسلم أختي المسلمة ولا يشعر بها أحد قد تكون هذه الكلمة ساهمت في دخول إنسان إلى الدين وقد تكون سبب في هداية عاصٍ، ألا فلنُحسن من كلامنا وننهج النهج النبوي الكريم.

بارك الله فيك
لاكي
بارك الله فيكم علي تشريفي بالمرور علي الموضوع

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.