]فإن الله تعالى جعل هذه العشر الأخيرة من شهر رمضان المبارك فرصة لمضاعفة من فاته شيء من الفضل و بمثابة مسك الختام للوداع ،
واختصها الله تعالى بليلة القدر ، تلك الليلة التي تعدل ثلاث وثمانين سنة وبضعة أشهر في تاريخ الإنسان .
[/CENTER]
وأخبر الله تعالى في الحديث القدسي خبراً يشنّف الأسماع حين قال :
( وما تقرّب إلى عبدي بأحب شيء مما افترضته عليه ، ولا يزال عبدي يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه) ( رواه البخاري )
وأخبر خبراً آخر فقال :
(من تقرّب إلى شبراً تقربت إليه ذراعاً ، ومن تقرّب إلىّ ذراعاً تقربت إليه باعاً ، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة ).
( رواه مسلم )..
تأمّلوا يارعاكم الله هذا الخبر الوجداني الكريم ، إن مساحة الأمل في رحاب الله تعالى أعظم من أن توصف !
إنها مساحة لا تشترط شرطاً معيناً على المقبل إليه ، فقط حين يصدق في إقباله فإن الله تعالى يمن عليه بالفضائل ..
ما أحوجني وإياكم اليوم في ظل هذه العشر وقبل الوداع أن نحسن الإقبال على الله تعالى ، وأن نستدرك أيام التفريط ، وأن نعوّض ما فات ..
[/CENTER
خصائص عشر الأواخر من رمضان
تأملْ أيها المسلم في ساعتك، وانظر إلى عقرب الساعة وهو يأكل الثواني أكلاً، لا يتوقف ولا ينثني، بل لا يزال يجري ويلتهم الساعات والثواني،
وتذكّرْ أن كل لحظة تمضي، وثانية تنقضي فإنما هي جزء من عمرك،
ومكتوبة في صحيفة حسناتك أو سيئاتك، فاتّق الله في نفسك، واحرص على شغل أوقاتك فيما يقربك إلى ربك،
ويكون سبباً لسعادتك وحسن عاقبتك، في دنياك وآخرتك..
وإذا كان قد ذهب من هذا الشهر أكثره، فقد بقي فيه أجلّه وأخيره، لقد بقي فيه العشر الأواخر التي هي زبدته وثمرته، وموضع الذؤابة منه..
– لقد كان صلى الله عليه وسلم يعظّم هذه العشر، ويجتهد فيها اجتهاداً حتى لا يكاد يقدر عليه،
يفعل ذلك – صلى الله عليه وسلم- وقد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخّر، فما أحرانا نحن المذنبين المفرّطين أن نقتدي به – صلى الله عليه وسلم-روى الإمام مسلم عن عائشة – رضي الله عنها- قالت:
"كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم- يجتهد في العشر الأواخر، ما لا يجتهد في غيره"..
وفي الصحيحين عنها قالت:
"كان النبي – صلى الله عليه وسلم- يخلط العشرين بصلاة ونوم، فإذا كان العشر شمَّر وشدّ المئزر"
ولنا في رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أسوة حسنة فقد كان إذا دخل العشر شدَّ مئزره، وأحيا ليله وأيقظ أهله..
وإيقاظه لأهله ليس خاصاً في هذه العشر، بل كان يوقظهم في سائر السنة، ولكن إيقاظهم لهم في هذه العشر كان أكثر وأوكد.
ومن خصائص هذه العشر..
– ما ذكرته عائشة رضي الله عنها من أن النبي – صلى الله عليه وسلم-
كان يحيي ليله، ويشدّ مئزره، أي يعتزل نساءه ليتفرغ للصلاة والعبادة..
– وكان النبي – صلى الله عليه وسلم- يحيي هذه العشر اغتناماً لفضلها وطلباً لليلة القدر التي هي خير من ألف شهر.
ومن خصائص هذه العشر..
[/
– أن فيها ليلة القدر، التي قال الله عنها:
(ليلة القدر خير من ألف شهر، تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر سلام هي حتى مطلع الفجر).
وقال فيها: (إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين، فيها يفرق كل أمر حكيم)
أي يفصل من اللوح المحفوظ إلى الملائكة الكاتبين كل ما هو كائن في تلك السنة من الأرزاق والآجال والخير والشر،
وغير ذلك من أوامر الله المحكمة العادلة.
فضل ليلة القدر
اشتملت سورة القدر على ست فضائل لهذه الليلة :
الفضيلة الأولى : أن الله أنزل القرآن فيها :
قال تعالى :{ إنا أنزلناه في ليلة القدر} .
وهذه الآية دليل على أربع فوائد :
1- فضل ليلة القدر .
2- فضل القرآن الكريم .
وذلك من وجهين :
الأول : أنه أسند إنزاله إليه سبحانه .
الثاني : أنه جاء بضميره دون اسمه لاشتهاره .
3- أنّ ليلة القدر في رمضان خلافا لمن زعم غير ذلك ، قال تعالى :
{ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ}
[البقرة :185] .
4- علوُّ الله تعالى ، فنزول الأشياء منه وصعودها إليه دليل على علوه على خلقه .
لماذا سُميت بليلة القدر ؟
الجواب : لما يكون فيها من التقدير ، قال تعالى :{ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ}
[الدخان:4] .
قال ابن كثير رحمه الله :" وقوله: {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ }
أي: في ليلة القدر يفصل من اللوح المحفوظ إلى الكتبة أمر السنة،
وما يكون فيها من الآجال والأرزاق، وما يكون فيها إلى آخرها.
وقيل في سبب تسميتها ايضاً بما يلي :
1- لأنها ذات قدْر وشرف .
2- من عبد الله فيها كان ذا قدر ، ومن لم يكن ذا قدر صار بقيامها ذا قدر.
3- القدر الضيق ؛ لأن الأرض تضيق بالملائكة .
4- نزل فيها كتاب ذو قد على أمة ذات قدر بواسطة ملك ذي قدر .
الفضيلة الثانية في قوله : {وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ}
قال الرازي رحمه الله :" يعني ولم تبلغ درايتك غاية فضلها، ومنتهى علو قدرها" .
الفضيلة الثالثة : {ليلة القدر خير من ألف شهر}
في المرسل عن مجاهد رحمه الله : أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر رجلا من بني إسرائيل لبس السلاح في سبيل الله ألف شهر ،
فعجب المسلمون من ذلك ، فأنزل الله عز وجل :
{إنا أنزلناه في ليلة القدر *وما أدراك ما ليلة القدر* ليلة القدر خير من ألف شهر} .
وفي بلاغات مالك رحمه الله : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أري أعمار الناس قبله أو ما شاء الله من ذلك ،
فكأنه تقاصر أعمار أمته أن لا يبلغوا من العمل الذي بلغ غيرهم في طول العمر ، فأعطاه الله ليلة القدر خيرا من ألف شهر.
انظر تفسير ابن كثير (4/533) .
والصواب في تأويل الآية :
أن العمل فيها خير من عبادة ألف شهر ليس فيها ليلة القدر ، والله ذو الفضل العظيم.
الفضيلة الرابعة : { تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ }
قال ابن كثير رحمه الله :
" أي يكثر تنزل الملائكة في هذه الليلة لكثرة بركتها ، والملائكة يتنزلون مع تنزل البركة والرحمة ، كما يتنزلون عند تلاوة القرآن ،
ويحيطون بحلق الذكر ، ويضعون أجنحتهم لطالب العلم بصدق؛
تعظيما له ، وأما الروح فقيل المراد به ها هنا جبريل عليه السلام ،
فيكون من باب عطف الخاص على العام "
[تفسير ابن كثير (4/532)] .
الفضيلة الخامسة : { سلام هي حتى مطلع الفجر }
أي سالمة من الشرور ، فلا يكون فيها شيء من ذلك كما قال قتادة وغيره من السلف .
وقت هذه الليلة
ثبت في السنة ما يدل على أنها ليلة إحدى وعشرين ، وأنها ليلة ثلاث وعشرين، وخمس وعشرين، وسبع وعشرين، وتسع وعشرين، وآخر ليلة من رمضان ..
وثبت في الصحيح قول نبينا صلى الله عليه وسلم:
«تَحَرَّوْا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ» .
وهذا يدل على أنها متنقلة في العشر الأخيرة من رمضان كما يقول المحققون من أهل العلم .
.فعلى المسلم أن يجتهد في العشر كلها أكثر من غيرها كما كان يفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم.
علاماتها
ثبت في معجم الطبراني الكبير عَنْ وَاثِلَةَ بن الأَسْقَعِ رضي الله عنه، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ:
«لَيْلَةُ الْقَدْرِ بَلْجَةٌ، لا حَارَّةٌ وَلا بَارِدَةٌ، ، وَلا يُرْمَى فِيهَا بنجْمٍ، وَمِنْ عَلامَةِ يَوْمَهَا تَطْلُعُ الشَّمْسُ لا شُعَاعَ لَهَا».
. وزيادة :
« لا سحاب فيها ، و لا مطر ، و لا ريح»
[CENTER]
وظائف هذه الليلة
ست وظائف ينبغي أن يشغل المسلم بها ليالي العشر الأخيرة كلها ؛ طلباً لليلة القدر ، وهي :
1- القيام :
[CENTER]
لحديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
«مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»
[أخرجه البخاري] .
2- الدعاء :
لقول عائشة رضي الله عنها : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ عَلِمْتُ أَيُّ لَيْلَةٍ لَيْلَةُ الْقَدْرِ مَا أَقُولُ فِيهَا ؟ قَالَ :
«قُولِي : اللَّهُمَّ إِنَّكَ عُفُوٌّ كَرِيمٌ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي»
[الترمذي] .
3- المحافظة على الفرائض :
والمحافظة على الفرائض مطلوب في كل وقت، ولما كانت الفرائض أحب الأعمال إلى الله كانت المحافظة عليها في ليلة القدر من آكد الأعمال ،
قال الله تعالى في الحديث القدسي :
(وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ)
[البخاري] .
4- المحافظة على الصبح والعشاء في جماعة :
لحديث مسلم الذي حدث به عثمان بن عفان رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:
« مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا قَامَ نِصْفَ اللَّيْلِ ، وَمَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا صَلَّى اللَّيْلَ كُلَّهُ» .
5- الاجتهاد في العبادة :
فعن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ :
"كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ شَدَّ مِئْزَرَهُ ، وَأَحْيَا لَيْلَهُ ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ"
[البخاري ومسلم] ،
وفي رواية لمسلم : "وجدَّ".
قولها : "شد مئزره" فيه تفسيران :
الأول : قيل : اعتزل نساءه .
قال الأول :
قوم إذا حاربوا شدوا مآزرهم عن النساء ولو باتت بأطهار
الثاني : اجتهد في عبادته فوق عادته .
وهو الصحيح ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف كل رمضان في العشر الأخيرة، ومعلوم أنّ المعتكف لا يقرب نساءه، قال تعالى :
{وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ}
[البقرة: 187] ،
فما فائدة الإخبار بذلك؟ فيكون المراد الثاني ، والعلم عند الله تعالى.
وأحيا ليله : استغرقه في السهر للعبادة .
وعنها رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أنها قالت : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْتَهِدُ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مَا لَا يَجْتَهِدُ فِي غَيْرِهِ
[مسلم] .
قال العلماء : كان صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك ؛ طلباً لليلة القدر .
6- الاعتكاف :
وبه يتمكن الإنسان من التشمير عن ساعد الجد في طاعة الله ، ولذا
"كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْتَكِفُ فِي كُلِّ رَمَضَانٍ"
كما قالت عائشة رضي الله عنها
في صحيح البخاري .
ويجنبها سخطك وكنفها يا رب برحمتك وارزقها من حيث لا تحتسب ويسر لها آمر طاعتك
واعصمها من معصيتك
اللهم امحو عنها الزله واقل العثرة وبدل السيئة حسنه
واجعل كل ذنب لها مغفور واسكنها عامرات القصور ودار سيدات الحور
وأكرمها بروية وجهك يا عزيز يا غفور
وجميع المسلمين
اللهم آآآميييين
نسال الله الكريم ان يبلغنا ليلة القدرو ويعيننا على إقامتها والفائزين بها(اللهم آمين)
بوركتم جميعا
امين يارب العالمين انا وجميع المسلمين
ولك مثله اختى ام العنود
لاتنسونى من الدعاء
امين يارب العالمين انا وجميع المسلمين
ولك مثله اختى ام العنود
لاتنسونى من الدعاء
بارك الله فيك اختي الفاضلة
جعله الله في ميزان حسناتك
أسأل الله أن يرضى عنك فليس بعد رضاه إلا الجنة