كنت أبحث عن شيئ ما , لكني لا أعلم ما هو , ذاك الفراغ العجيب هو سبب بحثي , أعلم اني سأراه ,أتلمسه ولكن هناك ما يمنعني , دائماً معي
يتمسك بي يحاول زرع الخوف بداخلي , إنه الخوف من السقوط وهنا ومرة اخرى وأنا شارد افكر وإذ بي يا إلهي ! .
أنظر للأعلى ومن حولي وأنا ملقى على الأرض ثانية .
لا أقوى على النهوض، وإذ بالعواصف تهب من شمالي وسيول من حولي وأمطار تهطل من فوقي و زلازل تزعزع الأرض من تحتي.
كل هذا وأنا لم أكن أقوى على الحراك وكأن السقطة كانت أقوى من كل قوى الطبيعة في غضبها.
فجأة حل هدوء تدريجي، فنهضت بنصفي الى الأعلى جالساً على بقعة الأرض التي سقطتُ عندها لأرى …لا لا …. أنا لا أرى، أسمع … لا أيضاً لا أسمع، أشعر … لعلي بالفعل أشعر، ولكنه شيئ أعمق من الشعور.
أشعر وكأن نسيماً عليلاً آتياً من بعيد، ,آخذاً في الاقتراب، وبدا هذا النسيم وكأنه إنسان، أجمل من كل البشر الذين رأيتهم من قبل، في الحقيقة أنا لم أره بعد، لكنه أجملهم , هكذا بدا لي حسب تخيلاتي .
بدأت تتكلم بكلمات لا تستطيع أذني أن تسمعها،القلب يسمع فقط وهو من أدركها.
إنها نسمة بالطبع ! وإذ بها تهمس لي .
النسمة: لماذا أنت مطروح على الأرض هكذا ؟
أنا : ترددت عن الإجابة لبرهة , ولكن جمالها الذي لم أراه بعيني وعذوبة صوتها التي لم أسمعه بأذني ، دفعتاني للإجابة لأواصل الحديث معها): لقد سقطت !!!! .
النسمة (وهي تمد يدها نحوي): فلتقم إذن .
أنا (أجبتها دون أن أمد يدي): لا أقوى على النهوض، لعلى أيضاّ أخشى النهوض خوفاً من السقوط ثانيةً !!.
النسمة (ويدها مازالت ممدودة): لا تخف ، ثق بي .لا تتردد !
رغم أنه كان وكأنه لقائنا الأول لكني كنت أشعر بثقة غريبة في كلماتها، فمددت يدي نحوها وشعرت وكأن فيض من الحياة يغمرني ويملئ كياني كله، شعرت بقوة جديدة لم أختبرها من قبل ووجدت نفسي وكأني ولدت من جديد، كأني إنسان أكبر، أو بالأحرى أقوى،وأكثر حياة وحباً من ماكنتُ عليه من قبل .
أنا: أني أشعر بشيء غريب يغمرني، كأنها قوة لم أعتدها من قبل ، لكني لازلت أخشى السقوط !!.
النسمة: لا تخف، أنت أقوى من أن تسقط .
أمنت بكلماتها وشعرت فعلاً بتلك القوة التي جعلتني أواصل المسير دون خوف من هذا السقوط . واستمرت الحياة وبدأت أشعر أحياناً بالضعف وأحياناً أخرى بالقوة، كنت أتردد كثيراً الى ذاك المكان حيث سقطت وكدتُ أسقط ولكن خوفي من السقوط مرة ثانية، وخوفي من أن تراني هذه النسمة ثانية وأنا ضعيف كان يمنعني من السقوط .
و في أحدى المرات وبدون أن أدرك أو بإدراكي لا أعلم ! كانت لحظة مثل تلك اللحظات التي تشعر وكأنك نسيت كل ما عرفته من قبل.
ها أنا الآن قد وقعتُ في نفس المكان الذي التقيت فيه بتلك النسمة الغريبة .
سقوطي !!!!!! كان بإرادتي هذه المرة عكس المرات السابقة , خطوت وأنا أعلم أني سوف أسقط ، في ذات الوقت لم أستطع منع نفسي من أن أخطو نحو الأمام .
وتكررت كل الأعاصير والسيول والزلازل. ولم يكن كل هذا ليحركني و كل ما كنت أخشاه أن تأتي تلك النسمة ثانية، كنت أخشى أن تراني هكذا، كنت أخشى أن أعلن لها عن فشلي وضعفي، كنت أخشى رقتها، أكثر من عنفها كنت أشعر كأني ضئيل جداً وأحتقر نظراتي إلى ذاتي، كنت أنظر بعيداً حتى لا أرى نفسي !.وبنفس الوقت هناك شعور اغرب ما تتوقعه , اريد ان اسمعها !
ما كنتُ أخشاه حدث ، وشعرت ذات الشعور الذي مررت به من قبل عندما بدأت النسمة تهب ، وتجسد أمامي أو لعلها بداخلي بذات الصورة التي تجسدت فيها من قبل، تلك الصورة التي لم أراها بعيني، ولكن هيأتها تلك هذه المرة بدا عليها أشياء غريبة أمور لم أتعود عليها من قبل (حنان ، عطف ، ورقة ) أعمق مما رأيته فيها من قبل كانت تبدو قوية في المرة السابقة نعمـ كانت وكأنها شبه قائد يحفز جنوده الى ساحات القتال .
ولكن بدت لي في هذه المرة وكأنها ملاك ….إنسانة …… أُمٌ بقلب حنون ومحبة . وبدأت أسمع تلك الكلمات التي لم أسمعها بأذني مرة اخرى ,تلك الهمسات الناعمة التي تَعبر صميم القلب .
النسمة : (وهي تقترب مني كإنها تريد أن تحتضنني): تبدو مجروحاً ومتألماً.
أنا (وكأني أردت أن أهرب من أن أخبرها عن سقوطي،ولكن محاولت الهرب هذه المرة تحول إلى غضب ولوم شديدين و كلمات قاسية): تتكلمين وكأنكِ لا تعرفين سر سقوطي، ألا يبدو علي أني سقطت في ذات البقعة ، ألم تقولي أني أقوى من أن أسقط ، لم أكن أعلم أنكِ تكذبين، لماذا اقمتيني لماذا حاولتي مساعدتي في المرة الماضية، لو لم تقيميني لكنت تجنبت آلام السقوط .
صمتت النسمة للحظات وبدا وكإنها تريد أن تبكي.
ثم قالت بصوت لا أستطيع وصفه بكلماتي هنا ولكن, لازال ذاك الرنين يهمس في قلبي بنفس الصوت: ……. أنت تحب
في تلك اللحظات حل صمت كصمت الصحراء ,لاهواء ولا رمال ولا السماء فيها حراك . بقيت هكذا للحظات، دقائق، أو ساعات لا أعلم … قالت لي :كنت ابحث عن هذا الشعور منذ زمن بعيد , كم كنت بحاجة الى هذا الهدوء …أنا بحاجة اليك ….هل ……؟
خرجت من ذلك المكان مثل إنسان نائم يستيقظ فاقد للوعي متغيب عن العالم يعود للحياة ثانية إنتابني شعورغريب لم أشعره من قبل.
منذ ذاك اليوم ’ لم أعد أخشى السقوط، لم يعد للسقوط سلطان علي، وحتى وأن سقطت، فأنا حر أمامه، لأن السقوط لم يعد يميتني مثلما أعتاد أن يميتني، وكأن شوكته أنكسرت، حتى أنه أصبح يفارقني كثيراً وصرت أشعر بقوة غير القوة التي اعتدتها، فهي ليست قوة محارب، بل بالأحرى قوة منتصر، قوة من لا يعبأ بجراح السقوط، قوة من يثق في حب من أحبه حتى يصل به إلى سدرة المنتهى .
bave Rama 22/8/2017
كل السطور التي سقطت
نهضت في اخرها وتحدت بفضل الامل
ولا احلى ولا اروع ولا اقوى من الامل بالله
وهذا الامل الجميل بالتأكيد سيغر كل المواقع المظلمة بمواقع يشع منها النور والخير
جزاك الله خيرا
يسعدني كثيراً أن أشكرك على هذا المرور وجزاكِ الله خيرا أُختي الفاضلة
دمتي بألف خير ورمضان كريم ,ينعاد علينا وعليكِ وعلى سائر أُمة محمد صلى الله عليه وسلم بالخير والسعادة
شكرا للمرور