تحت المجهر: إنصافاً لمجدد الدين محمد بن عبدالوهاب
بقلم : سعد فهد الحرمل
تحت المجهر: إنصافاً لمجدد الدين محمد بن عبدالوهاب
مع ازدياد حوادث الإرهاب المختلفة في شتى بقاع الأرض وجد بعض أعداء هذا الدين العظيم من خارجه وداخله ممن يتشدقون بالقومية والليبرالية وغيرهم من المبتدعة الآخرون الفرصة سانحة للتعرض لهذا الدين والصالح من أئمته لأهداف أخرى وضغائن وأحقاد في نفوسهم؛ فتجد بعضهم يلقي باللائمة على فئة معينة ويحصر أسباب التشدد والإرهاب بها ويجزيء الإسلام حسب ما يرى ويتماشى مع خرافاته وخزعبلاته وأفكاره المسمومة؛ ففي الآونة الأخيرة رأينا بعض الأقلام النتنة المأجورة تتعرض لبعض الأئمة والمشايخ مثل مجدد هذا الدين الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله وأسكنه فسيح جناته، ويلقون باللائمة عليه وكأنه هو من يدعم الإرهاب ويغسل أدمغة صغار الشباب ويلغمها، وهم بذلك لا يفرقون بين جماعة التكفير -خوارج العصر- ونهج السلف الصالح.
ومن الأمور المضحكة لمثل هؤلاء أن بعضهم عزا أسباب التشدد والإرهاب إلى ذلك الإسلام القادم من الصحراء – على حد زعمهم – ودعمته دول الخليج والمملكة العربية السعودية على وجه الخصوص، وباتوا يسمونه -إسلام الصحراء-: أي أن الإسلام حسب تعريفهم أنواع عدة، فهناك إسلام الصحراء وإسلام المدن متناسين بذلك أن الدين نزل على أشرف الخلق عليه أفضل الصلوات والتسليم في قلب الصحراء وانطلق منها ليصل إلى جميع أصقاع الأرض.
عودة للشيخ محمد بن عبدالوهاب وهو الإمام محمد بن عبدالوهاب بن سليمان بن علي التميمي الحنبلي النجدي ولد في عام -1115- هجرية رحمة الله عليه وتعلم على أبيه في بلدة العيينة مسقط رأسه وهي قرية في اليمامة في نجد شمال غرب مدينة الرياض، نشأ نشأة صالحة. وقرأ القرآن مبكراً واجتهد في الدراسة والتفقه على يد أبيه الشيخ عبدالوهاب بن سليمان وكان فقيهاً وعالماً قديراً وقاضياً في بلدة العيينة، وبعد بلوغ الحلم حج وقصد بيت الله الحرام، وأخذ عن بعض علماء الحرم الشريف، وهو في العقيدة على طريقة السلف الصالح يؤمن بالله وبأسمائه وصفاته، ويؤمن بملائكته ورسله وكتبه وباليوم الآخر وبالقدر خيره وشره، وهو على طريقة أئمة الإسلام في توحيد الله وإخلاص العبادة له، في الإيمان بأسماء الله وصفاته على الوجه اللائق بالله – سبحانه – لا يعطل صفات الله، ولا يشبه الله بخلقه، وفي الإيمان بالبعث والنشور والجزاء، والحساب والجنة والنار وغير ذلك.
ويقول في الإيمان ما قاله السلف إنه قول وعمل يزيد وينقص، يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية، كل هذا من عقيدته – رحمه الله – فهو على طريقتهم وعلى عقيدتهم قولاً وعملاً، لم يخرج عن طريقتهم البتة، وليس له في ذلك مذهب خاص، ولا طريقة خاصة، بل هو على طريق السلف الصالح من الصحابة وأتباعهم بإحسان.
وقد كتب عنه الكثير من المنصفين ووصفوه بأنه مصلح عظيم وأنه مجدد للإسلام ومن هؤلاء المؤلف الكبير أبوبكر الشيخ حسين بن غنام الإحسائي والشيخ الإمام عثمان بن بشر في كتابه -عنوان المجد- ومن خارج الجزيرة العربية الدكتور أحمد أمين في كتابه -زعماء الإصلاح-، فقد كتب عنه وأنصفه، ومنهم أيضاً الشيخ الكبير مسعود عالم الندوي والذي كتب عنه وسماه -المصلح المظلوم-، وآخرون مثل الشيخ الكبير الأمير محمد بن إسماعيل الصنعاني والكبير الشيخ محمد بن علي الشوكاني صاحب -نيل الأوطار- والذي رثاه بمرثية عظيمة وكثيرون غيرهم رحمهم الله جميعاً.
– ومن أهم أسباب قيام دعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب ما كان من انتشار الشرك الأكبر في نجد حتى عبدت القباب وعبدت الأشجار، والأحجار، وعبدت الغيران، وعبد من يدعي الولاية، وهو من المعتوهين، وعبد من دون الله أناس يدعون بالولاية، وهم مجانين مجاذيب لا عقول عندهم، كما اشتهر في نجد السحرة والكهنة، وسؤالهم وتصديقهم وليس هناك منكر إلا من شاء الله، وغلب على الناس الإقبال على الدنيا وشهواتها، وقل القائم لله والناصر لدينه وهكذا في الحرمين الشريفين وفي اليمن اشتهر في ذلك الشرك وبناء القباب على القبور، ودعاء الأولياء والاستغاثة بهم، وفي اليمن من ذلك الشيء الكثير، وفي بلدان نجد من ذلك ما لا يحصى، ما بين قبر وما بين غار، وبين شجرة وبين مجذوب ومجنون يدعى من دون الله ويستغاث به مع الله، وكذلك مما عرف في نجد واشتهر دعاء الجن والاستغاثة بهم وذبح الذبائح لهم وجعلها في الزوايا من البيوت رجاء نجدتهم، وخوف شرهم، فلما رأى الشيخ الإمام هذا الشرك وظهوره في الناس وعدم وجود منكر لذلك وقائم بالدعوة إلى الله في ذلك شمر عن ساعد الجد وصبر على الدعوة وعرف أنه لابد من جهاد، وصبر، وتحمل للأذى. فجد في التعليم والتوجيه وهو في العيينة فأخذ يكاتب العلماء ويذاكرهم فوافقه من وافقه من العلماء وخالفه آخرون ينقسمون إلى قسمين أما الأول فحجتهم أنهم وجدوا آباءهم على ذلك وحالهم هنا كحال الكفار حين دعاهم الرسول عليه الصلاة والسلام إلى الإسلام وترك عبادة الأصنام، وأما القسم الثاني فقد أخذتهم العزة بالإثم وخوفاً من أن يقول لهم عامة الناس: ما بالكم لم تنكروا علينا هذا الشيء من قبل؟ لماذا جاء ابن عبدالوهاب وصار على الحق وأنتم علماء ولم تنكروا هذا الباطل؟ فحسدوه وخجلوا من العامة وآثروا الدنيا على الآخرة والعياذ بالله.
ومن أمور الشرك التي أزالها الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله هو هدمه لقبة القبور التي جعلها الناس مزاراً يطوفون بها مثل قبر زيد بن الخطاب رضي الله عنه في العيينة والذي استشهد في الحرب على يد مسيلمة الكذاب وقبر السيدة خديجة رضي الله عنها في مكة بعد أن دخلها فاتحاً مع الأمير سعود بن عبدالعزيز رحمهما الله في العام 1218هـ.
– وعندما نحلل تلك الأسباب التي جعلت بعضهم يعادي الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله وأسكنه فسيح جناته نجدها تتلخص في ثلاثة أسباب: أولها أنه كان يدعو إلى إنكار الشرك والدعوة إلى التوحيد الخالص.
ثانياً: إنكاره للبدع والخرافات كالبناء على القبور واتخاذها مساجد ونحو ذلك كالموالد والطرق التي أحدثتها بعض طوائف المبتدعة والمتصوفة.
ثالثاً: أنه يأمر الناس بالمعروف، ويلزمهم به.
إذا فالإمام محمد بن عبدالوهاب لم يأت بدين أو عقيدة أو طريقة أو مذهب جديد خاص به، وإنما قام بالتصدي لبعض البدع والشوائب التي طرأت على الدين ونفضها عنه، أي لا يوجد هنالك ما يسمى بالوهابية كما يدعي بعض الجهّال، وإنما هو منهج السلف الصالح والفطرة السليمة ولا يجب الخلط بينه وبين الفكر التكفيري ومنهج الخوارج.
و السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيكِ