أعط الأرنب جزرًا لا تعطيه لحمًا:
أنت لو أعطيت الأرنب لحمًا فلن يأكله، ورغم أنك قد تصر على أن تعطيه لحمًا كل يوم، ربما مشويًّا وأحيانًا نيئًا وأخرى مسلوقًا، لكنه في كل مرة لا يأكله، هل تعرف ما السبب؟ إنه لا يحتاج إليه ولا يريده ولا يحبه، لكنك لو أعطيته خسًّا أو جزرًا فسوف تجده من المحبين لك والراضين عنك.
أخي القارئ أختي القارئة:
يشعر الرجل بأنه يعطي أحيانًا وربما بكثرة لكن دون الحصول على رضا الطرف الثاني.
وتشعر المرأة بأنها تعطي وربما بكثرة ولكن دون الحصول على رضى الطرف الآخر أيضًا.
والسبب في ذلك أن الرجل يعطي عطاءً لرجل، والمرأة تعطي عطاءً لامرأة، والمطلوب من المرأة أن تعطي ما يريد أو يحتاج إليه الرجل لا المرأة.
وحتى تعطي المرأة ما يحب الرجل فلابد من معرفة ما يحتاج إليه الرجل، فإن معرفة هذه الاحتياجات تُحدث نقلة نوعية في كيفية التعامل بين الزوجين، ومن خلال إدراك الزوجة للحاجات الأولية لدى الزوج يمكنها أن تكون أكثر وعيًا وحساسية لمصادر عدم الرضا لديه، كما يمكنها أن تحسن العلاقة الزوجية بينهما، فما هي الحاجات العاطفية الأولية للرجل؟
الحاجات العاطفية للرجل هي: الثقة ـ القبول ـ التقدير ـ الإعجاب ـ الاستحسان ـ التشجيع.
1- الثقة:
أن تثق المرأة بالرجل يعني أنها تؤمن بأنه يفعل ما بوسعه، وأنه يريد الأفضل لزوجته، فهو يجتهد وهي تثق باجتهاده، وعندما تثق المرأة باجتهادات زوجها وقدراته ونواياه؛ فيكون رد فعل الزوج أن يحبها، وبالتالي فهو يبدي الاهتمام بمشاعرها تلقائيًّا.
إن من المهم جدًا أن تعمل الزوجة على تعزيز إيمان زوجها بقدراته الخاصة، فتكرر على مسامعه عبارات مثل: (أنا أعلم أنك قادر على فعل كذا، ثقتي بك كبيرة جدًا، أنا أعلم أنك قادر على اجتياز ما هو أصعب من ذلك، سنرى ـ إن شاء الله ـ كيف سننجح في فعل ذلك….) وغيرها من عبارات الثقة.
وتأمل معنا أخي القارئ/ أختي القارئة هذه القصة الواقعية:
عمل ميكانيكي شاب في أواخر القرن التاسع عشر في شركة الكهرباء في ديترويت، كان يتقاضى أحد عشر دولارًا في الأسبوع في مقابل العمل لمدة إحدى عشرة ساعة يوميًّا، وكان يعود هذا الشاب مساءً إلى بيته، ويقضي نصف الليل في حظيرة خلف منزله عاكفًا على محاولة صنع نوع جديد من المحركات.
أما أبواه فكانا ينظران إلى ما يفعل ابنهما كل مساء على أنه ضربًا من العبث وجهدًا بلا جدوى، وسخر الجميع من الشاب وضحكوا عليه إلا زوجته فهي الوحيدة التي تؤمن بقدرته فعلًا، فقد كانت تقضي معه طيلة الوقت في الحظيرة تشد من أزره وتلهب من حماسه.
وفي الشتاء كانت تحمل له في يدها مصباح الزيت لتضيء له بينما أسنانها تصطك، ويداها تسري فيهما الزرقة من الشدة البرد، ولكنها كانت واثقة بأن ما يفعله زوجها سنتهي إلى شيء رائع فريد وأن آلته هذه ستعمل حتمًا، لذا فقد أطلق على زوجه لقب "المتيقنة".
وأخيرًا وبعد ثلاث سنوات من الكفاح المتواصل عملت هذه الآلة العجيبة فعلًا، وفي سنة 1893م وفي يوم صيف جميل، وقبل أن يبلغ الثلاثين من عمره، فتح أبواب كوخه وفجأة خرجت من الكوخ عربة ذات أربع دواليب وتسير بمحرك وبدون أحصنة.
لقد نجح "هنري فورد" وزوجته في هذا الاختراع الذي بدأ معه عهد جديد للإنسانية، لقد كان يتحدث "هنري فورد" عن زوجته تلك "المتيقنة" بمنتهى الفخر والحب والتقدير".
وقد سُئِل "هنري" بعد أكثر من أربعين عامًا من تاريخ اختراعه: ماذا ينشد أن يكون لو عاش على الأرض مرة أخرى؟ أجاب بقوله: (لا يهمني ماذا أكون بقدر ما يهمني أن تكون زوجتي بجانبي).
2- التقبل:
إن تقبل المرأة الرجل يعني أنها تقبله وترضاه دون محاولة تغييره؛ فهي عندما تفعل ذلك فإنه يشعر بأنه مقبول، وهي عندما تحاول تغييره فإنه يشعر بأنه غير مقبول عندها.
إن هذا القبول للزوج لا يعني أن تعتقد الزوجة أن زوجها كامل وخال من النقص، ولكنه يعني أن ليس من اختصاصها تطويره، بل هذا التطوير والتغيير مهمته هو.
يحتاج الرجل أن تقبله زوجته ـ دون شروط ـ وقبول الزوجة لزوجها يعني أن تمنحه الشعور بأنها تحبه وتقبله كما هو.
ومن العبارات التي يمكن أن تؤكد بها الزوجة فكرة التقبل للزوج ما يلي: (أنا سعيدة جدًا بأنك هكذا، نعم أنت محق، أنا أحب أن أسير معك في كل طريق تسلكه، لا أريد أن تتغير).
وهذا يستلزم طبعًا:
عدم انتقاده باستمرار، وعدم التجسس عليه، وعدم إرهاقه بتعليمات مستمرة، وعدم البحث عن نقاط ضعفه، وعدم تعيير بأخطائه، وعدم الادعاء بأنكِ أكثر خبرة منه.
وهو حين يشعر الرجل أنه متقبل فإنه من السهل عليه جدًا أن ينصت للمرأة وأن يمنحها "التفهم" الذي تحتاج إليه وتستحقه.
3- التقدير:
الرجل يحتاج إلى تقدير الآخرين لأعماله وإنجازاته بالكلمات أو الإشارات.
فحينما يحضر إلى المنزل في المساء فلا يرى سوى وجوهًا عابسة أمامه، ومشاكلًا عديدة تنتظره، إنه هنا لا يسمع كلمة شكر وامتنان من أحد على ما بذله من جهود من أجل العائلة؛ فيبدو له عدم تقدير أسرته لما يقوم به من أجل زوجته وأولاده، ويتمنى أن تقدر زوجته ـ على وجه الخصوص ـ ما يفعله.
وعندما لا تقدر الزوجة لزوجها نفقته وتحمِّله المسئولية فإنها تشعر بأنه غير مُقدِّر، وأن هذا الفعل يجب أن يفعله غصبًا؛ وبالتالي يشعر أنها لا تحبه، هي فقط تستفيد منه، ولذا نبه الحديث إلى امرأة يحسن لها الرجل طوال حياته بتوفير المنزل لها ورعاية أولادها ماديًّا وتحمل المسئولية وتحمل مهمة القوامة، ثم ترى منه أمرًا فتقول له: (لم أر منك خيرًا قط)، وسمى ذلك كفرانًا، أي الجحود بحق العشير.
فعلى الزوجة شكر الزوج وتقديره على تحمل المسئولية وعلى توفير المنزل والنفقة وما يقوم به من الواجبات، وعندما يُقدَّر الزوج؛ يشعر بأن جهده لا يذهب هباءً، لذا فهو يكرر العطاء.
فكيف تمنحي زوجك التقدير؟ أختي المسلمة قولي له: (أعلم تمامًا أن ما تبذله من أجلنا، جزاك الله خيرًا على كل الجهود، أعطاك الله العافية، الحياة معك جميلة، أشعر بالأمان إلى جانبك، الاستقبال والتوديع بحرارة، المديح والمتنان وإبداء الرضا، وأكدي له والابتسامة تعلو وجهك كم هو رائع كإنسان وفي مهتنه وأخيرًا رائع كحبيب؟).
اعملي أختي الزوجة أنه يستمتع بتقديرك له أمام الآخرين، واحرصي أن تجعليه يدرك أنه يمكن أن يقول: لا، ويبقى حبك له كما هو، حتى بعد أن رفض ما تطلبينه.
(وحين تعترف الزوجة بالحصول على منفعة وقيمة شخصية من جهود وتصرفات الرجل، يشعر هو أنه مقدَّر حق قدره، والتقدير عند الرجل يشعره أن جهوده لا تذهب سدى، وبالتالي يعطي أكثر، كما أن هذا التقدير يدفعه بصورة آلية إلى احترام شريكه أكثر).
أختي الزوجة المسلمة إذا قدَّرت المرأة ما يقوم به الرجل من أجلها فإنه يشعر بالحب نحوها، فالتقدير أسلوب ممتاز لشحن مضخة الحب عن الرجل .. بل هو كلمة إلى قلب الزوج.
وإليكِ الواجب العملي.
1- امنحي زوجكِ الثقة بقدراته.
2- تقبلي زوجكِ كما هو.
3- امنحيه التقدير لما يبذله من جهود لكِ وللأولاد.
إذا فعلتِ ذلك؛ سيمنحك هو الحب وتمتلكين قلبه.
المراجع.
حتى يبقى الحب، د.محمد محمد بدري.
الرجال من المريخ والنساء من الزهرة، جون غراي.
الفرق بين الجنسين، د.صلاح صالح الراشد.
فن العلاقات الزوجية، محمد الخشت.
بلوغ النجاح في الحياة الزوجية، كلاوديا إنكمان.
موضوع رائع ومهم جدا
تصدقي من زمان نفسي اقرا كتاب الرجال من المريخ والنساء من الزهرة، جون غراي.
بس الان ماحصل ان شاء الله قريبا