تخطى إلى المحتوى

توازن الإسلام في: [الفرح والحزن]، 2024.

توازن الإسلام في: الفرح والحزن

الإسلام دين سعادة وفرح وسرور.. دين يضمن لصاحبة السعادة الأبدية في الآخرة، وعلى قدر طاعته وبذله تكون سعادته في الدنيا.
قال تعالى: [مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (97)] النحل.
ومن أهمل دينه وطاعته لله عز وجل .. واتبع الطرق الضالة .. يكون حزنه وتعاسته .. بقدر بعده وانحيازه عن طريق السعادة، قال تعالى: [فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى (123) وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124)]طه. فهذه هي القاعدة الإسلامية العامة لسعادة والتعاسة .
وطريق السعادة مفروش لكل مسلم في الدنيا، مضمون له في الآخرة.. ودار الدنيا دار حقيرة مليئة بالأكدار والمصائب والمحن.. والمشاق والهموم.. والله تعالى كتب على ابن ادم الابتلاء ليمحصه ويختبره.. فيبتليه بالضراء والسراء ..والشدة والرخاء.. حتى تنقى وتطهر تلك النفوس ..
فالإنسان إذا بين حالتين لا بد له منهما، فرح وسرور..،أو هم وحزن وكرب..
فجاء الإسلام ليوازن وينظم أحاسيس ومشاعر المسلم .. فالإسلام لا يرضى لأبنائه إلا السعادة الدائمة .. فوجه الإنسان ودله على طرق يتمتع فيها بالراحة وينعم بالرضا والقناعة..سواء في الضراء والسراء..
الإسلام يقر أولا.. أن فطرة الإنسان مجبولة على الحزن والبكاء.. ساعة الكرب والضيق، عن أسامة بن زيد رضي الله تعالى عنهما قال: أرسلت ابنة النبي r إليه إن ابنا لي قبض فائتنا فأرسل يقريء السلام ويقول: إن لله ما أخذ وله ما أعطى وكل عنده بأجل مسمى فلتصبر ولتحتسب، فأرسلت إليه تقسم عليه ليأتينها فقام ومعه سعد بن عبادة ومعاذ بن جبل وأبي بن كعب وزيد بن ثابت ورجال فرفع إلى رسول الله r الصبي ونفسه تتقعقع قال حسبته أنه قال كأنها شن ففاضت عيناه فقال سعد يا رسول الله، ما هذا؟! فقال: (هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده وإنما يرحم الله من عباده الرحماء)خ/1 [ 1224 ]، وفي رواية: عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال دخلنا مع رسول الله r على أبي سيف القين وكان ظئرا لإبراهيم عليه السلام فأخذ رسول الله r إبراهيم فقبله وشمه ثم دخلنا عليه بعد ذلك وإبراهيم يجود بنفسه فجعلت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم تذرفان فقال له عبد الرحمن بن عوف رضى الله تعالى عنه وأنت يا رسول الله فقال: ( يا بن عوف إنها رحمة ثم أتبعها بأخرى، فقال r: إن العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول إلا ما يرضى ربنا وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون)خ/1 [ 1241 ]. قال r: (ألا تسمعون إن الله لا يعذب بدمع العين ولا بحزن القلب ولكن يعذب بهذا وأشار إلى لسانه أو يرحم وإن الميت يعذب ببكاء أهله)خ/1[ 1242 ].

فالمنهي عنه في الإسلام، التضجر والسخط من أقدار الله تعالى.. وكما قال r: (ليس منا من لطم الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية)خ/1[ 1232 ]، قال r: (إنما الصبر عند الصدمة الأولى)خ/1[ 1223 ]

كذلك فطرته مجبولة على السعادة والسرور وقت الفرح..
والتوازن في ذلك.. قول الرسول r: (عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير وليس ذلك لأحد إلا المؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خير له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له )) رواه مسلم/2999
وبين الله تعالى.. أن الصبر يتحقق، بالرضا والقناعة، والإيمان والعمل الصالح، واليقين والثقة في الله تعالى،واحتساب الأجر منه وحده، وبالدعاء والتذلل والخضوع إليه..وعدم التضجر والسخط.. والشكوى لأحد غير الله تعالى..
ويكون الفرح متزنا.. إذا قٌرن بالشكر، ورد النعمة لله تعالى.. لا من كسب وتحصيل النفس، واستخدامها في ما يرضي الله تعالى..

**************************
فالمسلم لا يبالغ إذا في الحزن والهم .. ما علم أن له رب قادر رحيم .. وبثقته بالله تعالى أن ما قدره له كله خير..فيرضى ويسلم لله تعالى ..ولا يكترث ولا يشتكي لأحد إلا لله تعالى.. قال r: (ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه)خ/2 [ 5318 ].

وقد أمر الإسلام أيضا بالأخذ بالأسباب –التي تدفع الهم والحزن- فلا يقعد ملوما محسورا ينتظر الفرج !! بل يسعى ويدبر ويعمل ليصل..
فيبقى ذاك المسلم دائما راضي بقضاء الله تعالى ، متفائل بالفرج.. واثق من رحمه الله تعالى.. فيعكس القلب المليء بالرضا والتفاؤل على الوجه ابتسامه لا تفارق الإنسان المسلم في الشدة والرخاء..
كذلك الإسلام ينظم للمسلم حالات الفرح والطرب.. بحيث لا يطغى ذالك الفرح والطرب عليه فيضله.. ويتمادى في الإفساد في الأرض، وأخذ حقوق الآخرين، وتضييع الأموال والنفس.. والكبر والتبختر، والمباهاة والمفاخرة.. طلبا لفرحة وسروره وراحته !!

قال تعالى: [وَابْتَغِ فِيمَا آَتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآَخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (77)]القصص

إن الإيمان الجاد الممثل للعمل الصالح هو الذي يعصم النفس البشرية من اليأس الكافر في الشدة، كما يعصمها من البطر الفاجر في الرخاء.. وهو الذي يقيم القلب البشري على سواء في البأساء والنعماء، ويربطه بالله تعالى في كلتا الحالتين.. فلا يتهاوى ويتهافت تحت مطارق اليأس.. ولا ينتفخ ويتعالى عندما تغمره النعماء..-فلا يبالغ في الحزن ولا الفرح.. وليكن متوازن في المشاعر والأحاسيس- فكلا حالي المؤمن خير.. وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن.

قال تعالى: [مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (22) لِكَيْ لَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آَتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (23)] الحديد.

هذا هو الإسلام..يحب ويرضى بالفرح والسرور.. ويكره الحزن والهم.. فينظمهما ؛ بالصبر والرضا والقناعة عند المصيبة، وبالشكر في الفرح وتسخير النعم في مرضاة الله تعالى ..والتمتع بالحلال .. بحيث لا تلهيه عن طاعة الله عز وجل.. ولا تطغيه فيفسد ويضل في الأرض.
وبذلك النظام الرباني.. يضمن المسلم السعادة الدائمة في الدنيا والآخرة، فيظل مسرورا دائم البشر والتبسم..- في الشدة والرخاء- متفائل راضي بما أتاه الله تعالى.. واثق برحمته وفضله.
__________________________________________

سبحان الله
لاكي
جزاكم الله خيرا.. وبارك الله فيكم..
أشكـركم على تواجدكم الـــــــــرائع

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.