تخطى إلى المحتوى

حديث الملائكه 2024.

وقف على حافه الانسانيه. اظنها نظره امل تلك التي منحها للانسانيه قبل ان يغادرها, حينما ادار وجهه نحو الشرق, لم يدر بمخياته ان هناك اي شئ قد يمنعه من مغادرتها, ولا حتى ذلك العجوز الهرم الذي يرتدي معطف اكل عليه الدهر وشرب فعلاً, حيث ترك بعد ولائمه الكثير فتات من الخبز. فوقف, ثم استدار بجسده كله متسائلاً عن سر هذا المعطف, من اين اتى به, اين صنع, من حاكه, كم من انسان لبسه قبله. ليس هذا فحسب وانما راح يشد اجفانه بعضها الى بعض محاولاً ان يرى تقاطيع العجوز الذي يرتدي المعطف. من هو, من اين اتى, ما سروصوله الى هذا الدرك من الفقر, والادهى من هذا كله ـ تفكر الغريب ـ لماذا يصر على البقاء, فلم تعطه الانسانيه الا ذلك المعطف الذي يشابه الى حد قريب المنخل, فثقوبه تستطيع ان ترى من خلالها جسده المتعب المترهل, الجائع…اه على الجوع, ياله من غبي تفكر الغريب. لا, ليس هو الغبي استعاد الغريب تمعنه بالصوره الحقيقيه التي تكمن خلف الصوره التي يراها. ولكن مهما كانت الصوره ناصعه البياض, فاثارها الواضحه لهي اقوى دليل على خسارته وانهزامه. ولكن ما هو سبب هذا الاصرار العنيد تسائل الغريب, وقبل ان تجيب هواجسه انحدر من اعلى قمه التله الفاصله بين الانسانيه والمجهول مهرولاً الى ذلك الشيخ العنيد, يسئله. فلم يبقي قبل ان يتخذ قراره هذا من درب الا وسلكه, من خطوه الا وخطاها, من بصيص امل الا وتبعه, عله يوما يجد سبباً مهما صغر, يجعله يكمل المشوار, يعطيه رجاء واحد ان الحال لا بد ان يتغير وتعود الامور الى مجراها كما كانت. شد اردان العجوز وهزه, عله يطرح براسه الثخين بعض المنطق, لشده استغرابه لم يغضب العجوز او كما اعتقد الغريب, ليس لدى العجوز اي حيويه يستطيع بها ان يبعد قبضتاه عنه, وقال:
– يا ولدي. قد لا يكون لدي الحيويه ان ارفع ذراعيك القويتين عني ايها الغريب, ولكني وان كنت املكها, لا احتاجها لقهر انسان ضعيف مثلك.
غضب الغريب واحمرت وجنتاه وبداء الزبد يتناثر من اطراف شفتيه وصرخ
– من تنادي ضعيف ايها العجوز النتن؟ ظن الغريب ان العجوز بعد هذا الصراخ والعويل انه اوقع الخوف بقلب العجوز, ولكن ذلك سرعان ما تبدد, حينما تهادى الى سمعه صوت العجوز الهاد, ولا بد من الاعتراف هنا فكر الغريب صوت العجوز الدافئ.
– انت.
– انا
– نعم انت…ابتعد من طريقي.
– لن ابتعد عن طريقك حتى تخبرني لماذا تنعتني بالضعيف.
طاطئ العجوز جسده واخرج كسره من الخبز الجاف وراح بكل ما بقي لديه من قوه ياكلها.
– قل, قل ايها العجوز. تكلم قبل ان اقتلك.
– اهذا كل ما تفكر به ايها الضعيف؟ القتل, الانتصار, الهزيمه؟ ايها المهزوم.
ضحك الغريب وراحت دموعه تنمار من شده الضحك.
– المهزوم؟ انا؟ ام انت, انظر الى نفسك, تاكل الخبز من فضلات البشر.
– بدلاً من ان ارفع علم الهزيمه وافر هارباً من وجه الحياه, ايها الضعيف.
– كم مره قلت لك ان لا تنعتني بالضعيف ايها العجوز.
– الحياه…لم اتحدث اليك فالحديث لشخص مثلك مضيعه للوقت وانا وقتي ثمين.
– انظر ايها العجوز, لقد سئمت من كلامك المهين هذا, وساكون افضل منك وارحل.
– يالها من كثيره رحلاتك ايها الضعيف.
– (تافف كثيرا) لا ادري ما اوقعني بشخص مثلك ايها العجوز الخرف.
– غبائك.
– ايها العجوز….لولا عمرك والله ل…
– ضربتني؟ اعتقد ان هذه هي الصفه الوحيده التي تملكها…الى جانب ملايين الصفات السيئه التي يتربع الضعف فوقها.
– اه, لقد عرفت…تقصد ان تستفزني اليس كذلك؟ اعرف خطتك الجهنميه ايها العجوز الخبيث. انا اعرف امثالك.
– احقاً؟ احقاً تعرف امثالي؟
– نعم.
– ما هم امثالي ايها الضعيف.
– لن اغضب, لن اغضب منك ايها الانتهازي.
– من هم امثالي ايها الغبي؟
– لا ادري, اناس انتهازيين, لا يحبون الا انفسهم.
– حقاً؟
– نعم.
– ومن هم امثالك؟
– امثالي افضل حال من امثالك.
– لماذا؟
– لاني لم اعتدي عليك.
– ولكنك اعتديت علي, اعتديت علي عندما امسكت بمعطفي الجديد ورحت تهزني, بدلاً من تسالني بكل انسانيه…اه نسيت, لم يعد لديك اي من الانسانيه شئ.
– نعم لا زالت الانسانيه لدي…بالمناسبه اعتذر منك…نعم انا من قام بالاعتداء عليك, فانا (نظر حوله يحاول ايجاد العزم للاعتذار, ثم ادار وجهه نحو العجوز)
– اسف…ايها العجوز…ايها العجوز…اين انت؟…اين ذهبت؟…اين ذهب هذا العجوز؟ لقد اختفى…يالها من حادثه غريبه لقد كنت اكلمه لتوي.
وراح الغريب ينظر حوله عله يجد العجوز بدون فائده…على قمه الجبل كان هناك شاب غريب ينظر الى اسفل الجبل الى ذلك العجوز الذي ينظر حوله وكانه قد فقد صوابه, وتسائل عما هيه سر ذلك الغريب, ابتسم الشاب ابتسامه جميله ومد ذراعيه الى جانبيه وفرد جناحيه وطار, وحلق فوق الغريب وهمس عندما اصبح على مقربه منه.
– ايها الضعيف.
توجل الغريب عند سماع الهمسات وراح ينظر حوله بجنون, ولاحظ خيال طائر يبتعد عنه, فنظر للاعلى فراى الملاك, وراح بفكر بعيد, وراح يعيد حساباته بحياته الماضيه. من اين يبداء؟ من اين يبداء الاصلاح, الاصدقاء, زملاء العمل, الجيران, الاهل؟.
نزع الغريب معطفه البالي وتوجه الى الشارع الرئيسي, وراح يستجدي الماره ان يركبوه…رذاذ الشتاء كان يتناثر على وجهه وهو يجلس الى جانب الكثير من حاجيات هذه العائله والتي تبدو انها راحله الى بيت جديد, وراح يتذكر اهله. ونسي احقاده التي لم يكن لها سبب من اول الامر, وداعبت افكاره ذكرياته القديمه فاختلج صدره شعور بالبكاء, وابتلت عيونه عندما تذكر كلمات الملاك انه ضعيف وغبي, فقد كان فعلاً صعيفاً حين خسر مع الشر امام الخير, وانه غبي ان يجعل الشر ينتصر على الحب, عندها جاءه صوت بعيد مع رذاذ الهواء.
– انهم بانتظارك يا ولدي.
تفكر عندها الغريب وابتسم عندما عرف انه لن يكون بعد اليوم غريب.

كلمات جميله مليئه بصدق المشاعر

تحياتي لك وتقبلي مروري

اختك احساس

مشكوورة

تقبلي تحياتي ومروري

اخواتي احساس ملاك وفارسه حلوه جزاكم الله كل خير. مشكورات
مشكووور اخي الكريم

موضوع رائع

تحياتي ^_^

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.