بإذن الله قبل ان نبدأ بقرأت الكتاب سنقرأ هذه النبذة البسيطة عن الكاتب …
هو ابو عبد الله محمد بن ابي بكر بن ايوب بن سعد بن حريز الزرعي الدمشقي شمس الدين الملقب بأين قيم الجوزيه لأن ابيه كان قيما على مدرسه الجوزية فنسب إليها .
ولد سنة 691 هـ من تلامذته الحافظ بن كثير و الحافظ بن رجب الحنبلي ابن عبد القادر النابلسي و ابن عبد الهادي ..
الفصل الاول ( قاعدة جليله ) _ الانتفاع بالقران _
اذا اردت الانتفاع بالقران فجمع قلبك عند تلاوته وسماعه , وألق سمعك واحضر حضور من يخاطبه به من تكلم به سبحانه وتعالى منه اليه , فإنه خطاب منه اليك على لسان رسوله قال تعالى ((إَنَ فيِ ذَلِكَ لَذِكّرَى لِمَن كَانَ لهُ قَلبٌ أَو ألقَى السَمعَ وَهُوَ شَهِيدٌ)) (قّ :37)
وذلك ان تمام التأثير لمّا كان موقوفا على مؤثر مقتض , ومحل قابض , وشرط لحصول الاثر , وإنتفاء المانع الذي يمنع يمنع منه , تضمنت الاية بيان ذلك كله بأوجز لفظ وابينه وادله على المراد .فقوله ((إَنَ فيِ ذَلِكَ لَذِكّرَى )) أشارة الى اول ماتقدم من السورة الى ههنا , وهذا هو الؤثر . وقوله ((لِمَن كَانَ لهُ قَلبٌ)) فهذا هو المحل القابل ,والمراد به القلب الحي الذي يعقل عن الله كما قال الله تعالى (( إنّهُ إلاّ ذِكّرَى وَ قٌرأن مُبِيّن ,لِيٌنذِرَ مَن كَانَ حَيّا )) (يس:69_70) أي حي القلب .
وقوله ((أَو ألقَى السَمعَ )) أي وجه سمعه واصغى حاسة سمعه الى ما يقال له وهذا شرك التأثر بالكلام .
وقوله ((وَهُوَ شَهِيدٌ)) أي شاهد القلب حاضر غير غائب
قال ابن قتيبه : استَمَعَ كتاب الله وهو شاهد القلب والفهم , ليس بغافل او ساه ,وهو اشارة الى المانع من حصول التأثير , وهو سهو القلب وغيبته عن تعقل ما يقال له والنظر فيه وتأمله .
فإذا حصل المؤثر وهو القران ,والمحل القابل وهو القلب الحي ,ووجد الشرط وهو الاصغاء , وإتفى المانع وهو انشغال القلب وذهوله عن معنى الخطاب وانصرافه عنه الى أي شئ اخر , حصل الأثر وهو الانتفاع والتذكر .
فإن قيل : إذا كان التأثر إنما يتم بمجموع هذه , فما وجه دخول اداة (( او )) والموضع موضع واو الجمع لا موضع (( او )) التي هي لأحد الشيئين ؟.
قيل هذا سؤال جيد ,والجواب عنه : ان يقال: خرج الكلام بأو بأعتبار حال المخاطب المدعو "فإن من الناس من يكون حي القلب واعيه تام الفطره , فإذافكر بقلبه وجال بفكره , دله قلبه وعقله على صحة القران وانه الحق ,
وشهد قلبه بما اخبر به القران فكان ورود القران على قلبه نورا على نور الفطره , وهذا وصف الذين قيل فيهم ((وَيَرَى الذِينَ أُتُوا العِلمَ الّذِي أُنزِلَ إليكَ مِن رَبِكَ أنهُ الحَق)) (سبأ :6)
فهذا نور الفطرة على نور الوحي ,وهذا حال صاحب القلب الحي الواعي
قال ابن القيم : وقد ذكرنا ماتضمنّت هذه الايه من الأسرار والعِبَر في كتاب (( اجتماع الجيوش الاسلاميه على غزو المعطلة الجهمية )).
فصاحب القلب يجمع بين قلبه وبين معاني القران , فيجدها كأنها قد كُتِبَت فيه فهو يقرؤها عن ظهر قلب .
ومن الناس من لا يكون تام الاستعداد واعي القلب كامل الحياة فيحتاج الى شاهد يميز له بين الحق والباطل , ولم تبلغ حياة قلبه ونوره وزكاة فطرته مبلغ صاحب القلب الحي الواعي , فطريق حصول هدايته ان يفرغ سمعه للكلام , وقلبه لتأمله والتفكير فيه وتعقل معانيه , فيعلم حينئذ انه الحق .
فالأول : حال من رأي بعينه ما دُعي اليه وأُخبر به . والثاني : حال من علم صدق المخبر وتيقنه وقال يكفيني خبره , فهو في مقام الايمان , والأول في مقام الإحسان .
هذا وقد وصل الى علم اليقين , وترقى قلبه منه الى منزلة عين اليقين . وذاك معه التصديق الجازم الذي خرج به من الكفر ودخل به الى الاسلام
فعين اليقين نوعان : نوع في الدنيا , ونوع في الاخره . فالحاصل في الدنيا نسبته الى القلب كنسبة الشاهد الى العين , وما اخبرة به الرسل من الغيب يعاين في الاخرة بالابصار وفي الدنيا بالبصائر , فهو عين يقين في المرتبتين ..
(( … يتــــــــبع … ))
(( ويرجى التثبيت للفائدهـ ))
نتابع معك بإذن الله ..
كتاب الفوائد من أروع الكتب التي قرأتها..
جزى الله شيخنا الجليل عنا خير الجزاء وأسكنه فسيح جناته..
متابعين ..