– إِثْـبَــاتُ ذَاتِ الـرَّبِّ جَـلَّ وَعَـلاَ *** أَسْـمَـائِـهِ الْحُسْنَـى صِـفَـاتِـهِ الْعُلَـى
-وَأَنَّـهُ الرَّبُّ الْـجَـلِـيْـلُ الأَكْـبَـرُ *** الْـخَـالِــقُ الْـبَــارِئُ وَالْـمُـصَـوِّرُ
– بَـارِي الْبَرَايَـا مُـنْـشِـئُ الْخَـلاَئِـقِ *** مُـبْـدِعُـهُـمْ بِـلاَ مِـثَـالٍ سَـابِـقِ
– الأَوَّلُ الْـمُـبْـدِي بِـلاَ ابْـتِــدَاءِ *** وَالآخِــرُ الْـبَـاقِـي بِـلاَ انْـتِـهَـاءِ
الشيـخ / وليـد بن راشـد
***
فأما الإثبات فهم يثبتون لله تعالى ما أثبته لنفسه من الأسماء والصفات في كتابه وما أثبته له نبيه [صلى الله عليه وسلم] في سنته من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل ، بل يؤمنون بأن الله تعالى ليس كمثله شيء وهو السميع العليم والبصير .
وأما النفي فهم ينفون عن الله تعالى ما نفاه عن نفسه في كتابه وما نفاه عنه نبيه [صلى الله عليه وسلم] في سنته مع إثبات كمال الضد كما سيأتي بيانه – إن شاء الله تعالى – .
وأما فيما لم يرد فيه دليل بخصوصه فإنهم لا يثبتون لفظه ولا ينفونه ويستفصلون في معناه ، فإن أريد به الحق قبلوه وإن أريد به الباطل ردوه ، وسيأتي بيان ذلك بعد قليل – إن شاء الله تعالى – ، فهذا هو مجمل اعتقادهم [رضي الله عنهم] في الصفات ، والله أعلم .
__________________________________________________ _________
ج183: هذه المصطلحات الأربعة مهمة جدًا في سياق مذهب أهل السنة في الأسماء والصفات ، ودونك شرحها :
الأول : التحريف ، وهو لغة : التغيير . واصطلاحًا : تغيير النص لفظًا أو دلالة . ونعني بالدلالة المعنى ، وبه يتضح أن التحريف قسمان : تحريف للفظ النص بأن يزاد فيه أو ينقص منه أو تغير حركته ، وقد يتغير معه المعنى وقد لا يتغير ، وتحريف لمعنى النص ، وهو تحريف دلالة النص ، بأن يبقى اللفظ على ما هو عليه ، ولكن تسلب دلالته الصحيحة ويقحم فيه معنى لا يدل عليه ، ودونك الأمثلة :
مثال تحريف اللفظ الذي تغير معه المعنى ، تحريف اليهود لقوله تعالى : ﴿ وَقُولُوا حِطَّةٌ ﴾[البقرة:58] أي حط عنا ذنوبنا ، فحرفوه وقالوا : ( حنطة ) فزادوا هذه النون ، فهذه النون حرفت النص لفظًا ومعنى ، ويسميها العلماء نون اليهود .
ومثال آخر : تحريف الجهمية لقوله تعالى : ﴿ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ ﴾ [الأعراف:54] فحرفوه إلى قولهم : ( استولى ) فزادوا فيه اللام ، وبها يكون قد تغير النص لفظًا ومعنى ، ويسميها العلماء لام الجهمية ، وفي ذلك يقول الإمام ابن القيم
نون اليهود ولام جهمي هما في وحي العرش زائدتان
وأما مثال تحريف اللفظ الذي لم يتغير معه المعنى ، فكنصب لفظ ( الحمد ) في قوله تعالى : ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الفاتحة:1] .
وأما مثال تعريف المعنى ، فكتحريف الأشاعرة والمعتزلة والجهمية لصفات الله تعالى ، مثل قولهم : المراد باليدين النعمة أو القدرة والمراد بالنـزول إلى السماء الدنيا نزول الملك أو الأمراء أو الرحمة ، ونحو ذلك كما سيأتي مفصلاً – إن شاء الله تعالى – .
والتحريف حرام وقد يصل بصاحبه في بعض صوره إلى الكفر .
الثاني : التعطيل ، وهو لغة : الإخلاء والتفريغ،
واصطلاحًا : إخلاء الله تعالى عن أسمائه وصفاته إخلاءً كليًا أو جزئيًا ، وبه يتضح أن التعطيل قسمان أيضًا : تعطيل كلي ، كتعطيل الجهمية أتباع الجهم ابن صفوان الترمذي فإنهم عطلوا الله – تعالى- عن أسمائه وصفاته كلها . وتعطيل جزئي ، كتعطيل المعتزلة أتباع واصل بن عطاء والأشاعرة أتباع أبي الحسن الأشعري ، فإن المعتزلة عطلوا الله – تعالى- عن كل صفاته فقط ، وأما الأشاعرة فعطلوه عن ما سوى الصفات السبع ، وقد أثبت الفريقان – أي المعتزلة والأشاعرة – الأسماء وزادت الأشاعرة بإثبات الصفات السبع .
والتعطيل حرام وقد يصل بصاحبه في بعض صوره إلى الكفر .
الثالث : التكييف ، وهو حكاية كيفية الصفة أي أن يقال : كيفية يد الله كذا وكذا ، وكيفية وجه الله كذا وكذا ، وهو حرام وقد يصل بصاحبه في بعض صوره إلى الكفر .
الرابع : التمثيل ، وهو إثبات مماثل ، كأن يقال : يد الله مثل أيدينا أ وجه الله مثل وجوهنا ، وهو حرام وقد يصل بصاحبه إلى الكفر .
فهذا هو معنى هذه المصطلحات الأربعة .
س184: ما الفرق بين التكييف والتمثيل ؟
ج184: أقول : التكييف والتمثيل بينهما عموم وخصوص من وجه ، فكل تمثيل فهو تكييف ، وليس كل تكييف تمثيلاً.
التكييف : حكاية كيفية الصفة من غير قرنٍ بمماثل ، والتمثيل : حكاية كيفية الصفة مع قرنها بمماثل.
__________________________________________________ _________
س185: هل الأفضل أن نقول : ( من غير تمثيل ) أم نقول : ( من غير تشبيه ) ؟ ولماذا ؟
ج185: بل الأفضل هو أن نقول : ( من غير تمثيل ) لأن هذا هو المتوافق مع لفظ القرآن ، فإن الله تعالى قال : ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ﴾[الشورى:11] ، وقد تقرر أن متابعة ألفاظ النصوص في أبواب الاعتقاد وأخص منه في باب الأسماء والصفات أسلم وأبعد عن الاختلاف والتناقض وهو من كمال المتابعة.
__________________________________________________ _________
ج186: معناه أن تعرف أن أهل السنة – رحمهم الله تعالى – لهم في النفي نقطتان :
الأولى : أنهم ينفون هذه الصفة المنفية كصفة الظلم مثلاً .
الثانية : أنهم لا يقفون عند هذا النفي فقط ، بل يعتقدون أن الله تعالى لم ينف عنه هذه الصفة إلا لأنه متصف بكمال ضدها ، فنفى عن نفسه الظلم لكمال عدله ، ونفى عن نفسه الصاحبة والولد لكمال غناه عن كل أحد ، ونفى عن نفسه السنة والنوم لكمال حياته وقيوميته… فهذا معنى قول أهل السنة : ( مع إثبات كمال الضد ) ، أي كمال ضد الصفة المنفية ، فالظلم ضده العدل ، فانف الظلم وصِفْهُ بكمال العدل.. وهكذا والله أعلم.
__________________________________________________ _____
س193: هل لك أن توضح لنا قولك في سياق مذهب أهل السنة في النقطة الثالثة حيث قلت :
( مذهبهم فيما لم يرد فيه دليل بخصوصه ) ، فهل وضحت لنا ذلك مع بيان كلامك بالأمثلة ؟
فأما لفظه : فإننا نتوقف فيه فلا نثبته ولا ننفيه ولا نتكلم به أبدًا في إثبات ولا نفي لأنه لم يرد في القرآن ولا في السنة ولا على لسان السلف – رحمهم الله تعالى – ، وأما معناه: فإننا نستفصل فيه لأن هذه الألفاظ مجملة تحتمل الحق والباطل فلا يقبل معناها مطلقًا ، فيؤدي ذلك إلى قبول ما فيها من الباطل ، ولا ترد معانيها مطلقًا فيؤدي ذلك إلى رد ما فيها من الحق ، ولكن الأسلم في ذلك أن نستفصل فيها حتى يتميز حقها من باطلها فيقبل الحق ويرد الباطل ، وعلى ذلك بعض الأمثلة :
– الجهة، الحيز، المكان ، الجسم..- هذه بعض صفات المبتدعة التي نسبوها لله عز وجل،
فقال أهل السنة : إن هذا اللفظ لفظ محدث لم يرد في الكتاب ولا في السنة ولا في كلام الصحابة والسلف الصالح ، فلنا فيه نظران : أما لفظه فلا نتكلم فيه ، بل نتوقف فيه فلا نثبته ولا ننفيه،وأما معناه: فإن أريد به الحق قبلوه وإن أريد به الباطل ردوه.
فهذه الأمثلة الأربعة توضح قولنا : ﴿ ما لم يرد فيه دليل بخصوصه فلا نثبت لفظه ولا ننفيه ونستفصل في معناه ، فإن أريد به الحق قبلناه وإن أريد به الباطل رددناه ﴾ ولعل الكلام قد اتضح – إن شاء الله تعالى – ، والله أعلم .
__________________________________________________ _________
"خلا صة الدرس"
– مذهب أهل السنة والجماعة في الأسماء والصفات:
إثباتجميع الأسماء والصفات التي أثبتها الله تعالى في كتابه وفي سنه رسوله [صلى الله عليه وسلم] من غير:
1- تحريف: أي:تغير النص لفظا أو معنى،مثال تغير المعنى : ثم استولى على العرش بدلا من: "ثم استوى على العرش"أو كقولهم" تجري بأعيننا " أي بحفظنا –غيروا صفه العين لله وحروفها بمعنى الحفظ ،أما تغيراللفظ : فيكون في الحركات إذا تغير معناها كقول: "الحمد لله رب العالمين" بفتح دال الحمد.
2- ولا تعطيل، أي: إخلاء الله تعالى عن أسمائه وصفاته إخلاءً كليًا أو جزئيًا،بمعنى أن نؤمن بجميع الصفات والأسماء المثبتة في الكتاب والسنة..فلا نعطله عن جميع صفاته تعالى ولا بعضا منها "وذلك معنى كليا او جزئيا" بل نؤمن بجميعها.
3- ولا تكييف، أي: حكاية كيفية الصفة أي أن يقال : كيفية يد الله كذا وكذا
4- ولا تمثيل، أي: إثبات مماثل ، كأن يقال : يد الله مثل أيدينا
والفرق بين التكييف والتمثيل:
أن نقول مثلا : الله ينزل إلى سماء الدنيا جالسا على كرس صفاته كذا وكذا..نحكي كيفيه من عندنا ولا نمثله بأحد.، أما التمثيل :فنقول مثلا: لله تعالى يد مثل أيدينا.. فمثلنا يد الله تعالى بأيدينا
فالتكييف : حكاية كيفية الصفة من غير قرنٍ بمماثل ، والتمثيل : حكاية كيفية الصفة مع قرنها بمماثل
ونفي جميع الأسماء والصفات التي نفاها عن نفسه في كتابه وما نفاه عنه نبيه [صلى الله عليه وسلم] في سنته
مع اثبات كمال الضد: أي: ننفي عن الله تعالى الصفات التي لا يليق بها كالظلم ،ونثبت له تعالى صفه الكمال وهي العدل..(وهي ضد الظلم) فلا نقول الله لا يظلم فقط .. بل نقول الله عدل لا يظلم.
، بل نعتقد أيضا أن الله تعالى لم ينف عنه هذه الصفة إلا لأنه متصف بكمال ضدها.
وأما فيما لم يرد فيه دليل بخصوصه أي ليس موجودا في الكتاب ولا السنة بل ابتدعها بعض أهل البدع كقولهم (الله تعالى له مكان) وصفه المكان لم تذكر في الكتاب ولا السنة، فحكم صفه المكان: أننا لا نثبت هذه الصفة ولا ننفيها "لعدم وجد دليل" بل نستفصل في معناها ، فإن أريد به الحق قبلناه وإن أريد به الباطل رددناه،أي ان قصدوا بصفه المكان كمال لله قبلناها وان قصدوا غير ذلك رددناها عليهم ، فهذا هو مجمل اعتقادهم [رضي الله عنهم] في الصفات ، والله أعلم
وخلاصة الكلام أن يقال : إن إثبات أهل السنة للصفات والأسماء لا تمثيل ولا تكييف فيه وتنزيههم لا تعطيل ولا تحريف فيه ، فإثباتهم ونفيهم بريء من هذه الآفات الأربع ، والله أعلم .
__________________________________________________ _________
أسئلة تطبيقية:
1- اذكري أقسام التحريف مع ذكر أمثله؟
2- ما لفرق بين التكيف والتمثيل؟
3- ما مذهب أهل السنة والجماعة في الأسماء والصفات ؟ "باختصار"؟؟
4- كيف ننفي بعض الصفات عن الله تعالى ونثبت ضدها –وضحي ذلك بالأمثلة؟؟
5- هل يجوز أن نثبت لله تعالى أي صفه ؟ أم لا بد أن يكون الله تعالى أثبتها في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم..؟
جزاكِ الله خيراً ..
وجعله الله في ميزان حسناتك
لي عودة لإكمال الموضوع
معك نتابع بإذن الله
متابعين معاكي باذن الله
اللهم زد وبااااااااااااارك يارب في هذه الحلقة