وأعظم من ذلك أن يبخل الزوج على زوجته بالنفقة الواجبة في الوقت الذي يجود بما له ذات اليمين وذات الشمال على رفاق السوء وفي ولائم الرياء ورحلات الفساد فتراه ينفق الأموال الطائلة في سبيل لذاته وشياطينه وإذا سأله أهله بذل القليل أعرض ونأى بجانبه
فهذه الحال أوجع مساً وألدغ ميسماً وأشد وقعاَ وكم من بيوت يجثم عليها البؤس وتخيم عليها سحائب الشقاء بسبب تقتير الزوج وتقصيره في النفقة فربما باتت الزوجة وأولادها على طوى وربما بليت ثيابهم فلم يجدوا يدلاً عنها وربما تكففوا الناس فلا غرابة إذا تشتت الأولاد وبحثوا عمن يمدهم بالمال ولا عجب إذا انحرفت البيوت إن لم يكن لها رادع من دين أوحيا ء أو مروءة
فمن حق الزوجة على زوجها أن ينفق عليها بالمعروف والمراد بالنفقة ما يفرض للزوجة على زوجها من مال للسكنى والطعام والحضانة واللباس وما إلى ذلك مما تصان به حرمة الزوجة من الابتذال وما تحفظ به صحتها
قال ابن قدامه رحمه الله (نفقة الزوجة واجبه بالكتاب والسنة والإجماع
أما الكتاب فقول الله تعالى (لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله لا يكلف الله نفساً إلا ما آتاها وأما من السنة (فما روى جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب الناس فقال اتقوا الله في النساء فإنهن عوان عندكم أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف
فالنفقة على الزوجة مقدمة على النفقة على غيرها وهذه مسألة يغفل عنها كثير من الناس فعن أبي هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (دينار أنفقته في سبيل الله ودينار أنفقته في رقبة ودينار تصدقت به على مسكين ودينار أنفقته على أهلك أعظمها أجراً الذي أنفقته على أهلك )
وإذا قصر الزوج في النفقة الواجبة على زوجته بما يكفيها ويكفي أولادها وقدرت الزوجة على أخذ شئ من ماله فلها أن تأخذ ما يكفيها ويكفي أولادها بدون إذنه
ففي الصحيحين عن عائشة رضى الله عنها أن هند قالت يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح لا يعطيني من النفقة ما يكفيني ويكفي بني ألا ما أخذت من ماله بغير علمه فهل علي في ذلك من جناح
فقال رسول الله خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك ويكفي بنيك )
وخلاصة القول أن الواجب على الزوج أن ينفق على زوجته بالمعروف بلا إسراف ولا تقتير ولا من ولا أذى
وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين
——————
و الدرة العصماء طي محارة غير التي سفرت بغير حجاب
واريد ان انبه عن نقطة انه إذا كان الرجل ممن يقتر على أهل بيته فإنه تحل لهم الزكاة لأنه يدخل ظمن المحروم . والله اعلم
——————
الإختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية