كنا سابقاً تحدثنا عن سورة الفاتحة وعظمتها
وتحدثنا ايضاً عن أسمائها مع اثبات ذلك بالدليل
وسبب التسمية
وأيضاً تطرقنا مضامينها كما وضحت هنا
سورة الفاتحة ما أعظمها " اسمائها ومضامينها " الجزء الاول
تطرقنا لـ مضامينها
سوف اذكرها مرة آخرى هنا
لكي نستطيع التطرق إلى كل مضمون على حدة
مضامين سورة الفاتحة :
مضامينها
1 – الحمد "
من قوله تعالى " الْحَمْدُ لِلَّهِ "
2- أنواع التوحيد الثلاثة
أ- الربوبية من قوله تعالى " رَبِّ الْعَالَمِينَ "
ب- الألوهية من قوله تعالى " إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ"
ج- الأسماء والصفات من قوله تعالى " الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ "
3- الرحمة
من قوله تعالى " الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ "
4- يوم الدين
من قوله تعالى " يَوْمِ الدِّينِ "
5- العبادة والإستعانة
من قوله تعالى " إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ "
6- الهداية
من قوله تعالى " اهْدِنَا"
7- الدعاء
من قولع تعالى "اهْدِنَا "
8- الجماعة
من قوله تعالى "اهْدِنَا "
9- الإستقامة
من قوله تعالى " الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ "
10- أصناف المهتدين
من قوله تعالى " أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ"
11- الولاء والبراء
من قوله تعالى "غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ"
والآن سوف نبدأ مع أول مضمون من مضامين سورة الفاتحة
1 – الحمد "
من قوله تعالى"
ما المراد من الحمد ؟
هو المدح
ومن المعلوم أن الله يحب المدح
وهو المستحق بالمدح والثناء وهو أهلٌ له
ولا يصدق المدح كما يصدق المدح على الله عزوجل
لماذا لا يقال لله بالحمد بهذه الصيغة " الحمد " ؟
لأن الفرق بين الحمد والمدح هو التعظيم
فما هو تعريف الحمد ؟
الحمد هو الثناء على الله عزوجل بالجميل الأختياري على جهة التعظيم
ما الفرق بين الحمد والشكر ؟
الحمد … يكون بالقلب واللسان
الشكر…يكون بالقلب واللسان والجوارح
شكر الله يكون تعالى على نعمه التي لا تعد ولا تحصى بحفظها وصونها .
سوف اتطرق هنا الى شرحها أيضا
من كتاب تفسير ابن كثير
قال أبو جعفر بن جرير :
معنى الحمد لله الشكر لله خالصا دون سائر ما يعبد من دونه ،
ودون كل ما برأ من خلقه ، بما أنعم على عباده من النعم التي لا يحصيها العدد ،
ولا يحيط بعددها غيره أحد ، في تصحيح الآلات لطاعته ،
وتمكين جوارح أجسام المكلفين لأداء فرائضه ، مع ما بسط لهم في دنياهم من الرزق ،
وغذاهم به من نعيم العيش ، من غير استحقاق منهم ذلك عليه ، ومع ما نبههم عليه ودعاهم إليه ،
من الأسباب المؤدية إلى دوام الخلود في دار المقام في النعيم المقيم ، فلربنا الحمد على ذلك كله أولا وآخرا .
[ وقال ابن جرير : الحمد لله ثناء أثنى به على نفسه وفي ضمنه أمر عباده أن يثنوا عليه
فكأنه قال : قولوا : الحمد لله ] .
قال : وقد قيل : إن قول القائل : ( الحمد لله ، ثناء عليه بأسمائه وصفاته الحسنى ،
وقوله : الشكر لله ثناء عليه بنعمه وأياديه ،
ثم شرع في رد ذلك بما حاصله أن جميع أهل المعرفة بلسان العرب
يوقعون كلا من الحمد والشكر مكان الآخر .
[ وقد نقل السلمي هذا المذهب أنهما سواء عن جعفر الصادق وابن عطاء من الصوفية .
وقال ابن عباس : الحمد لله كلمة كل شاكر ،
وقد استدل القرطبي لابن جرير بصحة قول القائل : الحمد لله شكرا ] .
وهذا الذي ادعاه ابن جرير فيه نظر ؛ لأنه اشتهر عند كثير من العلماء من المتأخرين
أن الحمد هو الثناء بالقول على المحمود بصفاته اللازمة والمتعدية ،
والشكر لا يكون إلا على المتعدية ، ويكون بالجنان واللسان والأركان ، كما قال الشاعر :
أفادتكم النعماء مني ثلاثة يدي ولساني والضمير المحجبا
ولكنهم اختلفوا : أيهما أعم ، الحمد أو الشكر ؟ على قولين ،
والتحقيق أن بينهما عموما وخصوصا ،
فالحمد أعم من الشكر من حيث ما يقعان عليه ؛ لأنه يكون على الصفات اللازمة والمتعدية ،
تقول : حمدته لفروسيته وحمدته لكرمه . وهو أخص لأنه لا يكون إلا بالقول ،
والشكر أعم من حيث ما يقعان عليه ،
لأنه يكون بالقول والعمل والنية ، كما تقدم ، وهو أخص ؛ لأنه لا يكون إلا على الصفات المتعدية ،
لا يقال : شكرته لفروسيته ، وتقول : شكرته على كرمه وإحسانه إلي .
هذا حاصل ما حرره بعض المتأخرين ، والله أعلم .
وقال أبو نصر إسماعيل بن حماد الجوهري : الحمد نقيض الذم ، تقول : حمدت الرجل أحمده حمدا ومحمدة ،
فهو حميد ومحمود ، والتحميد أبلغ من الحمد ، والحمد أعم من الشكر .
وقال في
الشكر : هو الثناء على المحسن بما أولاكه من المعروف ،يقال : شكرته ، وشكرت له . وباللام أفصح .
[ وأما المدح فهو أعم من الحمد ؛ لأنه يكون للحي وللميت وللجماد – أيضا – كما يمدح الطعام والمال ونحو ذلك ،
ويكون قبل الإحسان وبعده ، وعلى الصفات المتعدية واللازمة أيضا فهو أعم ] .
2- أنواع التوحيد الثلاثة
أ- الربوبية من قوله تعالى "
رَبِّ الْعَالَمِينَ "ب- الألوهية من قوله تعالى " إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ"
ج- الأسماء والصفات من قوله تعالى " الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ "
المضمون الثاني تحدث عن أهم مضامين الدين
وهي أنواع التوحيد كما هي مذكورة في الأعلى
مالمقصود بالتوحيد ؟
التوحيد لغة : مصدر وحد الشيئ إذا جعله واحداً
وشرعاً : إفراد الله بما يختص به من الربوبية والإلوهية والأسماء والصفات
ما المقصود بالربوبية ؟
الربوبية … أفعال متعلقة بالرب عزوجل وهي أفراد الله تعالى بأفعاله
وأيضاً هو إفراد الله بالخلق والملك والتدبير
ما المقصود الألوهية ؟
الألوهية … هي أفعال العباد للرب عزوجل وهي أفراد الله بأفعال العباد
وهو أيضاً هو إفراد الله تعالى بالعبادة
ما المقصود بالأسماء والصفات ؟
الأسماء والصفات … نؤمن بأسماء الله وصفاته
وأيضاَ هو إفراد الله بما له من الأسماء والصفات في كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم
من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل
أ- الربوبية من قوله تعالى " رَبِّ الْعَالَمِينَ "
لـ نتأمل في تفسيرها من كتاب السعدي
{ رَبِّ الْعَالَمِينَ }الرب, هو المربي جميع العالمين -وهم من سوى الله- بخلقه إياهم,
وإعداده لهم الآلات, وإنعامه عليهم بالنعم العظيمة, التي لو فقدوها, لم يمكن لهم البقاء.
فما بهم من نعمة, فمنه تعالى. وتربيته تعالى لخلقه نوعان: عامة وخاصة.
فالعامة: هي خلقه للمخلوقين, ورزقهم, وهدايتهم لما فيه مصالحهم, التي فيها بقاؤهم في الدنيا.
والخاصة: تربيته لأوليائه, فيربيهم بالإيمان, ويوفقهم له, ويكمله لهم, ويدفع عنهم الصوارف,
والعوائق الحائلة بينهم وبينه, وحقيقتها: تربية التوفيق لكل خير, والعصمة عن كل شر.
ولعل هذا [المعنى] هو السر في كون أكثر أدعية الأنبياء بلفظ الرب. فإن مطالبهم كلها داخلة تحت ربوبيته الخاصة.
فدل قوله { رَبِّ الْعَالَمِينَ } على انفراده بالخلق والتدبير, والنعم, وكمال غناه,
وتمام فقر العالمين إليه, بكل وجه واعتبار.
ب- الألوهية من قوله تعالى " إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ"
تفسيرها من كتاب السعدي
وقوله {
أي: نخصك وحدك بالعبادة والاستعانة
ج- الأسماء والصفات من قوله تعالى "
الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ "تفسيرها من كتاب السعدي
{الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}
اسمان دالان على أنه تعالى ذو الرحمة الواسعة العظيمة
التي وسعت كل شيء،وعمت كل حي،
وكتبها للمتقين المتبعين لأنبيائه ورسله.
فهؤلاء لهم الرحمة المطلقة،
ومن عداهم فلهم نصيب منها.
3- الرحمة
من قوله تعالى " الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ "
كما وضحنا سابقاً الآية نفسها تتضمن توحيد الأسماء والصفات
فالرحيم والرحمن أسمان من أسماء الله عزوجل
ومنهج أهل السنة والجماعة أثبات الأسماء والصفات
فنقول أسم الله الرحمن وصفته الرحمة
ونقول الرحيم وصفته الرحمة
ولكن ما الفرق بين الرحيم والرحمن ؟
الرحمن على وزن فعلان
وهي الرحمة الواسعة التي تشمل كل العالمين
الأنس والجن مسلمهم وكافرهم والطير والدابة
وكل شيئ .
الرحيم على وزن فعيل
وهي الرحمة الخاصة بالمؤمنين
لـ نتأمل تفسيرها من كتاب ابن كثير
{الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} اسمان دالان على أنه تعالى ذو الرحمة الواسعة العظيمة
التي وسعت كل شيء، وعمت كل حي، وكتبها للمتقين المتبعين لأنبيائه ورسله.
فهؤلاء لهم الرحمة المطلقة، ومن عداهم فلهم نصيب منها.
وأيضاً من كتاب القرطبي
قوله تعالى : الرحمن الرحيم وصف نفسه تعالى بعد رب العالمين ،
بأنه الرحمن الرحيم ; لأنه لما كان في اتصافه ب رب العالمين ترهيب قرنه ب الرحمن الرحيم ،
لما تضمن من الترغيب ; ليجمع في صفاته بين الرهبة منه ، والرغبة إليه ; فيكون أعون على طاعته وأمنع ;
كما قال : نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم . وأن عذابي هو العذاب الأليم .
وقال : غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول .
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال : لو يعلم المؤمن ما عند الله من العقوبة ما طمع بجنته أحد
ولو يعلم الكافر ما عند الله من الرحمة ما قنط من جنته أحد .
وقد تقدم ما في هذين الاسمين من المعاني ، فلا معنى لإعادته .
4- يوم الدين
من قوله تعالى " يَوْمِ الدِّينِ "
لماذا ذكر بالتحديد يوم الدين في سورة الفاتحة ؟
لماذا خصص ذكر يوم الدين في سورة الفاتحة ؟
لأن يوم الدين أعظم الأيام على الأطلاق فهو يوم الفصل والقضاء بين الخلائق
فلذلك جاء لـ التذكير به وبهذا اليوم وأن الجميع سوف يأول إليه
وأن مرجهم إليه ولذلك ذكر أهم الأيام على الإطلاق وهو يوم الدين .
لـ نتأمل سبب التخصيص من كتاب تفسير ابن كثير
وتخصيص الملك بيوم الدين لا ينفيه عما عداه ، لأنه قد تقدم الإخبار بأنه رب العالمين ،
وذلك عام في الدنيا والآخرة ، وإنما أضيف إلى يوم الدين لأنه لا يدعي أحد هنالك شيئا ،
ولا يتكلم أحد إلا بإذنه ، كما قال : ( يوم يقوم الروح والملائكة صفا لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا ) [ النبأ : 38 ]
وقال تعالى : ( وخشعت الأصوات للرحمن فلا تسمع إلا همسا ) [ طه : 108 ] ،
وقال : ( يوم يأت لا تكلم نفس إلا بإذنه فمنهم شقي وسعيد ) [ هود : 105 ] .
وقال الضحاك عن ابن عباس : مالك يوم الدين يقول : لا يملك أحد في ذلك اليوم معه حكما ، كملكهم في الدنيا .
قال : ويوم الدين يوم الحساب للخلائق ، وهو يوم القيامة يدينهم بأعمالهم إن خيرا فخير وإن شرا فشر ، إلا من عفا عنه .
وكذلك قال غيره من الصحابة والتابعين والسلف ، وهو ظاهر .
تفسيرها من كتاب السعدي
المالك: هو من اتصف بصفة الملك التي من آثارها أنه يأمر وينهى, ويثيب ويعاقب,
ويتصرف بمماليكه بجميع أنواع التصرفات, وأضاف الملك ليوم الدين, وهو يوم القيامة,
يوم يدان الناس فيه بأعمالهم, خيرها وشرها, لأن في ذلك اليوم, يظهر للخلق تمام الظهور,
كمال ملكه وعدله وحكمته, وانقطاع أملاك الخلائق. حتى [إنه] يستوي في ذلك اليوم,
الملوك والرعايا والعبيد والأحرار. كلهم مذعنون لعظمته, خاضعون لعزته, منتظرون لمجازاته,
راجون ثوابه, خائفون من عقابه, فلذلك خصه بالذكر, وإلا, فهو المالك ليوم الدين ولغيره من الأيام.
5- العبادة والإستعانة
من قوله تعالى "
لماذا ذكرت كلمة " إياك " ؟
وذلك لأنها تفيد التفرد وحصر العبادة
"إِيَّاكَ نَعْبُدُ" أي نعبدك يالله ولا نعبد غيرك
خلاصة سورة الفاتحة هي هذه الآية العظيمة
"إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ "
لأن تقديم المعمول يفيد الحصر, وهو إثبات الحكم للمذكور, ونفيه عما عداه.
فكأنه يقول: نعبدك, ولا نعبد غيرك, ونستعين بك, ولا نستعين بغيرك.
وقدم العبادة على الاستعانة, من باب تقديم العام على الخاص, واهتماما بتقديم حقه تعالى على حق عبده.
و { العبادة } اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأعمال, والأقوال الظاهرة والباطنة.
و { الاستعانة } هي الاعتماد على الله تعالى في جلب المنافع, ودفع المضار,
مع الثقة به في تحصيل ذلك.
والقيام بعبادة الله والاستعانة به هو الوسيلة للسعادة الأبدية,
والنجاة من جميع الشرور, فلا سبيل إلى النجاة إلا بالقيام بهما. وإنما تكون العبادة عبادة,
إذا كانت مأخوذة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مقصودا بها وجه الله.
فبهذين الأمرين تكون عبادة, وذكر { الاستعانة } بعد { العبادة }مع دخولها فيها,
لاحتياج العبد في جميع عباداته إلى الاستعانة بالله تعالى. فإنه إن لم يعنه الله,
لم يحصل له ما يريده من فعل الأوامر, واجتناب النواهي.
تفسيرها من كتاب البغوي
قوله: {إياك نعبد}
(( إياً )) كلمة ضمير خصت بالإضافة إلى المضمر ويستعمل مقدماً على الفعل؛
فيقال: إياك أعني، وإياك أسأل، ولا يستعمل مؤخراً إلا منفصلاً. فيقال: ما عنيت إلا إياك.
قوله: {نعبد}: أي نوحدك ونطيعك خاضعين، والعبادة الطاعة مع التذلل والخضوع
وسمي العبد عبداً لذلته وانقياده، يقال: طريق معبد أي مذلل.
{وإياك نستعين}: نطلب منك المعونة على عبادتك وعلى جميع أمورنا،
فإن قيل: لِمَ قَدَّم ذِكْر العبادة على الاستعانة والاستعانة تكون قبل العبادة؟
فلهذا يلزم من يجعل الاستطاعة قبل الفعل. ونحن بحمد الله نجعل التوفيق
(والاستعانة) مع الفعل، فلا فرق بين التقديم والتأخير.
ويقال: الاستعانة نوع تعبد فكأنه ذكر جملة العبادة أولاً ثم ذكر ما هو من تفاصيلها
———————————
إنتظروني مع الجزء الثالث والأخير
ولكنهم اختلفوا : أيهما أعم ، الحمد أو الشكر ؟ على قولين ، والتحقيق أن بينهما عموما وخصوصا ، فالحمد أعم من الشكر من حيث ما يقعان عليه ؛ لأنه يكون على الصفات اللازمة والمتعدية ، تقول : حمدته لفروسيته وحمدته لكرمه . وهو أخص لأنه لا يكون إلا بالقول ،والشكر أعم من حيث ما يقعان عليه ، لأنه يكون بالقول والعمل والنية ، كما تقدم ، وهو أخص ؛ لأنه لا يكون إلا على الصفات المتعدية ، لا يقال : شكرته لفروسيته ، وتقول : شكرته على كرمه وإحسانه إلي . هذا حاصل ما حرره بعض المتأخرين ، والله أعلم .
تسجيل حضور ومتابعةجزاكم الله خيرالدي سؤال في هذه القطعة بوركتم مجرد استيضاحلقد أسلفتم بأن الحمد أعم من الشكر من حيث ما يقعان عليهثم قلتم مرة اخرى والشكر اعم من حيث ما يقعان عليه، فكيف ذلك أخيتي ؟فلربما مقصودكم : والشكر أخص من حيث ما يقعان عليه لأنه لا يكون الا على الصفات المتعدية، أو والشكر أعم من حيث القول لأنه يكون بالقول والعمل والنيههل أنا أصبت أو أخطئت الفهم؟ وجزاكم الله خيرا تسجل متابعة
رائعة دائماً
بانتظاركِ
متميز الطرح وراقية الأفكــــار
جزاكِ الله خيرا وجعلك مُباركة أينما كنتِ
يا هلا وغلا بالغالية
نورتي
تفضلي ربما تفيدك هذه الاجابة هنا وتكون اوضح وافيد
ويستفيد منها الجميع ايضا
الفرق بين الحمد والشكر
الجواب :الحمد للهاختلف أهل العلم في الحمد والشكر هل بينهما فرق ؟ على قولين :القول الأول : أن الحمد والشكر بمعنى واحد ، وأنه ليس بينهما فرق ، واختار هذا ابن جرير الطبري وغيره .قال الطبري رحمه الله : " ومعنى( الْحَمْدُ لِلَّهِ ) : الشكر خالصًا لله جل ثناؤه ، دون سائر ما يُعبد من دونه …. " ، ثم قال رحمه الله بعد ذلك : " ولا تَمانُع [ أي : اختلاف ] بين أهل المعرفة بلغات العرب من الحُكْم لقول القائل : "الحمد لله شكرًا " بالصحة ، فقد تبيّن – إذْ كان ذلك عند جميعهم صحيحًا – أنّ الحمد لله قد يُنطق به في موضع الشكر ، وأن الشكر قد يوضع موضعَ الحمد ؛ لأن ذلك لو لم يكن كذلك ، لما جاز أن يُقال : " الحمد لله شكرًا " " انتهى من "تفسير الطبري" (1/138) .القول الثاني : أن الحمد والشكر ليسا بمعنى واحد ، بل بينهما فروق ، ومن تلك الفروق :1. أن الحمد يختص باللسان ، بخلاف الشكر ، فهو باللسان والقلب والجوارح .2. أن الحمد يكون في مقابل نعمة ، ويكون بدونها ، بخلاف الشكر لا يكون ، إلا في مقابل نعمة .قال ابن كثير رحمه الله – في معرض رده على كلام ابن جرير السابق – (1/32) : " وهذا الذي ادعاه ابن جرير فيه نظر ؛ لأنه اشتهر عند كثير من العلماء من المتأخرين : أن الحمد هو الثناء بالقول على المحمود بصفاته اللازمة والمتعدية ، والشكر لا يكون إلا على المتعدية ، ويكون بالجنان واللسان والأركان ، كما قال الشاعر :أفادتكم النعماءُ مني ثلاثةً … يدي ولساني والضميرَ المُحَجَّباولكنهم اختلفوا أيهما أعمّ الحمد ، أو الشكر على قولين ، والتحقيق أن بينهما عموماً وخصوصاً ، فالحمد أعم من الشكر من حيث ما يقعان عليه ؛ لأنه يكون على الصفات اللازمة والمتعدية ، تقول حمدته لفروسيته ، وحمدته لكرمه . وهو أخص لأنه لا يكون إلا بالقول ، والشكر أعم من حيث ما يقعان عليه ؛ لأنه يكون بالقول والفعل والنية ، كما تقدم . وهو أخص ؛ لأنه لا يكون إلا على الصفات المتعدية : لا يقال شكرته لفروسيته ، وتقول شكرته على كرمه وإحسانه إليّ ، هذا حاصل ما حرره بعض المتأخرين والله أعلم " انتهى .وعلى ذلك بنى أبو هلال العسكري تفريقه بين الأمرين ، قال رحمه الله :" الفرق بين الحمد والشكر: الحمد هو الثناء باللسان على الجميل ، سواء تعلق بالفضائل كالعلم ، أم بالفواضل كالبر .والشكر: فعل ينبئ عن تعظيم المنعم لأجل النعمة ، سواء أكان نعتا باللسان ، أو اعتقادا ، أو محبة بالجنان ، أو عملا وخدمة بالأركان .وقد جمعها الشاعر في قوله .. [ فذكر البيت السابق ]فالحمد أعم مطلقا، لانه يعم النعمة وغيرها، وأخص موردا إذ هو باللسان فقط ، والشكر بالعكس، إذ متعلقه النعمة فقط، ومورده اللسان وغيره .فبينهما عموم وخصوص من وجه ، فهما يتصادقان في الثناء باللسان على الإحسان ، ويتفارقان في صدق الحمد فقط على النعت بالعلم مثلا ، وصدق الشكر فقط على المحبة بالجنان لأجل الإحسان " . انتهى . " الفروق اللغوية" (201-202) .وقال ابن القيم رحمه الله "مدارج السالكين" (2/246) : " والفرق بينهما : أن الشكر أعم من جهة أنواعه وأسبابه ، وأخص من جهة متعلقاته ، والحمد أعم من جهة المتعلقات ، وأخص من جهة الأسباب .ومعنى هذا : أن الشكر يكون : بالقلب خضوعا واستكانة ، وباللسان ثناء واعترافاً ، وبالجوارح طاعة وانقيادا .ومتعلقه : النعم دون الأوصاف الذاتية ، فلا يقال : شكرنا الله على حياته وسمعه وبصره وعلمه ، وهو المحمود عليها كما هو محمود على إحسانه وعدله .والشكر يكون على الإحسان والنعم ، فكل ما يتعلق به الشكر يتعلق به الحمد من غير عكس ، وكل ما يقع به الحمد يقع به الشكر من غير عكس ، فإن الشكر يقع بالجوارح والحمد يقع بالقلب واللسان " انتهى .والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب