ويقول الله تعالى في كتابه العزيز(ألم نجعل لهعينين ولساناً وشفتين وهديناه النجدين)(البلد).
العين هي الدرةالثمينة التي لا تقدر بثمن، وقد سماها الله تعالى الحبيبة والكريمة، كما جاء فيحديث رواه البخاري والترمذي وابن حبان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن اللهعز وجل قال: إذا أخذت كريمتي عبدي ـ وفي رواية حبيبتي عبدي ـ فصبر واحتسب لم أرض لهثوابا دون الجنة".
وخلق العين من أعظم أسرار قدرة الخالق عز وجل، فهي برغم صغرهابالنسبة إلى كل المخلوقات من حولها، فإنها تتسع لرؤية كل هذا الكون الضخم بما فيهمن سماوات وأراضين وبحار وكل المخلوقات.
وحاسة البصر تأتي في المرتبة الثانيةمن الأهمية بعد السمع، فيقول تعالى: [ إنا خلقنا الإنسان مننطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا] (الإنسان 2)
والبصر مرآة الجسم،وآلة التمييز، وهو النافذة التي يطل منها على العالم الخارجي، ويكشف بها عن أسرارالأشكال والأحجام والألوان، وهو وسيلة الإنسان للإبصار والتفكر في خلق السماواتوالأرض والكائنات بشكل عام [ قل سيروا في الأرض فانظروا كيفبدأ الخلق ثم الله ينشئ النشأة الآخرة،إن الله على كل شئ قدير] ( العنكبوت 20)
ولأن العين كما قلنا أغلى ما يمتلكه الإنسان، فإنه من الواجب عليه أن يعتنيبها ويصونها ويدرأ بها عن أي سوء قد يصيبها.
ومن أهم الأمور التي تحفظ للعينصحتها وقوتها هو عدم استخدامها في معصية الله وهي النعمة التي أنعم علينا بهاسبحانه وتعالى، كإرهاقها بالنظر والتحديق إلى البرامج والأفلام المثيرة في جهاز "التلفاز"، والله تعالى يقول في كتابه الكريم:
[ إن السمعوالبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا] (الإسراء 36)
فلا يجب علىالمسلم أن يصرف حواسه ويستهلكها فيما لا يرضي الله وفيما لا يفيد، فالتحديق بالبصرفيما يجلب الفتنة والشهوة للنفس الإنسانية شيء يتنافى تماما مع الفطرة السليمة التيفطرنا الله عليها.
وقد روى الطبراني والحاكم عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنهقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ربه عز وجل: "النظرة سهم مسموم من سهامإبليس من تركها من مخافتي أبدلته إيمانا يجد حلاوته في قلبه".
العين من أعظم نعم الله على الإنسان فيجب علينا أن نستعملها بمايرضي الله تعالىغض البصر وأثره على صحة الإنسانوالسؤال الذي يطرح نفسه الآن هو:هل في غض البصر عن المحرمات أثر على صحةالإنسان ؟؟؟قد ثبت علميا بالأبحاث والدراسات الطبية أن تكرار النظربشهوة إلى الجنس الآخر وما يصاحبه من تولد رغبات جامحة لإشباع الغرائز المكبوتة، كلذلك يفضي بالشخص إلى مشاكل عديدة قد تصل إلى إصابة جهازه التناسلي بأمراض وخيمة مثلاحتقان البروستاتا، أو الضعف الجنسي وأحيانا العقم الكلي .
كما أثبتت بعضالدراسات الاجتماعية في المجتمعات الغربية أن عدم غض البصر يورث الاكتئاب والأمراضالنفسية، وأن التفسخ الأخلاقي والتحلل الجنسي في تلك المجتمعات إنما هي بعض مننتائج عدم وجود دستور ديني أو قيود أدبية أخلاقية ينظم عمل هذه الحاسة النبيلةويرشد استخدامها في الحياة بما يتوافق مع صحة الإنسان البدنية والنفسية.
فحاسةالنظر أقوى الحواس على الإطلاق من ناحية الاستجابة للإثارة الجنسية، ومعنى أنيستخدمها الإنسان بلا وعي ولا نظام في النظر على كل مثير للشهوة فإن هذا يعنيببساطة أن صاحبها يبددها دون أن يدري، ويتبعها في هذا تبديد توازنه النفسي وبلاطائل يجنيه سوى توهم المتعة بما يرى.
وخير علاج لمرض النظر الشهواني إلى الجنسالآخر هو تذكر الله في كل وقت، وتذكير النفس دائما أنه سبحانه وتعالى يرانا ولانراه، فأين لنا بمكان يمكن أن نعصيه فيه دون أن يرانا ؟؟؟ أين هو هذا المكان ؟!! ولنتذكر فضل الله وثوابه على من يغض البصر خشية له سبحانه واتباعا لأوامره.فقد قالرسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه أحمد والطبراني: " ما من مسلم ينظر إلىمحاسن امرأة ثم يغض بصره إلا أحدث الله له عبادة يجد حلاوتها في قلبه ".
يقول (س . أ) من إحدى المدن الساحلية: " كانت متعتي الوحيدة أيام شبابي في أوقات فراغي وفيالإجازات الصيفية الخروج إلى الطرقات وإلى شاطئ البحر مع بعض أصدقائي والنظر إلىوجوه الجميلات من الفتيات والنساء المتبرجات، فكنت أشعر بمتعة كبيرة في بادئ الأمر،ثم ومع مرور الوقت تحولت هذه الهواية لدي إلى ما يشبه الإدمان حتى أني تأخرت كثيرافي الدراسة، وكانت صور النساء اللاتي تقع عليهن عيناي تنطبع في ذاكرتي ولا تفارقهافي نومي واستيقاظي وأحلامي، وبدأت أحيا في عالم عجيب من اختلاط الواقعبالحلم".
"وفي الجامعة فشلت في إقامة علاقة زمالة واحدة مع أية فتاة كباقيأقراني، وازدادت حالتي النفسية سوءا وبدأت أتردد على الأطباء النفسيين وأعالجبالمهدئات حتى نصحني أحدهم بأن أتزوج بأي شكل"
"وفعلا تزوجت وظن الجميع بي كماظننت بنفسي أنى سأنتهي تماما من متاعبي، وأفرغ رغباتي المكبوتة بشكل فطري طبيعي،ولكن هيهات، فقد فوجئت ببرود رهيب لدرجة لم أتخيلها أبدا. واسودت الدنيا في عينيوكنت أبكي كالأطفال في كل ليلة "
"مع مرور الأيام عاد الهدوء إلى نفسي معالانتظام في قراءة القرآن والصلاة، وكان يوم قرأت في سورة النور [ قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم] يوما عظيما في حياتي، فقدأيقنت تماما أن هذا الكتاب لا يمكن أن يضعه إلا خالق هذا الكون، لقد أحببت اللهكثيرا منذ ذلك اليوم، وازددت حبا لكتابه الكريم، ذلك الكتاب الذي تلمس حروفهوكلماته كل حنايا النفس البشرية فتوجهها إلى النور والطهر والاستقامة، وعدت معطاعتي لله إلى حالتي الطبيعية.
المرجع:
كتاب موسوعةالعلاج بالعبادات والأعشاب- بقلم مجموعة من أهل التخصص
جزاكم الله خير ..
جزاك الله خير الجزاء