الزمان : في هذا الزمان ….
بداية الحكاية …
هي قصةٌ حقيقية .. وقعت لي عندما كنتُ مدعواً في ذاك المكان ..
كنت جالساً وبقربي طاعنٌ في السن ..
قد أعياه طولُ الزمان ..
وكان من حوله يجلس بعض الفتيان ..
وفي لحظةٍ من ذلك الزمان ..
قال الطاعن في السن للفتيان : اسمعوا فلدي قصةٌ طريفة من واقع
ماضي الزمان ..
فقالوا : اسمعنا ياوالدنا فكلنا لكَ آذان …
قال : يحكى أنه في وقتٍ مما مضى من الأزمان .. كانت هناك امرأةٌ
معروفةٌ بالحسن والجمال ..
كالوردة في البستان ..
تنافس عليها كل الأبطال وضحّى من أجلها الفرسان ..
لم تكن تدع الرجال يبلغوا منها ماأرادوا .. بل تفنيهم قبل
الإمكان ..
وفي يومٍ من الأيام قالت : إن من سأقابله اليوم هو زوجي ..
وإن كان من كان …
فخرجت …
الطاعن : هل أنتم معي يافتيان …
قالوا : نعم .. نعم .. فكلنا لك آذان ..
لمّا خرجت كان أول من استقبلت عصام ..
وهو من أفقر أهل المدينة لايملك قوت يومه ..
فقالت له : ياعصام أنا – إن أردت – لك زوجة بأقل الأثمان .. ومن
الآن ..
عصام : لاأصدق ياحسناء هل تهزئين بي ..
حسناء : لا ورب السماء … إنما حبُّ الستر والأمان..
عصام : ليس لدي مال !!.. ولكن سنذهب .. سنذهب إلى فلان فلن
يتوانى في مساعدتي ..
فذهبوا إلى فلان وهو أغنى من عرفه عصام .. ولاأغنى منه إلاّ
السلطان ..
عصام : يافلان سلامٌ عليك .. هذه حسناء زوجتي إنشاء الرحمن ..
ولكن هل تقرضني شياءً لتعمّ الفرحةُ أرجاء المكان ..
فنظر الغني فيها .. فقال في نفسه : أنا أحق من هذا الصعلوك بهذه
الحسناء ؛ أنا أملك المال والجاه …
فجاذب الغنيُّ عصام وقال : لن أعطيك شيئاً بل ستكون زوجتي وإن
جار الزمان …
احتدم الخلاف بين عصام والغني حتىبلغ إلى مأمور الجند ليفصل بين
النزاع …
فقال كل واحد منهما حجّته وشكايته ..
فقال المأمور : عليّ بالمرأة التي أججت النزاع ..وأضرمت النيران
..
فدخلت فرأى ذلك الحسنُ والجمال … وتلك الخطوات التي تدل على
كمال الدلال ..
فقال المأمور في نفسه : والله مارأت عيني مثلُ هذا الحسن ولاهذا
الجمال ..
وأنا المأمور ولن يعصني في الأرض إنسان ..
وهي لي من دون الصعلوك والغني الجبان فأنا حامي البلاد وواحدٌ من
الشجعان …
فجاذبهما المأمور ليظفر بها وتكون له زوجةً من دونهما ..
واشتعل النزاع .. حتى بلغ إلى ..
الفتيان : إلى من ياأيها الوالد .. إلى من ؟؟
الطاعن : رويدكم .. وصل الأمر إلى القاضي …
الفتيان : الحمد لله سينهى القاضي هذا النزاع ..
الطاعن: لاتستعجلوا ..
لمّا عرض الخصماء قضاياهم .. قال القاضي : إلىّ بتلك المرأة التي
أغوت الرجال .. أين هي ..؟؟
فدخلت حسناء .. ولها من التدلل غايته .. ومن الحسن منتهاه ..
فرأاها ودهش من جمالها .. ويئس من أن لايعلّق قلبه بها .. فدار
في نفسه مادار في أصحابه من قبل ..
فنازعهم عليها .. واشتد النزاع ..
قالوا : من الذي بقي كي يفصل هذا النزاع ..
قالت الحسناء بصوت التغنج والحنان : بقي مولاي السلطان .. عادل
الزمان ..
فذهب الفقير ( عصام ) والغني ( فلان ) والمأمور والقاضي إلى
مولاهم السلطان ..
وكلهم يظن أن ( حسناء ) ستكون له وإن طال الزمان …
ولكن لم يأتي السلطان بشيء جديد .. بل أسره هواها .. وقيّده
جمالها .. وأرادها من دونهم ..
اشتد الخصام بعد ذلك فكلهم يرجوها لنفسه … وفي وسط الخصام ..
وضجيج الهوام ..
صرخت حسناءُ فيهم وقالت : أتيتكم بالجواب .. والحل الصواب …
فتهاتفوا جميعاً بصوتٍ واحد : ماهو ياقمرَ الزمان …
قالت : اتبعوني إلى الأرض الفضاء عند بني ( خواء ) وعندها سيكون
الجواب …
ذهبوا جميعاً إلى هناك .. ووجدوها في الإنتظار ..
قالوا : أأمرينا ياقمر الزمان .. فكلنا طوعُ البنان ..
قالت : إني سأركض ركضا سريعاً .. فمن سيدركني أولاً فقد حاز
الرهان .. وأخذني معه إلى أي مكان ..
قالوا : رضينا .. وبالله المستعان …
الفتيان : هاااا .. مالذي حدث بعدها .. من الذي ظفر بها ..، نظنه
الفقيرلقلّة لحمه ..؟
الطاعن : لمّا ركضت الحسناء تبعها الرجال .. وكانت الحسناء سريعة
.. وبعد فترة غابت عنهم خلف تلٍّ في الأمام … فتتابعوا خلفها
.. هل تعلمونه ماذا وجدوا ..؟؟
الفتيان : ماذا ياترى ..؟؟
الطاعن : لقد كانت أمامهم هاوية سحيقة .. تجذبهم إليها .. فعلموا
إن الحسناء قد خدعتهم ليسقطوا في الهاوية ..
ولكن بعد فوات الآوان … فتدافع الأبطال في الهاوية واحداً تلوَ
الآخر حتى هلكوا …
هذي ياأيها الفتيان بكل اختصار هي ( الدنيا ) فقد فتنت وراءها
الفقير والغني والقاضي والسلطان .. وكثيرٌ من الناس .. فاحذروا
منها ولاتهلككم كما أهلكت غيركم .. هذه قصتي ..
ومنّي لكم السلام ..
انتهى الرجل الوقور من قصته .. وأنا شاردٌ عن هذا المكان …
أحوم حول الحسناء وقصتها مع السلطان … متعجبٌ من هذا الزمان
…
وأنا في تلك الحالة من السرحان إذا بصوتٍ يخترق المكان .. ويصمُّ
ألاذان ..
أن قوموا فقد حان وقت الطعام
منقووول……………