تخطى إلى المحتوى

كل الناس 2024.

كل الناس

استيقظ ( كل الناس ) علي صوت طرق عنيف علي باب منزله فقام وفتح الباب وعندها وجد أمامه شخصاً ملامحه مبهمة لا تنم عن شئ وإن كانت قد بعثت في قلبه مزيجاً من القلق والرهبة والنفور .. كان ذلك الشخص يرتدي عباءة سوداء تتطاير خلفه من جراء الرياح التي كانت شديدة في ذلك اليوم ..
حاول ( كل الناس ) أن يستنبط شيئاً من هيئته فلم يستطع فسأله : من أنت ؟؟! .. أجابــه الرجل بشئ من البرود : أنا ( الموت ) .. وصمت برهة ليتأمل وقع اسمه علي ملامح ( كل الناس ) ثم استطرد : جئت لآخذك معي ..
سأله ( كل الناس ) متعجباً : أفي هذا الوقت من الليل ؟
أجابه ( الموت ) بشئ من التهكم : وقت؟؟.. أي وقت ؟؟.. أنا لا أتقيد أبداً بوقت؟؟..
عاد ( كل الناس ) إلي الأسئلة مرة أخري قائلاً: نعم .. ولكن إلي أين ستأخذني ؟؟..
أجابه ( الموت ) وقد اكتست نبرة صوته بالجدية : إلي هناك .. وأشار إلي نقطة ما خلف ( كل الناس ) .
الأمر الذي جعله يلتفت ويلقي نظرة . فاذا بقبر عليه شاهداً يحمل اسمه وكان مشهداً انقبض له قلب ( كل الناس) فأشاح بوجهه عنه وهو يقول : أهذا مكاني ؟؟.. أجابه ( الموت ) وقد اكتسي صوته بالصرامة والحزم : نعم .. هو مكانك وينتظرك .. هيا بنا ..
استوقفه ( كل الناس ) وقد اعتلت وجهه علامات الرهبة وقال : انتظر .. أرجوك .. فأنا لا أستطيع أن آتي معك وحدي . وعليّ أن أحضر أصدقائي معي .
نظر إليه ( الموت ) بشئ من الشك والربية وظهرت على ملامحه إمارات التفكير ..
فاستطرد ( كل الناس ) وقد بدا صوته مختنقاً : أرجوك .. فأنا لا أستطيع أن أرحل بدونهم .
فأجابه ( الموت ) قائلاً :حسنا.. فلقد بقي لك من الوقت ما يكفي لتحضر أصدقائك ولكن …….
قالها وهو يجذب ( كل الناس ) إليه بقوة ويركز
علي عينيه .. ثم أكمل حديثه قائلاً : سأنتظرك في الساعة الحادية عشرة ونصف إلا أربعة دقائق .. لا تتأخر ..ولا تحاول الفرار …….
وهنا ابتسم ( الموت ) وسرعان ما تحولت ابتسامته إلي ضحكة عالية مدوية ..
وترك ( كل الناس ) في عنف وسار في اتجاه القبر وضحكاته تتعالي تشق سكون الليل وهويردد ساخراً :
يفر ؟؟.. يفر؟؟.. الفرار؟؟.. من يستطيع الفرار ؟؟
*********
تمالك ( كل الناس ) نفسه بصعوبة بالغة وأسرع ليبدأ رحلته وينادي أصدقائه وهو يفكر يذهب إلى من أولاً ؟؟.. ثم وجد الإجابة ..
نعم يبدأ بأقرب الأصدقاء إلي قلبه ..
ألا وهو **( المال )**
تسارعت خطوات ( كل الناس ) وهو يقترب من منزل صديقه (المال) .
******************************
1 – المــــال
===================
كان منزلاً مرصعاً بالأحجار الكريمة كل ما فيه نفيس وغالي
دخل ( كل الناس ) المنزل وسار حتي وصل إلي الباب وطرقه بقطعه من الماس معلقة عليه لهذا الغرض .
انتظر ( كل الناس ) بعض الوقت حتي فتح الباب وأطل منه ( المال ) يرتدي أفخر الثياب وممسكاً بسلسلة ذهبية يلفها حول إصبعه ..
اندفع ( كل الناس ) إليه قائلاً : صديقي ( المال ) .. أحتاجك .. أرجوك .. تعالي معي .
أجابه ( المال ) ببرود : أنا مشغول الليلة . عد في الصباح . وأغلق الباب .
————————————
خرج ( كل الناس ) وقد ظهر علي ملامحه مزيجاً من الأسي و الحسرة وخيبة الأمل ولكنه أخذ
يواسي نفسه قائلاً : لا.. لم يكن ( المال ) هو أقرب أصدقائي إليّ .. بل لم يكن صديقا بالمرة .. فأنا أتذكر إنه كثيرا ما كان يجعلني أخطئ وأرتكب المعاصي . لا .. ليس المال .. ليس المال .
***********************
ثم عاد ( كل الناس ) إلي التفكير قائلاً لنفسه : مَن مِن أصدقائي أذهب إليه الآن ؟…..
نعم .. إنه صديقي **( الجمال )** .
من المؤكد أنه سيأتي معي فإنه لم يخذلني قط كما أنه لم يفارقني لحظة .
أقبل ( كل الناس ) مسرعاً عندما لاح له منزل صديقه (الجمال ) من بعيد …
****************************
2- الجمــــال
=================
كان منزلاً رائعاً .. بل أكثرمن رائع . مشهده يسر الناظرين وتشعر وأنت تراه وكأنك في أجمل بقاع الأرض أسرع ( كل الناس ) الخطي ودخل ووقف أمام الباب ومن شدة جماله مكث لحظات يتأمله وكأنه شخص في أوج استمتاعه بالحياة وليس علي موعد مع ( الموت ) بعد وقت قليل .
أفاق ( كل الناس ) فجأة فاتجه ناحية باب المنزل وطرقه فخرج له صديقه ( الجمال ) وهو ممسكاً بمرآة ينظر إليها كلما مر بعض الوقت .
فأقبل عليه ( كل الناس ) وقال له : صديقي ( الجمال ) أريدك أن تأتي معي في أمر هام .
نظر إليه ( الجمال ) وقال : للأسف .. حان وقت فراقنا يا ( كل الناس ) ثم تركه ودخل إلي المنزل .
—————————————
خرج ( كل الناس ) يجر أذيال الخيبة وهو مندهشاً متسائلاً : كيف يخذلني ( الجمال ) ؟؟..
كيف وأنا كنت أتباهي به طيلة حياتي ؟؟..
لا إنه لم يكن صديقاً وفياً .. نعم .. فأنا أتذكر الآن كيف كان يخدعني ويعميني عن رؤية أشياء كثيرة خلفه .
لا لم يكن الجمال .. لم يكن الجمال .
**********************
وهنا أضاء عقل ( كل الناس ) عندما تذكر صديقاً له لم يقابله منذ فترة طويلة فقال : نعم .. هو
( الصحة ) صديقي فأنا لم أره منذ وقت طويل . لابد أنه اشتاق إلي كثيراً وسيسعد لرؤيتي .
وسار في طريقه متجهاً إلي منزل صديقه ( الصحة )
****************************
3- الصحـــــــة
====================
كان منزلاً عالياً راسخاً تشعر وأنت تنظر إليه بالقوة والطاقة .
وعندما وصل إليه ( كل الناس ) دلف مسرعاً وطرق الباب فسمع المزلاج يفتح بقوة ثم رأي صديقه ( الصحة ) يخرج ممسكاً
بأداة لتقوية عضلات اليدين .. فأسرع إليه قائلا : صديقي الحبيب .. أين أنت ؟؟.. أود أن أسألك معروفاً . أجابه (الصحة) بفتور واضح : ألم نفترق يا ( كل الناس ) منذ وقت طويل ؟؟..
ما الذي جعلك تتذكرني الآن ؟؟
ثم دخل وأغلق الباب بشدة .
———————————————
خرج ( كل الناس ) محبطاً مستاءاً من رد فعل صديقه وسار وهو يتذكر سنوات الطفولة والشباب وكيف كانا مرتبطان لا يفترقان سوي لبضعة أيام ثم يعودان إلي اللقاء مرة أخري .. وهنا ارتفع صوت ( كل الناس ) وهو يحدث نفسه قائلاً : ولكنه تخلي عني وتركني وذهب ولم يرجع إليّ مرة أخري .. نعم .. لقد تركني أصارع الأمراض ولم يأت لمساعدتي لم يكن من الصواب أن أثق به .
لا ..ليست الصحة .. ليست الصحة .
************************
وهنا قرر ( كل الناس ) أن يكون اختياره هذه المرة دقيقاً متأنياً وسأل نفسه : مَن الصديق الذي
أفاده طوال حياته وكانت صداقته مثمرة ؟؟
نعم .. نعم .. إنه صديقي ( المعرفة ) فهو كان دائماً يدفعني لأستزيد من العلم .. إنه هو .. واندفع ( كل الناس) نحو منزل صديقه ( المعرفة ) وهو يمني نفسه باستقبال حار .
****************************
4- المعرفـــــــة
===================
عندما وصل ( كل الناس ) إلي المنزل وجد الأوراق والكتب متناثرة هنا وهناك فمر من بينها حتي وصل إلي
الباب وطرقه ففتح له صديقه ( المعرفة ) وهو يرتدي نظارته الطبية ويمسك في يده كتاباً ضخماً .. ثم ما لبث أن نظر إليه وسأله من أنت ؟؟.. أسرع ( كل الناس ) مجيباً : إنه أنا ألا تعرفني ؟؟ أنا ( كل الناس) صديقك .. أجابه (المعرفة ) : نعم .. وماذا تريد ؟؟
قال ( كل الناس ) أريدك أن تذهب معي إلي مكان ما .
أجابه ( المعرفة ) دون أن ينظر إليه : لا أستطيع أن أذهب إلي أي مكان حتي أنتهي من هذا الكتاب ..
وداعا ..
وأسرع بالعودة إلي منزله .
***************************
حتي أنت يا صديقي ( المعرفة ) .. جملة نطقها ( كل الناس ) وهو يسير مبتعداً عن منزل صديقه
ثم أخذ يفكر فيما جري له وما أصبح فيه ثم قال لنفسه : لماذا لا أذهب إلي صديق قد طلبت منه شيئا قبل ذلك وحققه .. ؟؟
نعم إنه صديقي ( الصداقة ) ..
كيف لم أذهب إليه من قبل ؟؟ كيف لم أذهب إليه في أول الامر؟؟.. يجب أن أذهب إليه الآن .. وكفي ما ضاع من وقت ..
*****************************
5- الصداقـــــــــة
=====================
اتجه ( كل الناس ) مسرعاً إلي منزل ( الصداقة ) وكان منزلاً عادياً يشبه إلي حد كبير منزل ( كل الناس ) .. أسرع ( كل الناس ) إلي الباب وطرقه ففتح له وهو يقاوم النوم بصعوبة .. فأسرع إليه ( كل الناس ) قائلاً: أفق يا صديقي أرجوك فأنا في أشد الحاجة إليك وأنت طالما ساعدتني
أرجوك أفق .
نظر إليه صديقه ثم ما لبث أن ابتسم له وقال له : أهلا يا ( كل الناس ) .. كيف حالك ؟؟
استبشر ( كل الناس ) خيراً وقال له : حان ذهابي وأريدك معي . نظر إليه صديقه آسفا وقال له : معذرة يا صديقي .. أنا في غاية الأسف من أجلك يا ( كل الناس ) ولكن .. لم يحن وقت ذهابي بعد ..
ولن أستطيع أن أذهب معك الآن .
ثم ظل واقفاً حتي اختفي ( كل الناس ) عن نظره .. بعدها دخل منزله وأغلق وراءه الباب بهدوء .
******************************
أما ( كل الناس ) فقد سار بخطي بطيئة متثاقلة وهو يشعر شعوراً بشعاً بالهزيمة والوحدة
فجميع أصدقائه خذلوه ..
ماذا يفعل الآن ؟؟.. أيذهب وحده ؟؟
ارتجف قلبه عندما طرأت له فكرة الذهاب وحده .. فجلس علي أقرب مكان قابله منهاراً ودفن وجهه في كفيه وأخذ يبكي بحرقة علي موقف أصدقائه منه ..
ثم رفع ( كل الناس ) رأسه فجأة وقال في نفسه : لم يبق لي سوي صديق وحيد .. صديقي ( العمل الطيب ) ثم مسح دموعه وهو يقول : نعم .. سأذهب إليه فهو أخر أمل لي .. ونهض ( كل الناس ) وذهب إلي منزل صديقه (العمل الطيب) .
******************************
6 – العمل الطيــــــــــب
===========================
لم يكن المنزل باهظ التكاليف ولا يكمن جماله في شكله ولا تتركز قوته في طريقة بناءه .. ولكنك حين تنظر إليه ينشرح له قلبك وتشعر براحة نفسية لا تعرف مصدرها ..
عندما وصل ( كل الناس ) وجد باب المنزل مفتوحاً فدخل ولما رآه ( العمل الطيب ) أوى إليه واحتضنه وقال : أهلاً يا صديقي العزيز كان يجب أن تأتي إليّ منذ البداية .. سأله ( كل الناس ) مندهشا : هل عرفت ؟؟.. أجابه صديقه ( العمل الطيب ) مبتسماً : نعم .. نعم يا صديقي .. فأنا لا أتركك أبداً .
ولا يمكن يوم أن أتخلي عنك
هنا تشجع ( كل الناس ) وقال له: هل أستطيع أن أطلب منك شيئا ؟؟.. أجابه ( العمل الطيب ) مسرعاً : اطلب كما تشاء .. قال ( كل الناس ) أريدك أن تأتي معي …
قال ( العمل الطيب ) : حسنا ..حسنا .. هيا بنا .
تعجب ( كل الناس ) وقال : ألا تريد أن تعرف إلي أين ؟؟
ابتسم ( العمل الطيب ) ابتسامة هادئة ثم أجابه قائلاً : إلي أي مكان يا صديقي .. سأتي معك في أي مكان تذهب إليه .. هيا بنا .
وسارا معا حتي اختفيا في الظلام ..
وهنا أعلنت الساعة الحادية عشرة ونصف إلا أربعة دقائق .
******************************
– تمت بحمد الله –
غادة أحمد جاد
1996 م
شكرا لاختيارك
سطور فيها عبر علها تعبر بنا الى دار السلام

جزاك الله خيرا ووفقك لما يحب ويرضى

رائعة … مؤثرة … وخلفها معان ثمينة…………………………………..

جزاك الله خيرا

لاكي كتبت بواسطة sara17 لاكي
شكرا لاختيارك
سطور فيها عبر علها تعبر بنا الى دار السلام

جزاك الله خيرا ووفقك لما يحب ويرضى

أختي .الغالية . بارك. الله. فيك. ولك .جزاك .الله .خيرا.على .مرورك. وردك.

لاكي كتبت بواسطة ذات النهى لاكي
رائعة … مؤثرة … وخلفها معان ثمينة…………………………………..

جزاك الله خيرا

جزانا و. وإياكي . أختي. الحبيبة .دمتي .لي .متواصلة . دائما . بارك . الله . فيك

الوسوم:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.