قوله صلى الله عليه وسلم :
(( ما من امرئ مسلم تحضره صلاة مكتوبة
فيحسن وضوءها وخشوعها وركوعها
إلا كانت كفارة لما قبلها من الذنوب ما لم يؤت كبيرة وذلك الدهر كله ))
صحيح مسلم
كما قال صلى الله عليهو سلم :
(( إن العبد ليصلي الصلاة ما يُكتب له منها إلا عشرها ، تسعها ، ثمنها ، سبعها، سدسها ، خمسها ، ربعها ، ثلثها ، نصفها )(
(صحيح أبي داود )رواه الإمام أحمد والبيهقي و أبي داود وأخرجه ابن حبان في صحيحه
وورد في صحيح الجامع بلفظ (( إن الرجل لينصرف و ما كتب له إلا عشر صلاته تسعها ثمنها سبعها سدسها خمسها ربعها ثلثها نصفها )( .
كما جاء عن ابن عباس رضي الله عنه:((ليس لك من صلاتك إلا ما عقلتمنها)(
كما قال النبي صلى عليه وسلم :
((إن العبد إذا قام يصلي أُتيبذنوبه كلها فوضعت على رأسه وعاتقيه فكلما ركع أو سجد تساقطت عنه)(.
(رواه البيهقي ) ( صحيح – صحيح الجامع)
قال المناوي : المراد أنه كلما أتم ركناً، سقط عنه ركن من الذنوب ، حتى إذا أتمها تكامل السقوط ، وهذا في صلاة متوفرة الشروطوالأركان والخشوع
كما يؤذن به لفظ " العبد " و" القيام " إذ هو إشارة إلى أنه قامبين يدي ملك الملوك مقام عبد ذليل ".
أن الخاشع في صلاته "إذا انصرف منها وجد خفّة من نفسه ، وأحس بأثقال قد وضعت عنه ، فوجد نشاطا وراحةوروحا ، حتى يتمنى أنه لم يكن خرج منها ، لأنها قرّة عينه ونعيم روحه ، وجنة قلبه ،ومستراحه في الدنيا ، فلا يزال كأنه في سجن وضيق حتى يدخل فيها ، فيستريح بها ، لامنها ،
فالمحبون يقولون : نصلي فنستريح بصلاتنا ،
كما قال إمامهم وقدوتهم ونبيهمصلى الله عليه وسلم :
( يا بلال أرحنا بالصلاة ) ولم يقل أرحنا منها .
وقال صلى الله عليه وسلم : ( جعلت قرةعيني بالصلاة )
فمن جُعلت قرّة عينه في الصلاة ، كيف تقرّ عينه بدونها وكيف يطيقالصبر عنها ؟
(من كتاب الوابل الصيّب لابن القيم)
أمر الخشـــوع
أمر الخشوع كبير ، وشأنه خطير ،
ولا يتأتى إلا لمن وفقه الله لذلك ،
وحرمان الخشوع مصيبة كبيرة و خطب جلل
ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في دعائه :
والخاشعون درجـــات ،
و الخـشــوع : من عمل القلب يزيــد و ينـقــص
فمنهم من يبلغ خشوعه عنــان السماء ،
ومنهم من يخرج من صلاته لم يعقل شيئا .
والناس في الصلاةعلى مراتب خمسة
أحدها : مرتبة الظالملنفسه المفرط
وهو الذي انتقص من وضوئها ومواقيتها وحدودها وأركانها.
الثاني : منيحافظ على مواقيتها وحدودها وأركانها الظاهرة ووضوئها ،
لكنه قد ضيّع مجاهدة نفسهفي الوسوسة ، فذهب مع الوساوس والأفكار.
الثالث : من حافظ على حدودها وأركانها وجاهد نفسه في دفعالوساوس والأفكار ، فهو مشغول بمجهادة عدوه لئلا يسرق صلاته ، فهو في صلاة و جهاد.
الرابع : من إذا قام إلى الصلاة أكملحقوقها وأركانها وحدودها ، واستغرق قلبه مراعاة حدودها وحقوقها لئلا يضيع شيئا منها ، بل همه كله مصروف إلى إقامتها كما ينبغي وإكمالها وإتمامها ، قد استغرق قلبه شأنالصلاة وعبودية ربه تبارك وتعالى فيها.
الخامس : من إذا قام إلى الصلاة قام إليها كذلك ،
ولكن معهذا قد أخذ قلبه ووضعه بين يدي ربه عز وجل ، ناظرا بقلبه إليه ، مراقبا له ، ممتلئامن محبته وعظمته ، كأنه يراه ويشاهده ، وقد اضمحلت تلك الوساوس والخطرات ، وارتفعتحجبها بينه وبين ربه ، فهذا بينه وبين غيره في الصلاة أعظم مما بين السماء والأرض ،
وهذا في صلاته مشغول بربه عز وجل قرير العين به.
فالأول معـــاقب ،
والثاني محــاسب ،
والثالث مكفـّر عنه ،
والرابع مثـــاب ،
والخامس مقــرّب من ربّه ، لأن له نصيبا ممن جُعلت قرّة عينه فيالصلاة،
فمن قرّت عينه بصلاته في الدنيا ،
قرّت عينه : بقربه من ربّه عز وجل فيالآخرة ، وقرّت عينه أيضا به في الدنيا ،
ومن قرت عينه بالله ، قرّت به كل عين ،
ومنلم تقرّ عينه بالله تعالى : تقطعّت نفسه على الدنيا حسرات "
( الوابل الصيب لابن القيم الجوزية)