السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وعادت البسمة
ما أجمل أن ترى أثراً لك على من حولك،
ما أجمل أن تفلح في رسم البسمة على وجه مكدود، مهموم ، قد غرق بدموعه.
في أيام البرد القارصة بعد أن مضى يومان على امتحان الطالبات،
وفي هدأة الضحى في تمام الساعة العاشرة صباحاً.
جاءت إلى مكتبي وهي متوشحة شالاً لها تتقي به البرد،
جاءتني على وجهها الحزن، جاءتني تبكي وترتجف من البرد ومما بها من هم،
طلبت منها أن تجلس وتهدأ وتحكي عن الذي أهمها، لم تستطع الحديث من البكاء،
فأحضرت لها منديلا كي تمسح دموعها، وأن تهدأ لأستطيع أن أفهم منها شيئاً.
قالت: أستاذتي أريد أن أؤجل الفصل القادم فأنا لا أستطيع المواصلة.
قلت لها: كيف وأنت في السنة الأخيرة. لم يبق لك إلا فصلاً وتنتهي من الدراسة.
قالت: أستاذتي أنا لا أنام الليل إلا بعد أن يقرأ عليّ والدي سورة البقرة،
أستاذتي أنا لا أدري ما الذي دهاني، فاستعبرت وبكت.
قلت: أشرحي لي مابك،
قالت: أطرافي ترتجف، أن جسمي قد انتثرت فيه الحبوب،
أشعر بحكة في جسمي، أحس بورم في حلقي، ينتقل من جهة إلى جهة.
قلت: هل راجعت الطبيب.
قالت: أجريت فحوصات كاملة وشاملة، على الدم ، وعلى الغدد، ووو الخ.،
والفحوصات كلها سليمة.
قلت: أنا أختك الكبيرة، وأن شئت في مقام والدتك. أخبريني بماذا تفكرين.؟
فأجابت دموعها وصمت لسانها،فأطرقت وبكت.
قلت: اسمعي مني يا ابنتي ، أن الشيطان ينتظر من ابن آدم لحظات ضعف، ليبث سمومه،
ويدخل الحزن في قلب فريسته، فهو يتربص بابن آدم ليعرف من أي باب يدخل عليه ،
أمن باب العقيدة، أم من باب العبادة، أم من باب الشهوات، أم من باب الصحة وهكذا.
إن الشيطان يا ابنتي لا يرضى من ابن آدم سوى الشرك بالله،
يأتيه في بداية الأمر ليتفكر في مخلوقات الله وهذا أمر مطلوب وله فوائد عديدة تزيد من إيمان العبد،
ولكن الشيطان ينتظر من ابن آدم لحظة غفلة لينقله من التفكر في مخلوقات الله إلى التفكر في ذات الله وفرق بين الاثنتين،
فالأولى مأمورون بها، والأخرى قد نهينا عنها.
قد حدث هذا يا ابنتي للصحابة رضوان الله عليهم،
وقالوا: يا نبي الله أرأيت أشياء يوسوس بها الشيطان في صدورنا لأن يخر أحدنا من الثريا أحب إليه من أن يبوح به.
( قَالَ « وَقَدْ وَجَدْتُمُوهُ ». قَالُوا نَعَمْ. قَالَ « ذَاكَ صَرِيحُ الإِيمَانِ ».)
ومعنى ( « ذَاكَ صَرِيحُ الإِيمَانِ » أن صريح الإيمان هو الذي يمنعكم من قبول ما يلقيه الشيطان في أنفسكم والتصديق به،
وليس معناه أن الوسوسة نفسها صريح الإيمان، وذلك أنها إنما تتولد من فعل الشيطان وتسويله، فكيف يكون إيماناً صريحاً.)
يقول ابن القيم في الزاد: ( وأُرشد من بلي بشيء من وسوسة التسلسل في الفاعلين،
إذا قيل له : هذا الله خلق الخلق فمن خلق الله.؟ أن يقرأ: { هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (3) الحديد.
كذلك قال ابن عباس لأبي زميل سماك بن الوليد الحنفي وقد سأله : ما شيء أجده في صدري ؟
قال: ما هو.؟ قال: قلت: والله لا أتكلم به قال: فقال لي: أشيء من شك.؟
قلت: بلى. فقال لي: ما نجا من ذلك أحد حتى أنزل الله عز و جل: { فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرؤون الكتاب من قبلك }
قال: فقال لي: فإذا وجدت في نفسك شيئا فقل: { هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (3) الحديد.
وقال صلى الله عليه و سلم: ( لا يزال الناس يتساءلون حتى يقول قائلهم: هذا الله خلق الخلق فمن خلق الله.؟
فمن وجد من ذلك شيئا فليستعذ بالله ولينته.) وقد قال تعالى: { وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (200) الأعراف.
_ فمدت يدها للمناديل لتجفف دموعهاـ ، فسألتها: هل ترغبين في إيقاف الحديث.
قالت: بل إن لم أكن أثقلت عليك، فأنا بحاجة شديدة أن تكملي يا أستاذتي.
قلت: إن لم نقف معك في مثل هذا الوقت، فمتى نقف معك.
فإن لم يفلح يا ابنتي من باب العقيدة ذهب إلى باب العبادة، يبدأ يوسس له في عبادته،
إن كان وضوءاً يشككه في غسل أعضائه هل غسلها أم نسيها، هل توضأ أم لا ،
عدد المرات التي غسل بها أو مسح بها ، بل إن الأمر يتطور حتى لا يشعر بمرور الماء على يديه،
ولقد قابلت نساء بمثل هذه الحالة بل دخلت معها إلى مكان الوضوء
لأكون شاهدةً لها على نفسها أنها قد أبلغت الماء على أعضائها فتشك في ذلك،
فقلت دورة المياه مأوى الشياطين فخرجت بها إلى سطح الدار لأسكب عليها الماء،
وأراها بعيني تعرك يديها ثم تقول لي: أنا لا أحس بالماء،
فقلت لها: قد رفع الآن عنك القلم، لأن ما تفعلينه جنوناً.
يقول ابن القيم في كتابه القيم ( إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان) :
(وهؤلاء يغسل أحدهم عضوه غسلا يشاهده ببصره،
ويكبر ويقرأ بلسانه بحيث تسمعه أذناه ويعلمه بقلبه بل يعلمه غيره منه ويتيقنه،
ثم يشك هل فعل ذلك أم لا، وكذلك يشككه الشيطان في نيته وقصده التي يعملها من نفسه يقينا،
بل يعلمها غيره منه بقرائن أحواله، ومع هذا يقبل قول إبليس في أنه ما نوى الصلاة ولا أرادها
مكابرة منه لعيانه وجحدا ليقين نفسه حتى تراه متلددا متحيرا كأنه يعالج شيئا يجتذبه أو يجد شيئا في باطنه يستخرجه،
كل ذلك مبالغة في طاعة إبليس وقبول وسوسته، ومن انتهت طاعته لإبليس إلى هذا الحد فقد بلغ النهاية في طاعته،
ثم إنه يقبل قوله في تعذيب نفسه ويطيعه في الإضرار بجسده، تارة بالغوص في الماء البارد،
وتارة بكثرة استعماله وإطالة العرك وربما فتح عينيه في الماء البارد وغسل داخلهما حتى يضر ببصره،
وربما أفضى إلى كشف عورته للناس، وربما صار إلى حال يسخر منه الصبيان ويستهزيء به من يراه،
….عن أبي الوفاء بن عقيل أن رجلا قال له: أنغمس في الماء مرارا كثيرة وأشك، هل صح لي الغسل أم لا فما ترى في ذلك.؟
فقال له الشيخ: اذهب فقد سقطت عنك الصلاة. قال: وكيف!!؟
قال: لأن النبي صلى الله عليه و سلم قال: ( رفع القلم عن ثلاثة المجنون حتى يفيق والنائم حتى يستيقظ،
والصبي حتى يبلغ ومن ينغمس في الماء مرارا ويشك هل أصابه الماء أم لا فهو مجنون.)
يا ابنتي الشيطان إن لم يفلح في الوضوء لجأ إلى الوسوسة في الصلاة ونيتها وعدد ركعاتها وسجودها ووو.
_ ولولا خشية الإطالة عليكِ أيتها القارئة لذكرت لك من أمر تلك الفتاة مع الصلاة ما ينقضي منه العجب،
فالحمد لله الذي عافانا مما ابتلاهم به وفضلنا على كثير ممن خلق تفضيلا _
قال عثمان بن أبي العاص: يا رسول الله إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي وقراءتي يلبسها علي، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم:
( ذاك شيطان يقال له : خنزب فإذا أحسسته فتعوذ بالله منه واتفل عن يسارك ثلاثا ) قَالَ فَفَعَلْتُ ذَلِكَ فَأَذْهَبَهُ اللَّهُ عَنِّى.) .
و إن لم يفلح يا ابنتي في ذلك يوسس لابن آدم في صحته،
حتى من كثرت ما يورد عليها من الوساس تتوهم أن الألم الذي ألم بها عضوياً وهو ليس كذلك،
فيوماً تشتكي رأسها، ويوماً يهجر النوم عينها، ويوماً تشعر بنغزات في جسدها يمينا وشمالاً ،
ويوماً تشعر بدوران في رأسها، فتنفق عمرها بالتردد على الأطباء حتى يملوها ويملها أقربوها.
ومن الناس من يشككهم فيمن حولهم أنهم سيصيبوه بعين أو حسد أو يسحروه،
حتى يفسد علاقته بالآخرين ويوجس من خلطتهم خيفة. فيكون دائماً شكاكاً متحيراً قلقاً.
اتكلي على الله يا ابنتي واعلمي أن شفاءك بيد الله سبحانه ثم بيدك أنت،
لابد أن تكوني قوية مع نفسك ولا تستسلمي للشيطان واستعيني بالله على دفعه،
تقربي إلى الله بالطاعات وبالصدقة، لا تجلسي لوحدك خاصة في هذه الفترة،
ألجئي إلى الله وألحي عليه بالدعاء بأن يعينك على نفسك وعلى الشيطان.
وأتمي امتحاناتك يا ابنتي ، وفي آخر يوم منها أود أن أراك.
بعدما ذهبت دعوت لها من كل قلبي بأن يعينها الله، إنها مرحلة صعبة، يجب أن تنجح في اجتيازها،
واعتقد أن هذه مرحلة تأتي لكثير من الناس ولكنها تذهب عنهم أو تشتد بحسب قوة الأشخاص ويقينهم بالله وإيمانهم.
وجاء اليوم الأخير من أيام الامتحانات فإذا بها تطرق باب مكتبي،
وقد دخلت ابتسامتها قبلها وقد غطت وجهها بشالها حياء مني وهي تقول لي في خجل: لا أدري ماذا أقول لك.!؟
إنني خجلة منك مما قلته لك فيما سلف.
قلت لها: دعينا من هذا الكلام، المهم كيف حالك الآن .؟
قالت: ولله الحمد والمنه، لقد نبهتيني على أشياء كثيرة،
وبفضل الله ثم بفضلك لم أعد أشعر بما كان بي سابقاً.أصبحت أنام قريرة العين، وصحتي تتحسن يوماً بعد يوم..
ثم تمتمت وقالت: لكني أخاف أن يعود… قاطعتها قائلة لها: احذفي كلمة أخاف من حديثك،
وكوني مؤمنة قوية « الْمُؤْمِنُ الْقَوِىُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ)
فمتى وجد الشيطان منك لحظة ضعف عاد، كوني قوية يا ابنتي.
فخرجت وقد ودعتني بابتسامة سررت بها كثيراً ،
حينها قلت في نفسي:ما أجمل أن يفلح العبد في إدخال السرور على قلب أخيه المسلم
وتذكرت قول رسول الله – صلى الله عليه وسلم –
(من أفضل الأعمال إدخال السرور على المؤمن تقضي عنه ديناً، تقضي له حاجة، تنفّس له كربة)
اللهم وفقنا لفعل ما فيه صلاح لنا ولأمتنا. آمين.
:
و السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بقلم امي الغالية : البآسقة .
::
ماشاءلله تبارك الله
دراااااااااااااااائع ماخطت يداها
بورك فيكِ همتنا الغالية
وجزاء الماما خير الجزاء
اللهم وفقنا لفعل ما فيه صلاح لنا ولأمتنا. آمين.
آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآمين
نورتي روضتنا يالحبيبة
::
حيآك الله ياغالية وجزآك خيراً على مرورك المُعطر ^_^
النور نورك حبي لك ()
النور نورك حبي لك ()
.،
مداادٌ رائعٌ وقيّم واللهْ ..
كلّ ما سطّر فيه وما ذُكر في ثنايا الحديثُ يدل على عقليّة
المؤمن المسلم المسلّم أمره لله الواعيْ ..
ربي يبارك في " الماما الباسقَة " ويجزيها خيراً على ماكتبت ..
بالفعل الشيطانْ ينتظر من الإنسانْ لحظَة ضعف ليجدها
منفذ لهْ ..
،
,
لله درّ الأمّ والبنتْ
حباكمُ الله منْ فَضْلِه أتعلمين رفيقة دربي
قرأتُ مرّة من أرادَ أنْ يَصنَع يوماً جميلاً له عدّة أمور من بينهَا
أن يَرسمَ ابتسامة على 3 أشخاصٍ تَقريباً
بحقّ الغمام يدنو منّا حينَ
نزرعُ ابتسامة نَحصدها رسماً على الخُدودْ
دافئة وأمّكِ يَا وردْ
,