ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بـســم الله الـــرحـمــن الرحيـــــم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
العفو عن الناس إذا أساؤوا إليك كله محمود ، وخصوصاً مـن
لهم حق متأكد من ولادة وقرابة وصداقة ونحوها، وأخص من
ذلك من كانت إساءتهم إليك صادرة عن مقصد حسن هــو فيه
غالط في أصله أو في مقداره ، وكان بعضهم يقول : كـل مــن
أساء إليّ بقول أو فعل أو اعتراض ، وقصده بذلك وجـه الله ،
أو كــان قصده مشوباً بعضه لله وبعضه تبع لغرض النفس ؛
فهو منِّي في حلٍّ ، وقـــد سامحته لله الذي للمسيء إليّ نوع
احتساب ، وإن كان مخطئاً أو مزوراً عليه أو بانياً على قول
الطائفة التي قد عرفت بالاعتراض عليَّ؛ فكل هذه الأقسام
قد سامحته لله علمت بإساءته أو جهلتها .
وأمــا من ليس له من المقاصد إلا الأغراض النفسية والعدوان
المتمحض الذي يعلمه من نفسه؛ فهذا لا أقابله بإساءته وأمره
إلى الله ، ومن وصل إلى هذه الحالة ؛ فليحمد الله علــى هـــذه
النعمة الكبرى، وعلى راحة الضمير، وعلى كثرة ما يجني من
الخير ، وعلى ما يرجى له من جزاء ربه له ومعاملته لـــه ،
وأنه يرجى أن يكمل الله له النواقص ويعفو عما مزج فيه
العبد أغراضه وشهواته النفسية مع داعي الإخلاص .
ويستثنى مــن هــــذا الأصل العفو عن المجرم المفسد المتمرد
الذي العفو عنه مما يزيده في عتوِّه وتمرده؛ فالواجب في مثل
هـذا الردع والزجر بكل ممكن ، ولعل هذا يؤخذ من القيد الذي
ذكره الله بقوله ( فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ ) الشورى : 40 ؛ فشرط
الله أن يكون العفو فيه صلاح ، فأما العفو الذي لا صلاح
فيه ، بل فيه ضده ؛ فهو منهي عنه . والله أعلم .
كتاب : مجموع الفوائد واقتناص الأوابد ( ص 56 )
للشيخ عبد الرحمن السعدي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
رااااائع