أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له المتفرد بالوحدانية والكبرياء والسلطان، الذي له كل اسم حسن ووصف جميل وهو الرحيم الرحمن، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله المبعوث إلى الإنس والجان، اللهم صل وسلم وبارك على محمد وعلى آله وعلى أصحابه والتابعين لهم بإحسان. أخي المسلم.. أختي المسلمة
أحيكم بتحية أهل الجنة…
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد:
فهذه الرسالة الرابعة من رسائل ( سلسلة الدين النصيحة ).
يأتي صدورها في وقت غفل كثير من المسلمين عن معرفة حقوق المصطفى ، ومن هذه الحقوق الصلاة والسلام عليه وآله وصحبه.
قال الإمام ابن القيم رحمه الله:
ومن ثمرة الصلاة عليه :
أن الصلاة عليه أداءٌ لأقل القليل من حقّه، وشُكرٌ له على نعمته التي أنعم الله بها علينا، مع أن الذي يستحقه من ذلك لا يُحصى علماً ولا قدرة ولا إرادة، ولكن الله سبحانه لكرمه رضي من عباده باليسير من شُكرِه أداءُ حَقِه.
وقبل البدء في هذا الموضوع فهذه نبذة مختصرة من السيرة العطرة للرسول .
هو خير أهل الأرض نسباً على الإطلاق، فلنسبه من الشرف أعلى ذروة، وأعداءه كانوا يشهدون له بذلك، ولهذا شهد له به عدوه إذ ذاك أبو سفيان بين يدي ملك الروم.
فهو محمد بن عبدالله، بن عبد المطلب، بن هاشم، بن عبد مناف، بن قصي، بن كلاب، بن مرة، بن كعب، بن لؤي، بن غالب، بن فهر، بن مالك، بن النضر، بن كنعان، بن خزيمة، بن مدركه، بن إلياس، بن مضر، بن نزار، بن معد، ابن عدنان.
ولد في جوف مكة عام الفيل وتوفي والده وهو حَملٌ، وماتت أمه آمنة بنت وهب بين مكة والمدينة ( الأبواء ) ولم يستكمل سبع سنين، وكفله جده عبدالمطلب ثم توفي ولرسول الله ثمان سنين وقيل غير ذلك.
ثم كفله عمه أبو طالب.. فلما بلغ خمساً وعشرين سنة، خرج إلى الشام في تجارة… فتزوج عقب رجوعه بخديجة بنت خويلد وهي أول امرأة تزوجها… فلما كمل له أربعون، أشرق عليه نور النبوة، وأكرمه الله تعالى برسالته، وبعثه إلى خلقه، واختصه بكرامته، وجعله أمينه بينه وبين عباده، ولا خلاف أن مبعثه كان يوم الإثنين لثمانٍ مضين من ربيع الأول، سنة إحدى وأربعين من عام الفيل على قول الأكثر.
وأقام بعد ذلك ثلاث سنين يدعو إلى الله سبحانه وتعالى مستخفياً، ثم بعد ذلك أعلن بالدعوة، وجاهره قومه بالعداوة، واشتد الذى عليه وعلى المسلمين، حتى أذن الله لهم بالهجرتين.
فقد عانى وتحمل رسول الله في تبليغ رسالة ربه وإيصالها إلى الناس بالمشقة والعناء الذي لا يكاد يوصف، فقد اتُّهم بالجنون والسحر، والكذب، والشعر…الخ.
وكذلك فقد أوذي في جسده الشريف الطاهر فقد شُجَّ جبينه، وكسرت رباعيته، وأُدميت كعبيه، ووضع سلى الجزور – ما يخرج من الناقة بعد الولادة – على ظهره وهو ساجد يصلي، وقد أُتُّهم بعرضه، ولم يكتفوا بذلك بل طردوه من بلده مكة، وعُذب أصحابه رضي الله عنهم وأتاه الأذى من أقرب الناس إليه، صبر واحتسب أجره على الله وبلَّغ رسالة ربه إلى الثقلين وجاهد في الله، وعلَّم الناس الخير حتى أتاه اليقين، فجزاه الله خير ما جزى نبي عن أمته.
معنى الصلاة على النبي
صلاة الله على نبيه : قيل: ثناؤه عليه عند ملائكته، وقيل رحمته له، وقيل تعظيمه له، عليه الصلاة والسلام.
ومعنى صلاة الملائكة عليه: الدعاء له بالبركة. وقيل معناها رقة واستدعاء للرحمة من الله.
ومن الناس: الدعاء، فمعناه اللهم عظم محمداً في الدنيا بإعلاء ذكره وإظهار دعوته وإبقاء شريعته، وفي الآخرة بتشفيعه في أمته وإجزال أجره ومثوبته، وإظهار فضله للأولين والآخرين بالمقام المحمود، وتقديمه على جميع المقربين وأهل الشهود.
من البخيل؟؟
عن علي قال: قال رسول الله : { البَخيِلُ مَنْ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ، فَلَم يُصَلِّ عَلَيَّ } [رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح].
صلاتنا تبلغ النبي حيث كنا
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله :{ لاَ تَجعَلُوا قَبري عيداً، وصَلُّوا عَلَيَّ، فَإنَّ صَلاَتَكُم تَبلُغُنِي حَيثُ كُنتُم } [رواه أبو داود بإسناد صحيح].
أفضل الأيام يوم الجمعة
وعن أوس بن أوس قال: قال رسولُ الله : { إنَّ مِن أفضَلِ أيَّامِكُم الجُمُعَة، فَأكثِرُوا عَلَيَّ مِنَ الصَّلاة فيه، فَإنَّ صَلاَتَكُم مَعرُوضَةٌ عَلَي }. قال: قالوا: يا رسول الله وكَيفَ تُعرَضُ صَلاَتُنَا عَلَيكَ وَقد أرَمتَ – صرت رميماً؟ قال: يقولُ بَلِيت، قال:{ إنَّ الله حَرَّمَ عَلَى الأرضِ أجسَادَ الأنبِيَاءِ } [رواه أبو داود بإسناد صحيح].
صفة الصلاة عليه
عن أبي حميد الساعدي قال: قالوا: يا رسول الله كيف نصلي عليك؟ قال: { قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمِّد، وَعَلَى أزوَاجه وَذُرِّيَّته كَمَا صَلَّيت عَلَى آل إبرَاهيم، وبارك عَلَى مُحَمَّد، وعَلَى أزوَاجِهِ وَذِّريتِه، كَمَا بَارَكتَ عَلَى آلِ إبرَراهِيم إنَّكَ حَميِد مجيدِّ } [متفق عليه].
حلول الشفاعة يوم القيامة لمن صلى على النبي بعد الآذان وسأل له الوسيلة
وعن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي اللهُ عنهما أنه سمع رسول الله يقول:{ إذَا سَمِعتُمُ المُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثلَ مَايَقُولُ، ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ، فَإنَّه مَن صَلَّى عَلَيَّ صَلاةً صَلَّى الله عَلَيه بهَا عَشْراً، ثُمَّ سَلُوا الله لِيَ الوَسِيلةَ، فَإنَّهَا مَنْزلَة في الْجَنَّةِ لاَ تَنْبَغي إلاَّ لِعَبدٍ مِنْ عِبَادِ الله وَأرْجُو أنْ أكُونَ أنَا هُوَ، فَمَنْ سَألَ لِيَ الْوَسِيلَةَ حَلَّتْ لَهُ الشَّفَاعَة } [رواه مسلم].
مواضع يجب أو يُستحب الصلاة فيها على النبي
1 – الصلاة عليه في آخر التشهد.
2 – الصلاة عليه في التشهد الأول.
3 – الصلاة عليه في آخر القنوت.
4 – الصلاة عليه في صلاة الجنازة بعد التكبيرة الثانية.
5 – الصلاة عليه في الخطب والعيدين والاستسقاء.. الخ.
6 – الصلاة عليه بعد إجابة المؤذن وعند الإقامة.
7 – الصلاة عليه عند الدعاء.
8 – الصلاة عليه عند دخول المسجد والخروج منه.
9 – الصلاة عليه على الصفا والمروة.
10 – الصلاة عليه عند الاجتماع في المجلس وقبل التفرق.
11 – الصلاة عليه عند ذكره.
12 – الصلاة عليه حال الوقوف عند قبره.
13 – الصلاة عليه عند قيام الرجل من نوم الليل.
14 – الصلاة عليه يوم الجمعة وليلتها.
15 – الصلاة عليه عند الهم والشدائد وطلب المغفرة.
16 – الصلاة عليه عند كتابة اسمه.
17 – الصلاة عليه عند إلقاء الدروس والتعليم والتذكير.
18 – الصلاة عليه في كل موطن يُجتمع فيه لذكر الله.
وهناك مواطن أخرى ذكرها ابن القيم في كتابه القيم ( جلاء الأفهام ). راجع هذا الكتاب للإستزادة.
الفوائد والثمرات الحاصلة بالصلاة عليه
1 – امتثال أمر الله سبحانه وتعالى.
2 – موافقته سبحانه في الصلاة عليه وإن اختلفت الصلاتان، فصلاتنا عليه دعاء وسؤال، وصلاة الله عليه ثناءٌ وتشريف.
3 – موافقته الملائكة فيها.
4 – حصول عشر صلوات من الله على المصلى مرة.
5 – أن يرفع له عشر حسنات.
6 – أن يكتب له عشر درجات.
7 – أن يمحي عنه عشر سيئات.
8 – أنها سبب لشفاعته إذا قرنها بسؤال الوسيلة له.
9 – سبب لغفران الذنوب.
10 – سبب لصلاة الله على المصلي، وصلاة ملائكته عليه.
11 – زكاة للمصلي مطهرة له.
12 – سبب لرد النبي الصلاة والسلام على المصلي.
13 – تنفي عن العبد اسم البخل إذا صلّى عليه عند ذكره .
14 – نجاته من الدعاء عليه برغم الأنف إذا تركها عند ذكره .
15 – أداء لأقل القليل من حقه وشكره له على نعمته التي أنعم الله تعالى بها علينا.
16 – متضمنة ذكر الله وشكره، ومعرفة إنعامه على عبيده بإرساله.
وختاماً فليس المقصود من هذه الرسالة ترديد ألفاظ الصلاة والسلام على النبي وإنما الأمر الواجب على كل مسلم ومسلمة المتابعة له في كل أعماله وأقواله وعدم الابتداع فيه، ذلك أن المتابعة له شرط لقبول العمل وإن من محبة الله عز وجل اتباع سنة نبيه كما قال تعالى على لسان النبي : قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فاَتَّبِعُونِي يُحبِبكُمُ اللهُ وَيَغْفِر لَكُم ذُنُوبَكُم وَاللهُ غَفَورٌ رَّحِيمٌ [آل عمران:31]
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
نقلا من الموقع:" "http://www.kalemat.org/sections.php?so=va&aid=410""
شكرا جزيلا و السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته…
أختكم قاسم هبة.