والذي يصحِّح هذا الزهد ثلاثة أشياء:
أحدها: علم العبد أنَّ الدنيا ظلٌّ زائل، وخيال زائر، فهي كما قال تعالى: {كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَكُونُ حُطَاماً} [الحديد : 20]، وسمَّاها الله {مَتَاعُ الْغُرُورِ}، ونهى عن الاغترار بها، وأخبرنا عن سوء عاقبة المغترِّين، وحذَّرنا مثل مصارعهم، وذمَّ رضي بها واطمأنَّ إليها.
الثاني: علمه أنَّ وراءها دارًا أعظم منها قدرًا، وأجلَّ خطرًا، وهي دار البقاء، فالزُّهد فيها لكمال الرغبة فيما هو أعظم منها.
والثالث: معرفته وإيمانه الحق بأنَّ زهده فيها لا يمنعه شيئًا كتب له منها، وأنَّ حرصه عليها لا يجلب له ما لم يُقْضَ له منها، فمتى تيقَّن ذلك؛ ثلج صدره، وعلم أن مضمونه منها سيأتيه.
فهذه الأمور الثلاثة تسهِّل على العبد الزهد في الدنيا، وتثبِّت قدمه في مقامه.
المرجع: موسوعة نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم –صلى الله عليه وسلم